تعد القرينة هي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئا خفيا فتدل عليه، قال تعالى «إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين»، فقد جعل الخالق سبحانه للحق علامات تدل عليه واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده العلامات في الأحكام وجعلوها مبينة لها، لقوله صلى الله عليه وسلم (الولد للفراش) إذ جعل الفراش قرينة لإثبات النسب، قال ابن القيم رحمه الله: (ومن أهدر الأمارات والعلامات في الشرع بالكلية فقد عطل كثيرا من الأحكام ووضع كثيرا من الحقوق). وتعتبر القرائن إحدى وسائل مكافحة الجريمة خاصة بعد تطور أساليب الجناة في محاولة الهروب من قبضة العدالة، حيث حرصت الكثير من الدول على الاستفادة مما يعرف بالقرائن الحديثة مثل نتائج المختبرات والأدلة الجنائية والطب الشرعي وغيرها، حيث تعمل الأجهزة الأمنية على تتبع هذه القرائن للوصول للجناة ومواجهتهم بالتهم المنسوبة إليهم، ومتى اكتملت شرائط القرينة وتم إثبات الواقعة ولم يفلح من قامت في مواجهته من إثبات عكسها كانت للقرينة حجيتها الملزمة. والقرينة القطعية تعد بينة مثل حمل المرأة من الزنا، وإذا كانت القرينة غير قطعية فتعد دليلا مرجحا إذا اقتنع بها القاضي، وتنص المادة السادسة والخمسون بعد المئة من نظام المرافعات الشرعية على أنه يجوز للقاضي أن يستنتج قرينة أو أكثر من وقائع الدعوى أو مناقشة الخصوم أو الشهود لتكون مستندا لحكمه أو ليكمل بها دليلا ناقصا ثبت لديه ليكون بها اقتناعه بثبوت الحق لإصدار الحكم، ويجوز لكل من الخصوم إثبات ما يخالف القرينة التي استنتجها القاضي، ويعتبر حيازة المنقول قرينة بسيطة على ملكية الحائز ما لم يثبت خلافها، ويرى بعض الفقهاء عدم جواز الحكم بالقرينة في الحدود لأنها مبنية على الستر فتدرأ بالشبهات، ويحكم بالقرائن القوية عند عدم وجود البينة في الحقوق الخاصة. ونخلص إلى أن القرينة ليست دليلا مباشرا في الإثبات وإنما تقوم على استنباط واقعة مجهولة من واقعة ثابتة ومعروفة، وتقسم القرائن في بعض الأنظمة العدلية إلى قرينة قانونية نص عليها القانون لمنع التحايل على النظام وتعفي هذه القرينة من تقررت لمصلحته عن أي بينة أخرى، ويجوز نقضها بإثبات العكس والقرينة القانونية غالبا ما تأتي في صيغة عامة مجردة قد لا تنطبق على كل حالة بذاتها، والقرائن القضائية التي يستنبطها القاضي من وقائع الدعوى ومسلك الخصوم قد تكون لها دلالة معينة في الإثبات في كل دعوى بعينها، وتفقد القرينة دورها في الإثبات إذا قدم ما يثبت بطلانها.