يموت البشر بطرق كثيرة أهمها القلب والسرطان وحوادث السيارات.. نعرف الكثير عن حوادث السيارات، وأمراض القلب، ولكننا نجهل حقائق مهمة عن السرطان.. مهمتي الأساسية في هذا المقال لن تكون الحديث عن أسبابه، وطرق علاجه، والوقاية منه، بل عن ضرورة تثقيف نفسك حوله.. والسرطان -كما يعرف معظمنا- نمو غير منضبط لخلايا الجسم.. حين تجرح يدك تنمو خلايا الجلد حتى تغطي الجرح ثم تتوقف بنفسها (حين يتصل الطرفان) وتعود يدك لسابق عهدها.. ولكن تخيل أن خلايا جلدك استمرت في النمو بلا توقف، عندها ستتراكم الخلايا وتنمو كورم ضخم، قد لا يكون حميداً بالضرورة.. والأسوأ من نموها، قدرتها على قتل الخلايا السليمة والانتشار إلى مواقع أخرى في الجسم.. ولهذا السبب يمكن القول إن الخلايا السرطانية خلايا غازية لا تشيخ، ولا تموت، حتى يموت الجسم نفسه.. ورغم أن علاج السرطان ليس مستحيلاً (خصوصاً هذه الأيام) إلا أن صعوبة اكتشافه تقلل من فرص علاجه في الوقت المناسب.. فهناك أكثر من مئة نوع من السرطان تظهر لأسباب يصعب إحصاؤها (كيميائية وإشعاعية وفيروسية ووراثية وبسبب التدخين وشرب الكحول والتلوث بكافة أنواعه).. وحتى في حال السلامة من هذه المسببات يمكن للأورام السرطانية الظهور بسبب شذوذ عشوائي في برمجة الخلايا (يقدر بين 5 إلى 10 بالمئة من مجمل الإصابات).. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن 30% من أمراض السرطان يمكن الوقاية منها، و50% من المرضى يمكنهم الشفاء والعيش عشر سنوات بعد تشخيصهم (بحسب الأرقام البريطانية). وهذه النسب تؤكد أن السرطان مرض يمكن التحكم فيه والوقاية منه، بدليل خياراتنا حيال العادات السلبية (كالتدخين والكحول والتعرض المستمر للشمس) والمهن التي نمارسها (كالعمل في مصانع المنتجات الكيميائية)، واستهلاكنا، أو امتناعنا عن الأغذية الاصطناعية والمواد الحافظة.. وجميعها عوامل مرجحة للسرطان وإن لم يصب به كل الناس بالضرورة.. أيضاً اتضح أن الخلايا السرطانية تعشق السكر (الجلوكوز) للحصول على طاقة عالية تتيح لها النمو والانقسام.. قد لا يتسبب السكر ذاته بالسرطان، ولكن المؤكد أن حرمان الخلايا السرطانية منه يبطئ نموها، أو يتسبب بضمورها (وهذا سبب آخر لامتناعنا عن السكر المكرر الذي يعد أيضاً من مسببات البدانة والسكري وضعف المناعة).. غير أن كل هذه الاحتمالات قد لا يكون لها أي تأثير في الأنواع السرطانية التي ترتبط بتاريخنا العائلي (كسرطان الثدي والمريء الذي ينتشر لدى عائلات معينة).. وفي هذه الحالة يصبح الكشف المبكر أفضل حل متوفر (بل وقد يتطلب الأمر إزالة الثديين كإجراء احترازي، كما فعلت نجمة هوليود أنجلينا جولي التي توفيت أمها وجدتها بهذا المرض).. وما نخلص إليه في النهاية هو أن أفضل علاج للسرطان (والوقاية منه) هو رفع نسبة معرفتنا ووعينا بأسبابه، وطرق علاجه، وضرورة استباقه من خلال الكشف المبكر.. تثقيف نفسك في هذا الجانب (خصوصاً في حال كان لديك تاريخ عائلي) هو خط دفاعك الأول أمام مرض أصبح من سمات العصر الحديث..