التوازن في الفكر الاستراتيجي جعل السياسة السعودية تتبوأ مكانة تليق بقوة تأثيرها على المشهد الدولي، وتصدرها للمشهد الإقليمي بكل تمكن واقتدار. حديث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى مجلة (فورن افيرز) الأميركية جسد توازن وعقلانية وواقعية فكر السياسة الاستراتيجية السعودية، فقد كان حديثاً واضحاً صريحاً واقعياً، وبالتأكيد كان عقلانياً في طرح الأفكار التي تعبر عن اتجاهات السياسة السعودية بكل توجهاتها وأهدافها المرحلية والاستراتيجية. ففي حديث الأمير محمد عن العلاقة مع إيران فند السياسة الإيرانية، وكشف مخططاتها في المنطقة وأهدافها التوسعية وتدخلها في شؤون الدول العربية والخليجية بشكل سافر، أدى إلى عدم جدوى إقامة علاقة مع نظام فكره المنهجي المرحلي قاصر؛ فبالتالي لا جدوى من التحاور معه طالما ظل متمسكاً بذاك الفكر دون وجود بعد نظر للمستقبل وما سيؤول إليه. وفي محور الإرهاب تحدث عن تجربة المملكة في مكافحتها ومعاناتها منه وتغلبها عليه واستعدادها لمجابهته في حرب لا هوادة فيها، من خلال تجربة مرت بها وعرفت كيف تتعامل معها، بل وأصبحت شريكاً أصيلاً في مكافحة الإرهاب بتقديمها لمنهجها وخبراتها واستفادت منهما دول العالم، وأشادت بالأسلوب السعودي في المكافحة، بل واتبعته في الكثير من الأحيان، وكون الإرهاب يحتاج إلى الكثير من التنسيق والتعاون بين الدول خاصة الإقليمية منها فقد بين الأمير محمد أنه بوجود دول مثل المملكة ومصر والأردن وتركيا تمتلك من القوة ما يؤهلها لأن تجابه التنظيمات الإرهابية وتفشل مخططاتها الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار الإقليم، وبذلك لن تقوم قائمة لتلك التنظيمات. وفي محور العلاقات السعودية - الأميركية خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب وقانون (جاستا) تحدث الأمير محمد بن سلمان بكل شفافية عن تلك العلاقات الاستراتيجية، واثقاً أن المشرعين سيتوصلون إلى حل عقلاني بشأن القانون، وهذا أمر متوقع الحدوث، كون القانون أثار ضجة على مستوى العالم، لأنه يؤسس لنظام دولي جديد لم يكن معروفاً وسيؤدي إلى فوضى سياسية عالمية قد نعرف بدايتها دون أن نعرف نهايتها. وأبدى الأمير محمد تفاؤله بتحسن العلاقات السياسية والاقتصادية مع الولاياتالمتحدة من خلال عودة الحوار الاستراتيجي بين البلدين، ومشاركة واشنطن في رؤية 2030، وذلك يؤدي إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، ويفتح آفاقاً جديدة لتعاونهما. حديث الأمير محمد بن سلمان جسد عمق وبعد نظر وواقعية استراتيجية السياسة السعودية، ونظرتها إلى ملفات ساخنة تتصدى لها بكل تمكن واقتدار.