ليس جديداً أن ترتكب قناة "الجزيرة" انتهاكات فادحة في حق المهنية الإعلامية، فقد عرفت منذ بداياتها بالنهج العاطفي الذي يعتسف الحقائق ويوجهها لخدمة الأيدلوجيا المتطرفة التي تتبناها حكومة قطر. والشواهد على هذه الانتهاكات كثيرة، وأكبر من أن تحصى، وآخرها كان خطؤها الفادح في بث فيديو قديم للزميل الإعلامي مشعل العنزي ونسبته لمعالي الوزير سعود القحطاني المستشار في الديوان الملكي والمشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية، في سقطةٍ لا تعبر إلا عن حجم الارتباك الذي تعانيه القناة القطرية. الفيديو الذي بثته "الجزيرة" معروف ومنتشر منذ سنوات في اليوتيوب وغيره من المواقع، وتحدث عنه الزميل العنزي كثيراً وفي مناسبات عدة، وأقل مجهود مهني كان سيكشف للقناة حقيقته، لكنها لم تبذل أدنى جهد وبثت الفيديو مباشرة مدفوعة بحقدها على شخص معالي الوزير سعود القحطاني الذي أعماها عن رؤية الحقيقة الصارخة وجعلها تتجاهل أهم مرتكزات المهنية الإعلامية ألا وهي التحقق من المعلومة قبل النشر. إذا كانت الجزيرة قد أخطأت في فيديو واضح مثل هذا فكيف سيثق المشاهد في بقية أخبارها، خاصة الأخبار المهمة المتعلقة بأمن دول المنطقة؟ لقد كشف بثها لهذا الفيديو طريقة تعاطي إدارة تحرير القناة مع العمل الإعلامي حيث اتضح أنها تعمل وفق أجندة "عاطفية" ضيقة، وأنها مستعدة لبث أي خبر وأي معلومة تخدم أهدافها دون تثبت ودون تأكد من صحة هذه المعلومة. وليس فيديو الزميل العنزي إلا نقطة في بحر انتهاكاتها السافرة للمعايير الإعلامية المتفق عليها، وليس إلا حلقة ضمن سلسلة سقطاتها المهنية المدوية. الارتباك الذي تعانيه قناة الجزيرة جاء على وقع المقاطعة العربية للحكومة القطرية الداعمة للإرهاب، ونتيجة للضغط الشعبي الهائل الذي تعرضت له القناة منذ أن تكشف للناس حجم تضليلها الإعلامي ودورها في إثارة الفتنة في أكثر من بلد عربي، وكان السعوديون في مقدمة هذه الكتلة الشعبية الضاغطة، حيث كشفوا بتغريداتهم في "تويتر" أخطاء قناة الجزيرة ورصدوا مغالطاتها وتجاوزاتها أولاً بأول، وخبراً بخبر، حتى فقدت صوابها وزادت وتيرة أخطائها إلى أن أصبحت واضحة وضوح الشمس، وجاء فيديو الزميل العنزي ليُزيل القشة الأخيرة التي كانت تستر عورتها. سعود القحطاني