أجمع باحثون ومختصون أنه منذ الشرارة الأولى لمأساة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي والمملكة تقف جنباً إلى جنب داعمة ومناصرة للحق العروبي والإسلامي في الأرض المقدسة والمسجد الأقصى المبارك، مشددين على أن بلادنا بذلت وتبذل سياسياً واقتصادياً جهوداً لا تكل ولا تمل على مدى سنوات طوال من أجل هذه القضية العادلة، فليس مستغرباً على ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- أن يقف موقفاً مشرفاً صاداً العدوان الأخير عن ثالث الحرمين الشريفين مانعاً إغلاق أبوابه أمام الفلسطينيين وكاسراً قرارات الاحتلال التي فرضت قيوداً مشددة تعيق دخوله أو الصلاة فيه مستخدما -حفظه الله- ثقله ومكانته العالمية حتى يستعيد الأشقاء ولو جزءًا يسيرًا من حقوقهم السليبة. وذكر الباحثون أن المملكة قدمت وبشكل مباشر خلال 25 عاماً فقط أكثر من 50 مليار ريال للشعب الفلسطيني، وهذا الرقم لا يشمل الحملات الشعبية أو الأغذية والأدوية والإعمار أو دعم المنظمات الدولية الإغاثية والإنمائية التي تعمل في الأراضي الفلسطينية وإلا كانت الأرقام فلكية لا يمكن للدول الداعمة مجتمعة أن تصل لهذا الرقم. الداعم القوي وقال أستاذ البحوث والدراسات بالجامعة الإسلامية أ. د. سليمان الرومي: إن القضية الفلسطينية كانت ولا زالت على رأس أولويات المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي كان يثير خلال مراسلاته ولقاءاته برؤساء الدول هذه القضية والحقوق العربية ومنع هجرة اليهود، وهو ما تم بالفعل عند لقائه بالرئيس الأميركي روزفلت، ثم رئيس وزراء بريطانيا تشرشل عام 1364ه والذي قال عن المؤسس: "أصلب وأعند حليف لنا يعارضنا بالنسبة للقضية الفلسطينية"، وفي مؤتمر المائدة المستديرة في لندن عام 1358ه والذي مثل الملك عبدالعزيز فيه الملك فيصل -رحمهما الله- أكدت المملكة حينها الحق الفلسطيني وعروبة فلسطين وعدالة مطالب العرب وكذلك دعم فلسطين مادياً ومعنوياً، حيث قامت المملكة بتأسيس قنصلية لها في القدس عام 1362ه لدعم الشعب الفلسطيني، وتتابع الدعم السعودي للفلسطينيين ومن ذلك مخاطرة المملكة بمصالحها لأجل القضية الفلسطينية عندما قطع الملك فيصل -رحمه الله- البترول عن الغرب في حرب 1973م، ثم مشروع الملك فهد -رحمه الله- للسلام 1982م، والذي وافقت عليه الدول العربية وأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام وبداية تكوين الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، ثم مبادرة الملك عبدالله -رحمه الله- في بيروت لحل النزاع العربي الإسرائيلي 2002م. أرقام فلكية وأضاف د. الرومي: على صعيد الدعم المادي فقد جاوز ما أنفقته المملكة على الشعب الفلسطيني أكثر من 50 مليار ريال خلال ال25 عاماً الماضية بالإضافة للمليارات التي قدمت بواسطة الحملات الشعبية وعبر المنظمات الدولية، فالمملكة هي المبادرة بإنشاء صندوق الانتفاضة عام 2002م والذي خصص لأسر الشهداء وتكفلت المملكة بتمويل 25% منه، وكذلك صندوق الأقصى والذي يستهدف المشروعات التي تحافظ على هوية الأقصى، ومما يبرز الدعم أيضا إعادة إعمار غزة وبناء أكثر من 600 وحدة سكنية بمبلغ 80 مليون دولار، وإعادة إعمار وترميم المنازل المتضررة كما صرح بذلك وزير الأشغال والإسكان الفلسطيني، وهذا غير الدعم الطبي والتعليمي. دعم ومؤازرة وتابع أستاذ البحوث والدراسات بالجامعة الإسلامية: في عهد الملك سلمان -حفظه الله- وعلى الرغم مما استجد من أحداث جسام تهدد المملكة كأطماع إيران وعبثها بالمنطقة وحرب اليمن وفتن التكفير والإرهاب إلا أن المملكة وهي تحارب على جبهات متعددة لم تنشغل عن القضية الفلسطينية بل بقيت على رأس أولوياتها وهذا ما صرح به خادم الحرمين -أيده الله- حينما قال في مؤتمر القمة العربية ال28: "يجب ألا تشغلنا الأحداث الجسيمة التي تمر بها منطقتنا عن تأكيدنا للعالم على مركزية القضية الفلسطينية والسعي لإيجاد حل