تتويج جديد للعلاقات الاستراتيجية والأخوية التي تربط المملكة العربية السعودية، بشقيقتها الإمارات العربية المتحدة، تأتي خلوة العزم التي انطلقت في العاصمة الإماراتية "أبوظبي"، بمشاركة نحو مئة وخمسين مسؤولاً من حكومتي البلدين الشقيقين، لتضيف قفزة نوعية أخرى الى سجل العلاقات القوية الأخوية بين الطرفين. ومع ان اي اجتماع عربي عربي مهما كان مستواه هو نقلة الى الامام في المشروع الوحدوي العربي عامة والخليجي خاصة الذي تقوده المملكة، إلا أن المحاور التي وضعت على منصة البحث في خلوة العزم هذه تبرز مدى أهميتها، وآثارها المستقبلية ليس على البلدين فحسب، وإنما على مستوى الخليج والمنطقة العربية بشكل عام. فهذه الخلوة ليست مجرد لقاء بروتوكولي، وانما هي أشبه ما تكون بورقة عمل ذات بعد استراتيجي مهم بكل ما في الكلمة من معنى، وينبع ذلك من طبيعة المحاور التي تناقشها الخلوة، وهي محاور جد أساسية في عملية البناء، سواء على المستوى البشري او المادي، حيث تتعرض لبحث محاور عدة ابرزها المحاور الاستراتيجية التي تختص بالجانب الاقتصادي والجانب المعرفي والبشري بالاضافة الى الجانب السياسي والعسكري والأمني. فضلا عن مشاركة فرق عمل مهمة، بالإضافة إلى المسؤولين، خبراء في القطاعات المختلفة بالإضافة إلى ممثلي القطاع الخاص، وذلك ضمن 10 فرق عمل مختلفة، كمرحلة أولى من أصل 20 فريق عمل، على أن تتم مناقشة المواضيع العشرة الأخرى في خلوة أخرى يتم عقدها في الرياض قريبًا. ولنتبين اهمية هذه الخلوة لا بد لنا من التعمق في اهدافها، والتي كما جاءت على لسان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بأن توحيد الطاقات والإمكانات بين المملكة والإمارات يمكن أن يخلق فرصا تاريخية للشعبين وللمنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن «خلوة العزم» تهدف الى تحويل الاتفاقات والتفاهمات إلى مشاريع ميدانية تعود بالخير على الشعبين والوصول لمستوى جديد من العلاقات الاستثنائية بين البلدين. وبطبيعة الحال ان خلوة كهذه عندما تجمع بين دولة بحجم المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، فانما تدل على الاهتمام الكبير الذي يوليه الطرفان لاستراتيجية العلاقة ومتانتها بينهما، ففي حديثه للخلوة التي عقدت بحضوره وحضور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين من الجانبين الإماراتي والسعودي، يؤكد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: انه "بتكاملنا وتعاضدنا وتوحّدنا نحمي مكتسباتنا ونقوي اقتصاداتنا ونبني مستقبلاً أفضل لشعوبنا"، معربًا عن تفاؤله بالخلوة مشيرا الى ان "ترؤس الشيخ منصور بن زايد للجانب الإماراتي هو أكبر ضمانة لنجاح هذه المسيرة.. وثقتنا كبيرة في إدارته لهذا الحراك التاريخي بين البلدين". ولابد هنا من التذكير بان هذه الخلوة المهمة تأتي بتوجيهات رجل عرف بحزمه وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وذلك لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، ووضع خريطة طريق لها على المدى الطويل. كما تأتي "خلوة العزم" في سياق العلاقة التاريخية بين البلدين، وتمثل خطوة ضمن سلسلة من اللقاءات المشتركة بين البلدين، ضمن مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، الذي يعطي وجها مشرفاً للعلاقات بين الاشقاء، ولا سيما في هذه المرحلة الحساسة، وعلى هامش افتتاح معرض الدفاع الدولي في ابوظبي، حيث تواجه المنطقة تحديات جسام ولا سيما على المستوى الأمني، كما انها تثبت أن العلاقات بين السعودية والإمارات قوية ومتماسكة ومتناغمة مابينهما، ولكن القيادتين تسعيان لأن تكون العلاقات استثنائية ونموذجية وتنتقل لمستوى جديد ومختلف، مستوى تكاملي، يقود الى تعزيز الامن والامان في البلدين، ويساهم في تعزيز مسيرة التنمية والبناء في البلدين الشقيقين ايضاً، خاصة في ظل العلاقات الاخوية والاسرية التي تربط الرياض وأبو ظبي، بالإضافة الى ذلك أن «حجم اقتصادَي السعودية والإمارات يمثل ناتجًا محليًا إجماليًا يبلغ تريليون دولار - الأكبر في الشرق الأوسط - وصادراتهما تجعلهما الرابع عالميًا بقيمة تبلغ 7133 مليار دولار»، مشيرًا إلى أن عدد السائحين من المملكة للإمارات يبلغ 1.99 مليون سائح سعودي في الإمارات، وأن قيمة مشاريع الإمارات في المملكة تبلغ 15 مليار درهم، وأن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 84 مليار درهم.