العيد في نظر كثير من المسلمين مرادف للسعادة والحب والصفاء وتجديد التواصل مع الآخرين، ولا شك أن أيام الأعياد أيام جميلة يتوقع فيها المرء حدوث جميع هذه الأمور، لكن الشعراء يفضلون دائماً التعبير عن مناسبة العيد من جوانب مختلفة ومتنوعة، ولكل شاعر رؤيته الخاصة التي تدفعه لكتابة مشاعره في العيد بشكل يحاول أن يكون مختلفاً عن سائر الشعراء. من أكثر الأفكار المرتبطة بالعيد إلحاحاً على الشعراء فكرة اختلاف الإحساس بالعيد بعد التقدم في السن، وتجاوز مراحل الطفولة والصبا، وفي البيتين التاليين يتساءل الشاعر ثامر شبيب عن سر غياب الفرحة التي كان حضورها ملازماً لحضور العيد، يقول: يا فرحة العيد القديمه فقدناك أيام نفرح بالثياب الجديدة يمكن عشان إنّا كبرنا نسيناك ويمكن عشان اللي مضى من يعيده؟ وللشاعر وصل العطياني قصيدة طويلة ورائعة يتحدّث فيها عن سبب مهم من أسباب خفوت فرحة العيد وتلاشي مشاعر جميلة كانت تأتي برفقته، إذ يرى أن العيد تحوّل عند البعض إلى يوم لا يختلف عن بقية الأيام، فكثير من الناس يلبسون فيه قناع المجاملة ويؤدون مشهداً تمثيلياً يحرصون فيه على الاهتمام بمظهرهم الخارجي أكثر من اهتمامهم بتغيير دواخلهم واستشعار المعاني الحقيقية للعيد، يقول العطياني في بعض أبيات القصيدة: ملابس العيد يوم العيد مطلوبة غترة وثوبٍ جديد وبشت وعقالي كلٍ تلبّس وجاك يمسّس جنوبه مشتال سبحة ونظارة وجوالي ما غير موضات والموضات مرغوبة والاّ الحقايق تراها عكس الأشكالي لو كل واحد تعابيره على ثوبه تشوف لك شيء ما يخطر على البالي كم ناس تلبس ثياب العيد مقلوبة تعبير عن ما نعيشه وقتنا الحالي ما عاد للعيد فرحة عندنا نوبة ما عاد له فرحة الاّ عند الأطفالي الناس صارت تجي للعيد مغصوبة ولا يعايدك غير الصاحب الغالي عايدك ثم حكّ عرقوبه بعرقوبه سلام وإلى اللقا فالمشهد التالي وبعد أن صوّر الشاعر بدقة المشهد الذي أصبح عليه العيد في أيامنا هذه يطرح تساؤلات عديدة عن أسباب غياب مفهوم المحبة من قاموس الأجيال الجديدة في مقابل حضور مفهوم البغض الذي انتشر، وساهم بشكل واضح في اختلاف إحساسنا بهذه المناسبة: ليش المحبّة من القاموس مشطوبة ليش التباغض وليش القيل والقالي الطِّيب مرضان والرفقة في غيبوبة ما خلّت أجيال أبويه شيء لأجيالي وإن صار جيلي هذا ممشاه وأسلوبه لا والله العلم كيف أوصّي عيالي؟! في الماضي كانت فرحة العيد حاضرة بقوة رغم بساطة حياة الناس وعدم تكلفهم في اللباس والمظهر، واليوم تغيب عن الكثيرين بسبب تكلفهم في مظاهرهم، وفي تجديد ملابسهم على حساب الصدق في رغبة تجديد العلاقات وترميمها بالحب والمودة، ومن الأبيات الجميلة التي تدعو إلى استغلال مناسبة العيد في وصل حبال العلاقات المقطوعة أبيات يقول فيها الشاعر مشعل بن فالح الذيابي: كم واحدٍ بعد اختلفنا هجرناه وليا تقابلنا امتعض وامتعضنا واليوم حال القبر من دون لقياه ورغم الندم من ما مضى ما اتعضنا العيد فرصة ناصل اللي قطعناه قدام يقطعنا الزمن من بعضنا العيد ليس فقط فرصة -ربما تكون الأخيرة- لإعادة العلاقات مع من لدينا رغبة في التواصل معهم، بل هو من أجمل وأنسب الفرص التي ينبغي على المسلم استغلالها في القيام بأي عمل جيد يساهم في إسعاد الآخرين وتغيير واقعهم إلى الأفضل، وهو كذلك أنسب فرصة لكي يتناسى -ولو بشكل مؤقت- جميع الأحزان والأحقاد والمشاعر السلبية. وصل العطياني ثامر شبيب