أكد كتاب ومثقفون خسارة المشهد الإعلامي لواحد من أبرز رموزه وأكثرهم بلورة لملامحه، برحيل الكاتب الصحافي والإعلامي رئيس تحرير الزميلة «الرياض» سابقاً، مشددين على أن الراحل أخذ الإعلام السعودي إلى محطات متقدمة، جعلته ينافس الإعلام الخليجي والعربي. ووصف هؤلاء ل«الحياة» في شهادات حول الراحل رحيل السديري، الذي أفنى شطراً كبيراً من حياته في الصحافة، بوداع زمن مهم من أزمنة الإعلام السعودي. ودعا بعض هؤلاء إلى كتابة سيرته ونشر ما يرسخ أهميته لدى الأجيال الجديدة ويؤكد الدور الحيوي والأساس الذي لعبه الراحل في مجال الإعلام والصحافة. واعتبروه معلم الأجيال وقائد العمل الصحافي السعودي وصحافياً مثيراً للجدل، فهو - بحسب تعليقهم - يحمل رؤية تميزه، وليس من الضروري أن يتفق معه الجميع فيها. وتذكروا «ملك الصحافة» اللقب الذي أطلقه عليه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، مؤكدين جدارته لهذا اللقب. فإلى شهادات الكتاب والمثقفين: سعد البازعي: قائد العمل الصحافي السعودي برحيل رئيس تحرير صحيفة الرياض سابقاً تركي بن عبدالله السديري ورئيس هيئة الصحافيين تفقد الممكلة علماً من أعلام الإعلام السعودي، رجل ترك أثره في مسيرة الإعلام وأجيال من الصحافيين الذين تعلموا في مدرسة الرياض أو مؤسسة اليمامة الصحافية بشكل عام. عرفت أبا عبدالله عن قُرب حين انضممت - ولفترة بسيطة - إلى أسرة الرياض كاتباً متعاوناً في القسم الثقافي في صحيفة الرياض أواسط الثمانينات، ثم مشرفاً على تحرير صحيفة الرياض ديلي، وبعد ذلك وعلى مدى سنوات كاتباً في الصحيفة، ولكن قبل ذلك وبعده ربطتني بتركي السديري معرفة شخصية بعضها أسري بحكم القرب وبعضها بحكم الاهتمام المشترك بوضع الإعلام والثقافة في المملكة،\. لكن تركي السديري كان مرتبطاً بالكثيرين على المستوى الأخير، إذ كان وعلى مدى عقود أحد أهم قادة الإعلام السعودي والرجل الذي يُشار إليه أولاً حين تُذكر الصحافة السعودية، كنت حاضراً في مجلس الملك عبدالله رحمه الله حين أطلق عليه لقب ملك الصحافة وذلك في حضرة عدد كبير من رؤساء التحرير والمثقفين الذين شاركوا في كتابة مواد كتاب «ديبلوماسية القمة» الذي سجل رحلات المل (عندئذ أميراً) عبدالله إلى عدد من دول العالم، وتشرفت بتحرير الكتاب. وما قاله الملك عبدالله عن تركي السديري لم يكن غريباً لأن الرجل كان الأبرز بين زملائه بلا منازع لقيادته صحيفة يعدها كثيرون – لاسيما الدوائر العالمية – الصحيفة السعودية ذات الموقع المركزي على خريطة الصحافة. نعم هناك الكثيرون الذين اختلفوا مع تركي رحمه الله وأنا أحدهم لكن ذلك كان سمة الرجل المثير للجدل، الرجل والكاتب الذي يحمل رؤية تميزه والذي ليس من الضروري أن يتفق معه الجميع فيها، لكن من الصعب أن يقول أحد عن تركي السديري إنه لم يكن قائد العمل الصحافي السعودي ولفترة طويلة من الزمن رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عنا خيراً. أحمد الدويحي: معلم الأجيال رحم الله أستاذنا وأستاذ أجيال من الصحافيين المعلم الكبير تركي بن عبدالله السديري، إذ عرفته في بلاط صاحبة الجلالة منذ وقت باكر في حياتي المهنية، وتعلمت منه أشياء كثيرة لا تحصى، تركي السديري أو (أبا عبد الله) كما يتفق على مناداته، مدرسة كبيرة ومعلم كبير استطاع أن يصل بصحيفة الرياض التي منحها كل عمره وعصارة فكره إلى ما هي عليه، ونقلها من مكان إلى آخر ومن أربع صفحات إلى 40 صفحة في 40 سنة، كان فيها الموجه والمعلم لأجيال عبرت هذا العالم الكتابي في كل المراحل، عشت قريباً منه عقدين من الزمن وعرفت في شخصيته مساحة هائلة، تتوزع بين الشدة في الكمال والإنسانية الشاسعة في كل الأحوال، قصص ومواقف كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكنها ستظل دروساً ونبراساً