أثبتت الفعاليات والمهرجانات الموسمية والمناسبات الوطنية شغف المجتمع إلى الترفيه، وتحوله إلى حاجة، وقبل ذلك إلى صناعة، وبالتالي أي تقليل في جانب الترفيه المجتمعي هو مجانبة للصواب، وتجاوز على الحق الطبيعي في الحياة، وخروجاً على الواقع، ومنطقه. المجتمع اليوم يسجل حضوراً بالأرقام، والمشاركة، والرغبة في التغيير، ورأينا مناسبات وفعاليات كيف كان الجمهور في حالة تنفيس طبيعية، وسعادة قلّلت من همومه ومتاعبه، ورغبة في تجاوز نفسيته المتناقضة أحياناً بحثاً عن حالة إشباع، وتصالح، وشعور بالفرح داخل وطنه. لقد بحثنا كثيراً عن الترفيه خارج الوطن، وكلّفنا ذلك أموالاً طائلة، وأصبحنا كمجتمع مستهدف أمام فعاليات الترفيه في دول مجاورة، وتسويقها بما يتناسب مع احتياجاتنا وليس احتياجات البلد المنظم، وهذه حقيقة أخرى لا تقبل النقاش حولها، أو المزايدة عليها، وأرقام المسافرين، وحجم الإشغال السكني للسعوديين في دول الجوار كافية للجواب. أعتقد أن المجتمع مهيأ لقبول الترفيه كصناعة اقتصادية أكثر منه حاجة نفسية، بمعنى لديه القدرة على الدفع المالي مقابل الحصول على المتعة، أياً كانت في مدن ترفيه، أو سينما، أو حفلات غنائية، أو معارض وتسويق، ولهذا علينا أن نتجاوز فكرة القبول والرفض، والمؤيد والمعارض، وهي مسألة أعاقتنا كثيراً عن التحرك، والتحوط غير المبرر، والمبالغة في ردة الفعل، وعلينا أن نتحول إلى بناء مؤسسي لقطاع الترفيه، بدءاً من النظام، والتنظيم، والتخطيط، والرقابة، والتوجيه، ثم تعزيز التنافسية في هذا القطاع، وتحديداً في توفير البيئة المناسبة للعمل بلا تشويش، أو احتكار، أو تقليد، مع الشمول والتنوع في العروض، واستثمار إمكانات المناطق في تعزيز فرص الابتكار، وإحياء الموروث. أولى الخطوات المهمة أمام هيئة الترفيه تكمن في التمثيل والتسويق، والتمثيل يبدأ من الجهات الرسمية التي تتقاطع معها، مثل وزارة الداخلية، وإمارات المناطق، وهيئة السياحة، والبلديات، والقطاع الخاص؛ فالحاجة ماسة إلى التنسيق مع هذه القطاعات وليس المنافسة معها؛ بإيجاد ممثلين لهيئة الترفيه يسهّل من المهمة، وتسريع الإجراءات، وضمان النجاح، ولعلي هنا أتذكر كلمة للأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض حينما كنا في اجتماع مجلس التنمية السياحية في المنطقة، وطالب حينها بإيجاد ممثل لهيئة الترفيه في المجلس؛ للتنسيق والتشاور والتعاون أيضاً. أما التسويق في عمل هيئة الترفيه؛ فهو بحاجة إلى تسويق الأفكار أكثر من الخدمات في هذه المرحلة، وهو أمر طبيعي في مجتمع مازال بحاجة إلى تصحيح أفكاره عن الترفيه؛ فهو ليس تغريباً، وإنما انسجام مع المتغيّر الذي لن يخرج عن الثوابت بحكمة القائمين عليها، وعلى رأسهم الأستاذ أحمد الخطيب الذي لديه القدرة وفريق عمله على التوازن في تسويق أفكار الترفيه بهدوء وعقلانية.