أظهرت نتائج الأرقام الصادرة عن المؤشر العقاري لوزارة العدل لشهر يناير 2017م انخفاضا في قيمة الصفقات العقارية والمساحات الإجمالية المنفذة وارتفاعا في عددها مقارنة بالشهر السابق ديسمبر 2016م، وكذلك مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي يناير 2016م. وتأتي هذه النتائج متوافقة مع أغلب التوقعات بالانخفاض التدريجي للصفقات على اختلافها وفي جميع مناطق المملكة، ومن وجهة نظر محايدة فإن هذا الانخفاض طبيعي عطفا على الهدوء الذي يسود السوق العقاري منذ فترة نتيجة للعديد من العوامل منها تجاوز الأسعار للقدرة الشرائية للمستهلك النهائي وقلة المعروض من الوحدات السكنية الجديدة التي تلبي احتياج شرائح متوسطي ومحدودي الدخل. وسابقا كان التحفظ في التمويل العقاري سببا رئيسا لشريحة ليست بالقليلة من المواطنين الراغبين في التملك وساهمت في انخفاض حجم التداول خلال السنوات الماضية. بالإضافة الى انتظار نتائج قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني ومدى مساهمتها في دفع ملاك الأراضي لتطويرها أو بيعها لمطورين آخرين لتساهم في زيادة المعروض من الأراضي الجاهزة للبناء والتطوير، وهذا طبيعي وبمثابة تصحيح لموجة من الارتفاعات الفلكية لأسعار الأراضي والعقارات السكنية، وكذلك انعكاسها على أسعار الإيجارات ارتفاعا، وتحديدا وبشكل متسارع بين عامي 2007 و2012م. والركود الذي طال السوق العقاري في الفترة الماضية كان تأثيره على القطاع السكني بشكل أكبر سواء الأراضي أو الوحدات السكنية الجاهزة، ويعود السبب في ذلك حسب ردود الأفعال وآراء بعض المواطنين المباشرة أو التي ترد في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، إلى الرغبة في انخفاض الأسعار لتتواكب مع القدرة الشرائية لهم، وكذلك انتظار المشاريع السكنية التي تنفذها وزارة الإسكان والأراضي المطورة والقروض التي تنفذها هذا العام كما ذكرنا في بداية التقرير، وأيضا رغبة شرائح أخرى متعددة في الحصول على منتجات سكنية وأراضٍ عن طريق مشاريع القطاع الخاص خصوصا أن هناك شريحة كبيرة لن تستفيد من مشاريع الإسكان مباشرة بل ستعتمد على القطاع الخاص في تنفيذها. وبالعودة إلى الأرقام فنلاحظ أن التداول في شهر يناير2017م قد وصل إلى 18.9 مليار ريال منخفضا بنسبة 11% عن شهر ديسمبر 2016م الذي حقق 21.2 مليار ريال، ومنخفضا 45% عن نفس الفترة من العام الماضي الذي حقق 35 مليار ريال. وكان معظم التداول خلال الشهر الماضي على قطع الأراضي التي استحوذت على حوالي 88% من إجمالي قيمة الصفقات بمبلغ 16.7 مليار ريال، منها 10.7 مليارات للأراضي السكنية ومبلغ 6 مليارات ريال للأراضي التجارية. وظل التداول على الفلل والشقق السكنية عند معدلات أقل من المتوقع مقارنة بحجم الطلب حيث حققت مبيعات الشقق مبلغ 824 مليون ريال، أما الفلل فقد وصلت مبيعاتها إلى 82 مليون ريال لجميع مناطق المملكة، وهذه معدلات قليلة وعند حدودها الدنيا عطفا على حجم الطلب الكبير على الوحدات السكنية الجاهزة، والأسباب كما ذكرنا هي ارتفاع الأسعار وقلة المعروض من الوحدات مقارنة بحجم الطلب ومحدودية التمويل وانتظار المشاريع والمنتجات التي أعلنت عنها وزارة الإسكان. وجاءت الأرقام منخفضة في بعض المؤشرات ومرتفعة في أخرى مقارنة بالشهر السابق ديسمبر 2016م، ومنخفضة في جميعها مقارنة بيناير من العام الماضي من حيث قيمة الصفقات وعدد العقارات والمساحات المنفذة. وفيما يخص عدد العقارات المباعة في شهر يناير الماضي فقد بلغت 22,281 عقاراً في مختلف مناطق المملكة، وجاء شهر يناير أفضل من الشهر الذي قبله ديسمبر 2016م الذي حقق 18,846 عقارا بين سكني وتجاري وبنسبة زيادة 18%، وهذا يؤكد زيادة الإقبال على تداول العقارات عن الشهر الذي سبقه. وبالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي فقد جاء عدد العقارات المباعة منخفضا بنسبة 2% حيث حقق 22,756 عقارا. واستحوذ القطاع السكني بشهر يناير على النصيب الأكبر من حيث عدد العقارات المباعة والذي بلغ 19,002 عقارا سكنيا، والتجاري حقق 3,279 عقارا. وفيما يخص إجمالي المساحات المنفذة لشهر يناير 2017م فقد بلغت 555 مليون متر مربع في جميع مناطق المملكة، منها 410 مليون متر مربع مساحات سكنية، والباقي مساحات تجارية وصلت الى 145 مليون متر مربع. وجاءت متفوقة على شهر ديسمبر الماضي وبزيادة نسبتها 55% الذي حقق صفقات بمساحة 359 مليون متر مربع. ومنخفضا بنسبة 99% عن نفس الفترة لشهر يناير من العام الماضي. ومن الإخبار التي يتوقع ان تسهم بزيادة حركة السوق العقاري خلال الأشهر القادمة اعلان وزارة الإسكان الشهر الماضي عن نيتها هذا العام طرح أكثر من 280 ألف منتج سكني متنوع بين وحدات سكنية جاهزة فلل وشقق سكنية واراضي سكنية مطورة وقروض عقارية لمستحقي القرض في الصندوق العقاري. ومن المنتظر ان يكون هناك نشاط واقبال على السوق العقاري بعد إعلان الوزارة بالإضافة الى سعي مجموعة من ملاك الأراضي الى تطوير أراضيهم وتجهيزها بالبنى التحتية تمهيدا لبيعها لمطور او للمستفيد النهائي تفاديا لدفع رسوم الأراضي البيضاء. كما ان قرار مؤسسة النقد ساما والخاص بزيادة قيمة التمويل لقروض المساكن من 70 الى 85% سيساهم في زيادة الطلب وهناك شركات تمويل عقاري وبنوك بدأت تكثف تحركاتها لاستقطاب مزيد من العملاء. ويبقى العائق الوحيد في قلة المعروض من المشاريع والوحدات السكنية الجاهزة سواء من الشركات الكبرى أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والفردية، مما يجعل الخيارات محدودة والسعي سيكون وراء عقارات قائمة تم تطويرها سابقا وقد تكون بأسعار أكثر من سعر السوق اليوم. لذا فمن المتوقع ان يكون التداول الأكبر على الأراضي بشكل عام وشراء الوحدات السكنية على الخارطة لمساكن سيتم تنفيذها من قبل مطورين قائمين وجدد على مدى سنوات مقبلة. خالد عبدالله الجارالله