يقتدى بها، رحم الله الأستاذ الكبير وغفر له، وخالص العزاء لذويه ومحبيه وطلابه في كل مكان. خالد السلمان: علامة فارقة رحم الله تركي السديري، إذ كان إحدى العلامات الفارقة في تاريخ الصحافة السعودية المعاصرة، ونجح في قيادة صحيفته لتتبوأ مكانة متقدمة بين الصحف المحلية. والأكيد أنه مثل مدرسة صحافية مثلت منهجه بكل ايجابياتها وسلبياتها ستبقى جزءاً من تاريخ الصحافة السعودية للدارسين والباحثين. لا أملك سوى تعزية الوسط الإعلامي السعودي بالفقيد الكبير وتعزية خاصة لأسرته الكريمة. محمد عزيز العرفج: جرأة الطرح كان أبو عبدالله رحمه الله عاشقاً للصحافة وابناً باراً لها، عمل فيها منذ بداياتها في مختلف الأقسام واستطاع أن يصقل تجربته من الصحافة الرياضية حتى رئاسة التحرير، وتميز بجرأته في الطرح، وتكبده عناء ذلك، كما أنه قام بتطوير موارده الثقافية والمعرفية حتى وصل إلى ما وصل إليه واجهة للصحافة العربية، ومن أهم وأبرز أسمائها ورمز من رموز صاحبة الجلالة، ووجوده على سدة رئاسة صحيفة مهمة أعطى بعداً استراتيجياً للصحافة. هو من الأسماء التي تلهم الأجيال ومدرسة من مدارس الحياة الصحافية والثقافة والإعلام. عبدالمجيد الزهراني: وداع زمن مهم أعتقد أن رحيل تركي السديري رحمه الله هو بمثابة توديع زمن مهم من أزمنة الاعلام السعودي، فهو كبير الصحافيين، وهو قائد الرعيل الأول من الصحافيين القدامى وذوي الخبرة والمهنية. لا يمكن ان يلوح اسم صحيفة الرياض في البال من دون ان ترتسم ملامح تركي السديري أمامك، وهو الذي تسنّم رئاسة تحريرها لأكثر من 40 عاماً. 40 عاماً ويزيد، وهو يقود دفة الصحيفة الرسمية المهمة، دون كلل أو حتى ملل، وهذا في ظني يعود الى أن أمثال تركي السديري لم تكن الصحافة بالنسبة لهم مجرد وظيفة، وانما عشق وهواية وحياة كاملة. لا نقول الا رحم الله رائد الصحافة السعودية، ونُهيب بمحبيه ان يدوّنوا سيرته ومسيرته المهنية الطويلة، حتى يتسنى لنا ولمن يأتي من بعدنا، قراءة شخصية السديري ومهنيته وحتى ذكرياته التي بالتأكيد ستكون حافلة بالكثير من المعلومات والاحداث والمواقف والشخوص. خالد الرفاعي: قواعد إدارية وتحريرية الحديث عن تركي السديري، رحمه الله، حديث عن الجزء الأهم من تاريخ الصحافة في بلادنا بكلّ ما لها وما عليها، أهداها كل عمره تقريباً، وخرج منها بالكثير من الأسئلة والإجابات. حمل السديري بين جنبيه روحاً مسكونة بالهمّ الصحافي، وظلّ إلى آخر يوم في عمره مخلصاً لهذا الهمّ، حتى حين استقال ليكسب الهدوء والراحة قطع على نفسه عهداً بأن يظلّ مرتبطاً بالصحيفة، لا بالمتابعة من بعيد، بل بزيارتها يومياً، والمساهمة في عملية تطويرها. هذه الروح هي التي مكّنته من النجاح في بناء صحيفة قوية، لها بنيتها التحتية المميزة، وفريقها المؤهّل، وكتّابها المتميزون.. استطاع السديري تكثيف تجربته الصحافية في قواعد إدارية وتحريرية محدّدة، يعرفها كل الذين عملوا معه، ومنح العمل الصحافي في السنوات ال10 الأخيرة قيمة ثقافية، تجلى طرف منها في إتاحة المجال للأفكار الجديدة، المختلفة مع السائد والنمطي، وخلْق مناخ مناسب لمناقشة كثير من المفاهيم التي كانت بمرتبة المقدّس من فرط ما حُصّنت ضدّ الطرح المختلف؛ الأمر الذي جعل الصحافة داعماً رئيساً للتنمية التي شهدتها بلادنا في الطفرة الأخيرة. الحديث عن السديري هو حديث بالضرورة عن التنوير في السياق الثقافي، وعن الإدارة في السياق الإداري الصحافي، وعن الهمّ الوطني بكامل تفاصيله، وهو من قبل ومن بعد حديث عن الجزء الأهم من تاريخ الصحافة السعودية. كلي أمل بأن نقرأ في الأيام المقبلة أبحاثاً ومقالات تسلّط الضوءَ على هذه الجوانب المهمة. وأبعث، من خلال «الحياة»، تعزيتي الصادقة لأهله ومحبيه خاصة وللوطن عامة، وأسأل الله أن يتغمّده برحمته الواسعة.