الصيف هو موسم المناسبات والأفراح..والمناسبات الاجتماعية التي ترتبط جميعها بالطعام ..ففي كل فرح في مختلف أنحاء المملكة وهي بالمئات كل ليلة هناك أطنان من الرز واللحم ..وهناك آلاف الأمتار من البوفيهات المفتوحة ..يأكل منها المعازيم قليلاً ثم تترك لترمى في الزبالة...وان كان البعض يحاول أن يتفق مع صالات الأفراح بأن تحول الطعام للجمعيات المحتاجة وهناك الآن من قد يأتي لأخذ الطعام الفائض ...الأهم أنّ أصحاب العرس أو المناسبة يغادرون تاركين وراءهم نعمة طعام لاتقدر وبحاجتها ملايين البشر في دول لاتجد الخبز.. وهي عادة تتكرر على اعتبار أن هذه مسؤولية الفندق أوالصالة في توزيع أو التخلص من الطعام...! من فترة كنت في عزاء في مدينة ما وكان العدد المتبقي لتناول العشاء لايزيد عن ثلاثين سيدة...بينما الطعام يكفي 300 سيدة...4خرفان على عدة صحون رز ولم تأكل الحاضرات إلا قليلاً جداً بحيث ظلت صحون عديدة كماهي...وأثناء ماكنت أنتظر السيارة شاهدت الفتيات يفتحن أكياس الزبالة السوداء ويرمين داخلها الصحون كاملة التي لم يتناول منها إلا عدة ملاعق...حوالي عشرة صحون تكفي مائة شخص فقير وتشبعه...سألت إحداهن : لماذا لاتعطونها للفقراء والمحتاجين؟ أجابت: إن الوقت متأخر وعلى كل حال ملينا من الرز واللحم وعامل النظافة عندمايراها قد يأخذها أو أنني سأطلب من السائق أن يعطيها لعمال لو وجدهم...الفكرة هنا كيف يتناول فقير طعامه من كيس زبالة؟ هذا الهدر المالي والتبذير لنعمة رب العالمين لايقتصر على العزائم وإنما يصل إلى المنازل ...فكثير من العوائل لاتستطيع أن تطبخ طعاماً يكفي الأسرة فقط بل تطبخ بشكل مضاعف وبالتالي يأكل الجميع والزيادة تُرمى...لأن البعض لايحب الطعام البايت أو القديم...نفس الشيء ينطبق على الخبز نشتري الخبز بكل أشكاله ويفترض أن يظل بالفريزر لأيام لكن البعض لايوافق ولايعجبه الخبز القديم..ويقول إن الخبز كله بريال أو ريالين فماالمشكلة ؟ المشكلة أننا نرمي الفائض دون خوف من الله أو إحساس بالألم بأن هناك من هو بحاجة له ....! وتبدو مسألة الهدر في الطعام مسألة عالمية وليست محلية على رغم حرص الغرب على الاقتصاد..ففي جلسة للبرلمان الأوروبي انعقدت في عاصمة البرلمان ستراسبورغ تم التأكيد على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لخفض إهدار الغذاء بحلول عام2025 وكذلك تحسين فرص الحصول على الغداء للمحتاجين من مواطني الاتحاد الأوروبي...! وكما جاء في تقرير البرلمان بأن هناك مايصل إلى 59٪من الطعام الصالح للأكل داخل المنازل والمتاجر والمطاعم الموجودة في الاتحاد مصيرها أكياس القمامة او مايطلق عليه الغذاء المهدور دون أن يستفيد منه آحر يرمى مع القمامة في حين أن 79 مليون نسمة من دول الاتحاد الأوروبي ال 27 يعيشون تحت خط الفقر ويعتمد 16 مليوناً منهم على المساعدات الغذائية من المؤسسات الخيرية...! ويهدر 89 مليون طن من المواد الغذائية بواقع 179 كيلوغراماً لكل شخص في دول الاتحاد سنوياً وقديرتفع الهدرإلى 126 مليون طن في حال التخلف عن اعتماد تدابير فعالة بحلول 2020 وحسب كلام مقرر الاتحاد الأوروبي " ماعدنا قادرين على البقاء مكتوفي الأيدي بينما تهدر المواد الغذائية الصالحة للأكل ...هذه ليست مشكلة أخلاقية فقط ..بل هي أيضاً اقتصادية واجتماعية لها تأثير كبير على البيئة...!!