شهدت أعمال الشغب في بعض مدن الجزائر، إجماعا غير مسبوق بين مختلف فعاليات المجتمع المدني من أحزاب سياسية ومنظمات عمالية وطلابية ونسائية، استنكرت جميعها ما أسمته "محاولات يائسة" لزرع الفتنة في البلاد عشية استحقاقات تشريعية هامة مرتقبة مايو المقبل. وانطلقت سلسلة أعمال الشغب في كل من ولايات تيزي وزو وبجاية والعاصمة وبومرداس عقب نداءات مجهولة المصدر انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تحث التجار على غلق محلاتهم التجارية والدخول في إضراب احتجاجا على ارتفاع أسعار بعض المواد والضرائب المتضمنة في قانون الموازنة للعام 2017. وتطور الوضع خلال ال48 الأخيرة إلى أعمال شغب وصلت إلى استعمال شباب ملثم عبوات المولوتوف، ووصل الحد بآخرين إلى محاولة اقتحام مقر للشرطة بولاية بومرداس (50 كلم غرب العاصمة) لتحرير محتجين اعتقلهم الأمن، فيما شهدت عدة أحياء بالعاصمة الجزائر تململات شهدت مداهمة شباب مقار متعاملي الهاتف النقال ونهب بعض محتوياتها. وسارع وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي إلى توجيه تحذيرات شديدة اللهجة إلى المتظاهرين والتجار الذين استجابوا (على قلتهم) لنداء الإضراب، وهدد أن "قوانين الجمهورية ستقف بالمرصاد لكل من يحاول زرع الفتنة والبلبلة"، نافيا بالمناسبة "أن تكون المكتسبات الاجتماعية للمواطن قد مست في قانون المالية 2017" مؤكدا أن حكومة سلال" خصصت 10 مليارات دولار لحماية القدرة الشرائية للجزائريين"، ولم تتأخر الداخلية في شن حملة اعتقالات واسعة بولايتي بجاية والعاصمة الجزائر على وجه التحديد مست أزيد من 50 شابا، فيما عثرت الشرطة داخل مستودع بمنطقة عين النعجة بالعاصمة على 72 عبوة حارقة. وانخرط الجزائريون بقوة في حملات التنديد بأعمال الشغب على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، وراحت أحزاب سياسية موالاة ومعارضة تتحدث عن جهات - دون أن تسميها - تقول إنها تسعى إلى إحداث "ربيع جزائري بكل الوسائل"، ولم يتأخر أقدم وأهم حزب معارض في البلاد "جبهة القوى الاشتراكية" إلى إطلاق دعوات للتهدئة واصفا ما حدث ب"المخططات الشريرة". وفي تصريح ل"الرياض" شدد النائب "لخضر بن خلاف" عن حزب العدالة والتنمية أن أمن الجزائر "خط أحمر وأمانة في أعناق جميع أبنائها" محذرا "ممن يريد إفساد الاحتجاج السلمي بجره نحو العنف الذي لا يجلب الا الدمار".