على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية". ادفع ريالاً وأردف د. الرومي: منذ أن كان خادم الحرمين أميراً للرياض وهو يرأس الكثير من اللجان الداعمة والمهتمة بالشأن الفلسطيني وهو صاحب حملة "ادفع ريالاً تنقذ عربياً" مقابل الحملة الصهيونية آنذاك "ادفع دولاراً تقتل عربياً"، ولذلك لا غرابة أن يُسَخر -حفظه الله- إمكانات المملكة ومكانته الشخصية عند زعماء العالم في التواصل مع قوى التأثير لإعادة الهدوء للمسجد الأقصى وفتحه أمام المصلين والضغط على إسرائيل من أجل ذلك، وهذه الجهود الخيرة التي بذلها الملك -أيده الله- خلال الأسبوعين الماضيين كانت بهدوء ودون ضجيج إعلامي حيث أثمرت إلى هذه النتيجة التي تشرف كل سعودي يعتز بمكانة بلاده في مقابل القوى التي تدعي دعم القضية الفلسطينية وهي تتاجر بها إعلامياً للهروب من مشاكلها الداخلية. جهود ضخمة وقال أستاذ الإعلام الأمني د. بركة الحوشان: تعد المملكة الداعم والمناصر الأول للقضية الفلسطينية وعلى جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية وغيرها، يعرف ذلك كل منصف ومتابع وهذه الجهود ليست وليدة اليوم بل هي منذ تأسيس بلادنا على يد الموحد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وحتى عهد ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي سيسجل له التاريخ بمداد من ذهب جهوده العظيمة التي أعادت فتح أبواب الأقصى وأسفرت عن إلغاء القيود التي فرضها الاحتلال ضد أشقائنا الفلسطينيين. وأضاف: بكل أسف جهود المملكة إعلامياً على مستوى الخارج متواضعة جداً في مؤازاة جهودها الضخمة في دعم القضية الأولى للعرب والمسلمين ويثبت ذلك أننا وفي محيطنا العربي مثلا لم نبرز بصورتنا الحقيقية مما يثير شكوك البعض أحياناً تجاه الدور الذي تقوم به دولة بحجم ومكانة بلادنا، فنحن نقدم الكثير ونعمل بجهد مضاعف ولكننا لا نعلن عن ذلك!، وهذا يستوجب تركيزاً أكبر على الإعلام الخارجي والوكالات العالمية التي تعد مصدراً للأخبار، وتدشين المعارض الدولية لتلك الجهود والإفادة من سفارات بلادنا في شتى دول العالم لوضع إستراتيجية إعلامية تعرف الجميع بأنه لا توجد دولة تقدم ولو جزءاً يسيراً مما تقدمه المملكة لفلسطين. عقيدة وضمير من جهته، أكد الباحث والإعلامي فلاح بن دخيل الله الجهني، أن موقف المملكة منذ عهد المؤسس العظيم -رحمه الله- ثابت لا يتغير لأن القضية الفلسطينية بالنسبة لملوك المملكة عقيدة وضمير وانتماء، وكم بذلوا من دعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وبناء دولته المستقلة من خلال المشاركة في المحافل والملتقيات والمؤتمرات العالمية بدءًا بمؤتمر مدريد وانتهاء بخارطة الطريق ومبادرة السلام التي تبنتها الدول العربية في قمة بيروت 2002م لحل فتيل النزاع والدفع بحلول تضمن الأمن والاستقرار والعدالة، وكم احتجت المملكة بصوت عال ومسموع مدينةً جملة من جرائم الاحتلال بما فيها الجدار العازل الذي ضم أراضٍ عربية واسعة. وأضاف: أما فيما يخص الدعم المادي فقد قدمت المملكة تبرعات سخية بمليارات الدولارات كما أنها خصصت دعما شهريا للانتفاضة الفلسطينية وقدمت الملايين لشراء الأدوية والمعدات والطبية والأغذية للفلسطينيين ومولت البرامج الإنمائية صحيا وتعليميا وإسكانيا وأوفت بجميع التزاماتها المالية لدعم السلطة الفلسطينية وأسست صندوقي الأقصى والانتفاضة، كما اهتمت بقضية اللاجئين وقدمت المعونات والمساعدات لهم بشكل مباشر أو عبر الوكالات والمنظمات الدولية. وتابع: لقد كان الملك سلمان -أيده الله- معاصرا طيلة حياته للتطورات السياسية الدولية الخاصة بقضية فلسطين حريصا كل الحرص على الاستمرار في دعم الثوابت وترسيخها وإعطائها بعداً شمولياً لا يتزعزع، تحقيقا للسلام والعدالة ساعيا -حفظه الله- أن تظل هذه القضية مطروحة أمام الضمير العالمي، إرساء لقواعد النضال والكفاح للشعب المظلوم حتى يستعيد كافة حقوقه المشروعة. د. بركة الحوشان فلاح الجهني