الرحيل .... سنة الله في الخلق التي لا راد لها. رحل ملك الصحافة وسلطان القلم صحافي الأجيال استاذنا القدير العملاق تركي السديري. تتسابق الأفكار وتزدحم المشاعر فما عسى القلم ان يكتب في حق من علمنا الكتابة الصحفية وسطر على مدى أكثر من نصف قرن بقلمه الرشيق وفكره الانيق آلاف المقالات التي كانت بالنسبة لعشاق بلاط صاحبة الجلالة الصحافة مدارس إبداعية ومهنية وفكرية تدرجنا بين حروفها وجملها ومقالاتها التي سطرها " الأستاذ " كما كان يحلو لنا ان نطلق عليه ونحن في حضرة مؤسسة اليمامة الصحفية التي احتضنت بداياتي الأولى من خلال مجلة اليمامة العتيدة. ولن اضيف جديدا ان قلت ان الراحل الكبير وبالرغم من هيبته المهنية التي كنا نقف امامها اجلالا واحتراما وتلمذة فنحن في حضرة الأستاذ الا انه كان يفاجئنا – يرحمه الله – بتواضعه الجم وطيب معشره وهدوئه وحتى في رحيله فقد رحل في صمت وهدوء فجعل من الرحيل سكونا فكان رحيل السكون. حتى أنك عندما تقف للتحدث معه يبدأك بابتسامة ويقدم لك الرأي إذا كنت تقدمت منه لطلب التوجيه او الرأي بقلب الأستاذ الكبير والمعلم والصحفي الذي سطر تاريخه المهني الحافل لقاءات وحوارات مع عدد كبير من ساسة العالم وقادة الدول إلا انه عندما نلتقي في صالة التحرير نجد اننا أمام أخ كبير واستاذ قدير وصحفي أقل ما يوصف به انه صاحب قلم عريق . اما إن تحدثنا عن مقاله اليومي الشهير الذي يحمل عنوان " لقاء " وهو العمود الصحفي الأطول عمرا في الصحافة السعودية اذ تجاوز عمره الخمسين عاما، وهو الأكثر رصدا لقراءة تحولات المجتمع السعودي. اننا أمام قامة عملاقة تحتاج إلى مقالات ودراسات لتكتشف الملامح الابداعية لصحفي الاجيال تركي السديري – يرحمه الله – وإذا كان هول الفاجعة قد ألجم القلم عن الكتابة والفكر عن الاستفاضة والمساحة عن الإطالة فعزائي الوحيد وهو عزاء كل أبناء هذه المهنة الوقورة أن استاذنا وكبيرنا ملك الصحافة قد خلد لنا إرثا ثقافيا ومهنيا وابداعيا سيظل نبراس الدروب لعشق مهنة القلم والابداع والصحافة في رحلتنا للبحث عن الحقيقة. ولم يحتكر تركي السديري المهنة بل حرص على تشجيع الشباب على العمل الصحفي وحرص على استقطاب الكثيرين منهم وحتى من خلال اقسام الاعلام في الجامعات السعودية إيمانا منه بأهمية الجانب الأكاديمي في صقل المهارات الابداعية والمواهب الشابة وليس هذا فحسب بل حرص على ان يتولى الشباب سدة القيادة في صناعة العمل الصحفي حتى باتت جريدة الرياض تزخر اليوم بالعديد والعديد من شباب الصحافة الذين تمرسوا في المهنة على يديه – برحمه الله – وقبل الختام وحتى يبقى تركي السديري حيا في الأذهان أدعو مؤسسة اليمامة الصحفية إلى إنشاء "أكاديمية تركي السديري للصحافة التطبيقية " لتدريب الاجيال من صحافيي المستقبل على مدرسة تركي السديري المهنية. واتقدم ختاما إلى إخواني واصدقائي وجميع الاسرة الاعلامية بأحر التعازي في رحيل صحافي الاجيال ملك الصحافة السعودية سائلا الله تعالى ان يتغمده بواسع رحمته وعظيم غفرانه وان يسكنه فسيح جناته "إنا لله وإنا إليه راجعون". * إعلامي وقاص عماد العبد الرحمن