يكشف النجاح المعتاد لمعارض الكتب المقامة في المملكة عن إقبال قطاع عريض من المجتمع السعودي على القراءة، وهو مؤشر يعده الكثير من المراقبين للوضع الثقافي دليلاً على تحسن في الوعي ومبشراً بمستقبل ثقافي مشرق. لكن بموازاة ذلك، يطرأ السؤال عما يواجهه القارئ السعودي من أزمات ومشكلات، من أجل التحرك باتجاه معالجة تلك الأزمات؟ إشهار الخاوين يقر د. محمد سلطان، الأستاذ بجامعة المعرفة: بصعوبة تحديد أسباب أزمة القارئ السعودي، ويضيف: إن هناك أسباباً عديدة منها: الثقافة الاستهلاكية التي تؤدي إلى غثائية تكشف عنها الروايات الهزيلة المتخمة لسوق معارض الكتاب العربي. كما ذكر "سلطان" غياب التشجيع وإظهار القدوات، وإبراز وتشهير الخاوين معرفيا وعلمياً في الإعلام، إضافة إلى الرغبة في الشهرة بصورة سريعة عبر كثرة المتابعات والمشاهدين الذين يحرصون على المنتج الهزيل الهازل، بينما العمل الثقافي دسم يحتاج وقتا وروية. ولم يغفل "سلطان" ضعف الحوارات والنقاشات الثقافية التي تعرض الكتب وتبين سمينها وتنخل غثها. أزمة بينما يقول الشيخ محمد المغربي، مؤذن المسجد الحرام: إن الحصول على الكتاب أزمة، وصار بإمكان الباحث أو المطلع شراء ما يحتاج عبر الإنترنت أو السفر، أو عبر طلبه من بعض الأصدقاء القادمين لبلادنا للحج أو العمرة، الأزمة الحقيقية ويرى "المغربي" أن هناك أزمة لدى القارئ في القدرة على انتقاء الكتاب القيم النافع، الذي يزيد قارئه معرفة بقيمة نفسه ويعينه على تفعيلها، ويضيف لقارئه معرفيا أو ثقافيا أو إنسانيا، ويأخذ بفكر قارئه وثقافته من حيث هو إلى الأفضل، ويحترم عقله وإنسانيته، وينمي قدراته ومواهبه، ويبصره بنعم الله في الحياة، وهو الكتاب الذي يفهم قارءه ويفهمه قارؤه. وحول الحرص على جمع الكتب وتكوين المكتبات يقول "المغربي": لنا في سيَر وأخبار كبار العلماء والمثقفين والمؤثرين نماذج كثيرة ممن لم يكثروا اقتناء الكتب رغم قدرتهم على اقتنائها، وتفضيلهم لصحبة بعض الكتب التي ربما لا تتجاوز أصابع اليدين في العدد. ويقترح "المغربي" أن تهتم جماعات القراء الخبراء بمشاريع تنمي مهارة اقتناء الكتاب، ذلك يجعل القارئ أجود انتقاء وأفضل تركيزا وأكثر اغتناما للوقت، كما يدفع المؤلفين لتطوير مستوى نتاج عقولهم وأفكارهم.. أو فسح المجال لكتب أصحاب الأفكار الأصيلة والعقول النيرة. كما يشير "المغربي" إلى أزمة لدى القارئ في القدرة على تقبل الاختلاف الثقافي والاعتياد على تبادل الثقافة والمعرفة، مما يعيننا على نشر موروثنا الفكري والثقافي بشكل أليق بقيمته وأنسب لأصالته. ويقول: أرجو أن تكون الفعاليات المصاحبة لمعارض الكتاب مستقبلا أكثر تنظيما وحفاوة وأثرا.. من إتاحة الجلوس إلى المؤلفين والتناقش معهم حول موضوعات كتبهم.. بدل الاكتفاء بتوقيع إصداراتهم، وكذلك اللقاءات والندوات الجماهيرية حول الجديد من الكتب والموضوعات في المعرض.