يتناول بعض الإعلاميين العرب القضايا العربية منطلقين من منطلقات لا تأخذ في الاعتبار المصلحة العامة للوطن العربي. ويذهبون في التحليل السياسي إلى البحث عن المكاسب الضيقة ويستغلون القضايا العربية لتحقيق مكاسب شخصية. يمكن تصنيف هذا النوع من الإعلام بأنه إعلام تجاري بلا مبادئ، ونتيجة لذلك فهو إعلام يفتقد إلى المصداقية والمهنية ويحترف قلب الحقائق والبحث عن الإثارة حتى لو أدت إلى إحداث خلافات بين الدول. ينتمي إلى هذا الإعلام كتابات صحفية من النوع الذي يكتبه الصحفي عبدالباري عطوان. هذا الكاتب لديه رأي جاهز يطرحه في كل قضية حتى لو كانت قضية تتعلق بغزو المريخ. هذا الرأي الجاهز هو رأي عدائي تجاه المملكة العربية السعودية يطرحه الكاتب بمناسبة وبدون مناسبة. وهو رأي يغلفه بالمزايدات والشعارات منطلقا من لعبة خداع البسطاء بثقافة (الموت لأميركا) مستغلا القضية الفلسطينية منحازا إلى شعارات الممانعة والمقاومة التي لم تطلق رصاصة واحدة لتحرير الجولان، لكنها وجهت أسلحتها إلى بلد عربي مجاور هو لبنان. كاتب لا يجد أي حرج أن يحصر كل مشكلات الكرة الأرضية وينسب أسبابها إلى المملكة. كاتب يتفرج بصمت على توغل إيران في سورية ولبنان والعراق، ولا يرى مشكلة أن يتحول اليمن أيضا إلى مستعمرة إيرانية لأن إيران سوف تحرر فلسطين عن طريق اليمن!! هل هذا الكاتب مخدوع بالشعارات والخطابات الثورية مثلما انخدع الكثير من البسطاء؟ هل يجهل مصير الدول التي رفعت الشعارات القومية على حساب مشاريع التنمية، وبناء الدولة المدنية؟ هل يجهل أن تلك الشعارات كانت مجرد شعارات؟ هل يجهل أن الدول التي يهاجمها اتجهت للتنمية، إلى جانب مساندتها الدائمة للقضية العربية المحورية (قضية فلسطين). هل يجهل هذا الكاتب أن المملكة بشهادة الفلسطينيين أنفسهم هي البلد الوحيد الأكثر استمرارا والتزاما بدعم فلسطين؟ هو لا يجهل ذلك ولكنه يتجاهل لخدمة أهداف خاصة به لكنها لا تخدم العمل العربي، والتضامن العربي، والقضايا العربية. أما في قضية اليمن فهذا الكاتب غير المهني يعرف جيدا أن جماعة الحوثيين مدعومة من إيران وأنها ستكون نسخة من حزب الله في لبنان وأنها رفضت الحوار، وانقلبت على الحكومة الشرعية، ويعرف أن علي عبدالله صالح خان بلاده من أجل أن يعود إلى السلطة، ويعرف القرارات التي أصدرها مجلس الأمن بشأن اليمن ومنها القرار (2216)، وأن الحكومة الشرعية هي التي طلبت مساعدة دول الخليج وتدخلها بكافة الوسائل بما في ذلك التدخل العسكري. كل ذلك يعرفه الكاتب ولكنه مبرمج بفعل فاعل على الوقوف ضد سياسة السعودية ومصالحها مهما كانت الظروف حتى لو كانت تدافع عن أمنها وحدودها وأمن واستقرار الوطن العربي. هذا الكاتب وغيره من الكتاب الذين يسيرون على نهجه يعرفون الحقائق المؤلمة في واقع سورية والعراق ولبنان واليمن لكنهم يتجاهلونها، ولا يكتفون بذلك بل يخترعون أوهاما يسمونها حقائق لخداع المتلقي العربي المحبط الجاهز لتقبل الشعارات والإشاعات. إن تاريخ المملكة يشهد بأنها دولة سلام ولا تسعى للحروب؛ ولكن حين يدق الخطر أبوابها وأبواب محيطها العربي فمن حقها وواجبها أن تدافع عن نفسها وعن وحدة الوطن العربي وأمنه واستقراره وأن تقوده في طريق العلوم والتنمية وليس طريق الخطابات الإنشائية والشعارات الثورية الخادعة التي قادت إلى الأوضاع المتردية التي يعيشها العالم العربي منذ عقود، والتي يتجاهلها إعلاميون بلا مبادئ.