ما شاهدناه يوم السبت الماضي؛ من هجوم إرهابي مسلح بالرشاشات؛ على رجل الأمن (العريف جبران عواجي)؛ ومحاولة قتله والفرار بدوريته؛ وما تلاه من ردة فعل بطولية وفدائية فذة؛ شكلت أمامنا مشهدًا دراماتيكيًا ساخنًا ومثيرًا؛ قد لا نراه حتى في افلام المطاردات البوليسية؛ (فالعريف عواجي) جسد على أرض الواقع؛ مشهدًا للشخصية الأمنية المحترفة؛ وكأنه يقول لنا من خلال تلك الفدائية؛ إن ما رأيتموه ما هو إلا جزء أو قل (نموذج)؛ من مواجهات وتضحيات متواصلة ومرعبة؛ تسمعون بها ولم تشاهدوها من قبل؛ والحقيقة لا يستغرب الإقدام من رجال المواقف؛ فهو دأب من يختزلون في داخلهم حب وطنهم؛ ويستشعرون مسئوليتهم تجاه إنسان هذا الكيان ومقدساته وإنجازاته؛ يقول أحد الحكماء: ثلاثة لا يُعرَفون إلا في ثلاثة مواطن؛ وذكر منهم (الشجاع لا يعرف إلا في الحرب)؛ وقالوا في الشجاع إنه محبب حتى إلى عدوه؛ والجبان مبغض حتى إلى أمه؛ لذلك لن يُدوّن التاريخ أي اسم في صفحاته الناصعة؛ ما لم يقدم لنفسه عملًا بطوليًا مشهودًا في ساحة الشرف؛ يشفع له ويؤهله لينقش اسمه في جدار ذاكرته؛ فبلوغ المجد (ليس تمرًا أنت آكله)؛ والبطولة ليست (سوالف هياط على جال ضو)؛ إنما بذل وتضحية بالأنفس وهي أغلى ما يملكه الإنسان؛ من هذا المنطلق جاء تفاعلنا واحتفاؤنا؛ ببسالة فدائية (العريف جبران عواجي)؛ الذي سجل ملحمة استثنائية فردية؛ بعدما حمل روحه على كفه؛ في مواجهة مباشرة مع العقول والأجساد المفخخة؛ فلو تمكن الداعشيان من تفجير نفسيهما لأهلكا الحرث والنسل ولكن الله سلّم؛ فشجاعة (جبران) الفطرية سبقت نواياهما السيئة؛ فكم أذهلنا بطل مهمة حي الياسمين؛ وهو يتصدى لقنابل بشرية متحركة بجسده المكشوف ورأسه الشامخ؛ غايته الفوز بإحدى الحسنيين وأن يبقى الوطن عزيزًا؛ ولأنه موقن أنها مواجهة بين حق وباطل؛ فقد خذل الله الباطل، ومكّنه من رقبتي الإرهابيين؛ فأذاقهما العذاب من فوهة مسدسه؛ ليقضى عليهما بطريقة احترافية؛ وأفشل ما كان ينويانه من استيلاء على دوريته؛ ولو حصل ما خططا له؛ لكان الوضع مزعجا ومحرجا؛ ولاستغله الإعلام المتربص ووظفه أسوأ توظيف؛ ولكن بطلنا (عواجي) كان له رأي آخر؛ فكتب بطريقته فصلًا بطوليًا من الرجولة والتضحية؛ فيه رسالة وافية وواضحة؛ لكل واهم أحمق يعتقد أنه بإرهابه سيكسر شيئا من إرادتنا؛ وسيضر بوحدتنا ويعطل مسيرتنا!! سنستلهم من بطولة (جبران) كل معاني الفداء والصمود وسننقلها لأجيالنا بكل اعتزاز؛ فكم نحن فخورون بإنجازات رجال أمننا النوعية والمتوالية؛ فاستهداف أوكار الإرهابيين وإخراجهم من جحورهم؛ وصولا للقضاء على هذه النبتة الخبيثة واقتلاعها من جذورها؛ هو الهدف الأمني المنشود؛ ففي كل مرة نسمع بعملية أمنية استباقية؛ ينبعث في داخلنا الاطمئنان ونشعر بالارتياح؛ لعلمنا بأن تلك العمليات حالت وستحول دون قتل الأنفس البريئة ودون الخراب والفساد في البلاد؛ ورجال أمننا يثبتون للعالم بعد كل عملية أمنية ناجحة؛ أنهم اليد الحديدية الباطشة بالإرهاب؛ بما يمتلكون من كفاءة تدريبية واحترافية وقيادة متمرسة؛ فلا مكان للإرهاب وأهله بيننا؛ وجميعنا في هذه المرحلة أمامنا تحد وطني أمني؛ يتطلب مزيدًا من الصمود وتكاتف الجهود لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة؛ وما حصل منذ لحظة انتشار خبر مداهمة الإرهابيين بحي الياسمين؛ من تفاعل كبير وتعاطف مع أبطال أمننا؛ يعكس واقع الترابط والتلاحم بين المواطن ورجال أمنه؛ ويؤكد إصرار الجميع على نبذ الإرهاب والوقوف صفا واحدا؛ أمام الأخطار التي تهدد أمن الوطن!!