إن استضافة المملكة للقمة الخليجية والعربية الإسلامية في الرياض والقرارات التي صدرت منها دليل على مكانة المملكة دون شك، لكن ما مصدر هذه المكانة؟ عند قراءة سيرة القياديين الكبار نجد أن العامل المشترك بينهم وجود مبادئ راسخة يؤمنون بها وتنطبع بها جميع قراراتهم حتى في أحلك الظروف. ولا يختلف ذلك عند النظر إلى الصفات القيادية التي تتمتع بها الدول. ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم رسوخ مكانة المملكة في العالم الذي دل عليه زيارة الرئيس الأميركي وانعقاد القمم الثلاث في الرياض. المبادئ الراسخة التي قامت عليها المملكة هي التي أكسبتها احترام العالم على مر العقود منذ قيامها. والعالم العربي والإسلامي اليوم في ظل الفراغ السياسي الذي خلفته ظروف المنطقة بحاجة إلى قيادة رشيدة تخرج المنطقة من أزمتها. والقمم التي ترعاها المملكة في الرياض ليست سوى اتفاق عملي على قدرة المملكة على القيادة نتيجة للمقومات التي تمتلكها وأهمها أنها دولة ذات مبدأ واضح. المبدأ الواضح من أهم عناصر القيادة يمكن تلخيصها في سببين؛ أولا: وضوح الرؤية لمتخذ القرار حول المواقف والقرارات التي عليه اتخاذها مما يضفي على هذه المواقف والقرارات سمة التجانس والتكامل. فلا تجد تناقضا في القرارات أو تقلبا في المواقف مما يسمح بمواصلة السير نحو تحقيق الأهداف التي ترسمها الدولة لنفسها وتشرك في تحقيقها الآخرين. وخير مثال على وضوح الأهداف رؤية 2030 التي وضعت برنامجا واضح المعالم داخليا وخارجيا. فالجميع اليوم يعرف برنامج المملكة التنموي والأسس التي يقوم عليها ويستطيع من شاء أن يجد لنفسه مكانا ضمن هذه الرؤية للعمل مع المملكة لتحقيقها.. السبب الآخر: أن المبادئ الواضحة تجبر الآخرين على احترام خياراتك ومواقفك والبحث بالضرورة عن خيارات التعاون المشترك بما يتسق مع هذه المبادئ. هكذا تصبح المبادئ منبع قوة ذاتية تتطلب الإيمان الصادق بها والالتزام بتطبيقها. والمتابع للإعلام الخارجي الذي يحاول رسم صورة سيئة عن المملكة، يجد أن موقف المملكة رغم هذه الحملات يزداد قوة مع الوقت عكس ما يتمناه الواقفون وراء هذه الحملات. ومن جهة أخرى يجد السياسيون وضوح المواقف والثبات عليها وسيلة مهمة لجميع الأطراف لفهم المصالح المشتركة والعمل على تعزيزها. من أجل ذلك، أدركت القيادة الأميركية الجديدة وفي فترة وجيزة أن المملكة وقيادتها الشريك المناسب الذي يتفق الجميع على منطلقاتها ودورها الفعال في حل القضايا السياسية الشائكة في المنطقة. هكذا أصبحت المملكة الطرف الثابت في معادلة القيادة العالمية.