تعيش الكرة السعودية الآن موسماً مختلفاً يترقب إطلالة الربيع الجميل، بعد مواسم من التعطش الجماهيري للمنجزات الوطنية الكروية، ففي الوقت الذي يتابع خلاله السعوديون خطوات منتخب بلادهم الأول، في الطريق الصحيح للعبور لمونديال كأس العالم للكبار 2018م في روسيا، يتأهب "الأخضر" الشاب تحت 20 عاماً للمشاركة في مونديال كأس العالم للشباب 2017م في كوريا الجنوبية، بعد نحو شهرين فقط، بطموح تكرار إنجاز نسخة كولومبيا 2011م على الأقل، عندما تأهل إلى دور ال16 لأول مرة في تاريخه، إذ أوقعت قرعة المونديال المقبل "الأخضر" في المجموعة السادسة، مع الإكوادور، أمريكا والسنغال. ويتفق الكثير من النقاد الرياضيين على أن التعامل الإداري والفني على الصعيد الرسمي، وحتى على مستوى الأندية، مع نجوم "الأخضر الشاب"، بعد ختام مشاركتهم في "مونديال كولومبيا" قبل نحو ستة أعوام، كان من دون المأمول، وافتقد للرؤية الاستراتيجية المستقبلية، بالحفاظ على هذه المواهب، انسجاماً وإعداداً وتهيئة، لمواصلة التألق للوصول إلى الطموح الكبير بتمثيل المنتخب الأول، فعدا بعض النجوم الشابة المعدودة، والتي شقت طريقها بنجاح إلى عالم النجومية، وباتت ركائز أساسية في المنتخب الوطني الأول، تبعثر عقد ذلك المنتخب الشاب، نتيجة إهمال شخصي يتحمله بعضهم، أو فني إداري تنوء به الرئاسة العامة للشباب بمسماها السابق، ومعها اتحادات الكرة المتعاقبة، وكذلك الأندية، التي ما زال جلها يمارس تجاهل المواهب الشابة في فئاتها السنية. ولأن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، فإن منتخب الشباب 2017م، هو نسخة مكررة وكنز ثمين، تمتلكه الكرة السعودية في الوقت الحاضر، من المهم أن يجد كل العناية والاهتمام والدعم، بداية من تحضيراته الجارية للمونديال المقبل، أو من خلال مشاركته العالمية، التي تعقد عليها الجماهير السعودية الأمل في تسجيل إنجاز تاريخي مشرف، امتداداً لمنجزات الكرة السعودية في المحافل القارية والعالمية الماضية، في مختلف الفئات السنية. على المسؤولين عن الكرة السعودية في اللجنة الأولمبية واتحاد الكرة، ومعهما إدارات الأندية، الابتعاد عن التصريحات الإنشائية، في إطار الدعم والاهتمام بالمواهب الشابة، والشروع في خطة وطنية طموحة، تنطلق من رؤية استراتيجية بعيدة، تعمل على تحضير منتخبي الشباب الحالي من مواليد 97م ومواليد 99م، كأعمدة بنائية شابة، لخدمة المنتخب الأول من الآن، وفِي وقت باكر يسبق مونديالي 2022م و2026م. لابد أن يتم استيعاب الدروس السابقة والمضي إلى الأمام ببرامج تحضيرية مستقبلية، تنفذ على أرض الواقع، تبدأ بورش عمل بمشاركة إدارات الأندية، والمدربين الوطنيين، لصياغة رؤية موحدة، تنطلق من هدف وطني واحد، هو أن استشراف المستقبل يبدأ من العناية بالمواهب الشابة، حتى لا تتكرر الإخفاقات السابقة، ومعها الغيابات المتوالية عن منصات الإنجازات الخارجية، التي حملت تأثيرات سلبية على الكرة السعودية أندية ومنتخبات كانت بعيدة المدى، وحان الوقت لتداركها والنظر إلى المستقبل القريب البعيد، بعين المسؤولية.