الشجاعة خلق كريم ووصف أصيل، يحمل الذات على التحلِّي والتمسك بالفضائل، ويحرسها من الاتِّصاف بالرذائل، وهي ينّبوع الأخلاق الكريمة والسمات الحميدة، ومن أثمن أخلاق الأمة الإسلامية، وهي الإقدام على المكاره، وثبات الجأش على المخاوف من مواجهة الموت، إنّها سرّ بقاء البشر واستمرار الحياة السليمة والعيشة الرضية على الأرض، لأنّها تجعل الإنسان يدافع عن حياته ووطنه، فالشجاعة غريزة يضعها الله سبحانه فيمن شاء من عباده.. ومنحة لا يفوز بها إلا من كان ذا حظ عظيم.. يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "إنّ الشجاعة والجبن غرائز في الرجال". وهي لاشك دليل على حسن الظنِّ بالله، والتوكّلِ عليه، والرّجل الشجاع صاحب القلب الثابت دِرْعٌ لأمّتِه وصونٌ لها.. بالذات وقت الأزمات والمحن والمواقف العصيبة، وهذه الصفة الحميدة متأصلة ومفصلة في سلوك وقيم وأخلاق رجال أمننا البواسل المخلصين لدينهم ووطنهم وقيادتهم الحكيمة، ولذلك لم يكن مستغربا العمل البطولي والمواجهة الشجاعة التي ظهرت لرجل الأمن العريف (جبران عواجي) أحد منسوبي الدوريات الأمنية في مقطع الفيديو المنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي متصديا للإرهابييّن وقتلهما بمسدسه بعد مداهمة رجال الأمن لوكرهما بحي الياسمين بشمال مدينة الرياض عشية قيام الهالكين وهما مدججان بالرشاشات والأحزمة الناسفة بإطلاق وابل من الرصاص نحو رجال الأمن في محاولة للاستيلاء على الدورية الأمنية والفرار بها، غير أن بسالة وشجاعة وبطولة (عواجي) الذي احتمى خلف الدورية منتهزاً الفرصة وبحس أمني رفيع وقدرة فائقة.. تمّكن من القضاء عليهما بعد أن انتهت ذخيرته في هذه المواجهة الخطيرة ليسحب مسدسه بكل جسارة ويصيب أصحاب الفكر الضلالي ويسقطهما مقتولين ولم يشعر بإصابته إلا عقب انتهاء العملية الأمنية وتطهير الموقع من لوثة الإرهاب ومكروباته. ورغم تأثير هذه الإصابة في جسده ألا أن العمق الديني والدافع الوطني والإحساس الأمني الرفيع جعلته يجّسد شجاعة رجل الأمن السعودي ويظهر كفاءته العالية في التصدي لكل من تسول له نفسه بالعبث أو المساس بأمن الوطن والمواطن، في عملية احترافية ناجحة ضمن النجاحات المتلاحقة التي حققتها قوات الأمن في اجتثاث عناصر الفئة الضالة وإحباط المخططات الإرهابية والأعمال الإجرامية من أعداء وأجندة خارجية حاقدة وفاسدة تحاول ضرب وحدتنا الوطنية وتمزيق نسيجنا الاجتماعي المتماسك من خلال التشكيك في مبادئه وزعزعة قيمه الأصيلة، واستلاب عقول أبنائه، ومحاولة اختطافها وتجنيدها لإعمال انتحارية وأفعال إجرامية تستهدف البناء الداخلي والنيل من اللحمة الوطنية وزرع الفتنة، وإشاعة الفوضى، وإثارة النعرات الطائفية.. غير أن هذه الأعمال الضلالية ومحاولاتها البائسة واليائسة لم تزد وحدتنا الوطنية ونسيجها المجمعي إلا قوة ومتانة وصلابة ورسوخا. شجاعة ودينامية جبران يمكن تصويرها وتحليلها (سوسيولوجيا) بأنها نتاج القيم الإنسانية الأصيلة ومعاييرها البنيوية التي توّجه السلوك في المواقف المختلفة، ومن بينها قيم الفروسية والبسالة والإقدام والثبات، كما أن البيئة الاجتماعية والثقافة تلعب دورا مهما في بناء شخصية الرجل الشجاع (اجتماعيا) وتشكيل سماته البطولية وتعميق روح الهمة الإيثارية والدفاعية والقتالية. الموقف البطولي للعريف (جبران عواجي) الذي حظي بإشادة من وسائل الإعلام العالمية بشجاعته وإقدامه بكل همة وجسارة على مواجهة الفكر التكفيري التدميري في (موقعة الياسمين) -لا مناص- حرّك مشاعر الفخر والاعتزاز الشعبي والوطني، ولعل تصّدر الوسم # تحية للبطل – جبران-عواجي في موقع التواصل الاجتماعي ( تويتر) طوال الأيام الماضية تقدير وإجلال بما قدمه هذا الشرطي الشجاع ولكل من يدافع عن حياض الوطن ضد أعدائه من الغوغائيين والمفسدين والحاقدين والماكرين.. يترجم –كيميائيا- هذه المشاعر الوطنية الأصيلة وقيمها الحضارية النبيلة.