يحتفل الوطن في اليوم الأول من الميزان مطلع السنة الهجرية الموافق (23 سبتمبر) من السنة الميلادية من كل عام بتوحيده وتأسيسه على يدي قائد ملحمة لم الشتات والفرقة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وفيه نستذكر كمواطنين بصرف النظر عن ألقابنا وامتيازاتنا وصفاتنا وذاتياتنا حق الوطن علينا كنسيج مجتمعي واحد تجمعنا فيه قبل كل شيء وشيجة الدين والعقيدة ورابطة الأخوة ووحدة المصير، لنبرز في هذا اليوم الوطني كل معاني وصور الانتماء لمملكتنا الغالية بشكل راق وصورة حضارية، ونجسد فيه كل قيم ومظاهر الانتماء للوطن والولاء لقيادته بأصالة صادقة ووعي مسؤول، ونجدد فيه العهد والوعد ببذل المزيد من الجهد والعمل والعطاء الموسوم بتطوير الطاقات ومواكبة المتغيرات وتحقيق التطلعات والمحافظة على المكتسبات والحرص عن الإنجازات، ونستشعر دورنا الفاعل والفعال في رفعة مكانة الوطن وتمثيله خير تمثيل والحفاظ على وحدته والذود عن حياضه والدفاع عن حماه. إن الانتماء للوطن والولاء لقيادته ليس مجرد رابطة تحكمها المصلحة الشخصية، والفائدة الآنية، والمنفعة المادية، أو شعارات تحكمها التصريحات الرنانة، والوجاهة الإعلامية، والمواربة الاجتماعية؛ كما أنها بالتأكيد ليست حالة من الضجيج الزائف، والإثارة المصطنعة، والتغريدات الرنانة، والخطابات المؤدلجة، والشعارات المستهلكة؛ بل إنها -أي محبة الوطن والوفاء لقيادته- قيمٌ جُبلَ عليها رجال ونساء هذا الوطن على مرّ الزمن حتى أضحت من شِيَمهم، ويمكن القول إن مظاهر هذا العرفان ورد الجميل يزداد فيهم تأصلاً ويتعاظم بتعاظم التحديات ويترسخ بتأزم الأزمات، والتاريخ يشهد بما سطره ويسطره شعب هذا الوطن الأبي وبما بذلوه ويبذلونه من غالٍ ونفيس باختلاف أعمارهم وأدوارهم للذود عن أمن الوطن واستقراره والحفاظ على مكتسباته الاقتصادية ومنجزاته التنموية؛ ولهذا نقول إن الانتماء للوطن بذل وتضحية، والولاء لقيادته شرف ووفاء، وهما في كلا الحالتين وعند الحديث عنهما أو تجسيدهما حالة وجدانية نبيلة، وصورة ذهنية نقية، وحاجة نفسية أساسية، وقناعة ذاتية داخلية، مكتسبة ومغروسة في النفوس بأصالة، وتعكسها الممارسة الواقعية العملية التي تتسم بالتلقائية في التفاعل والعراقة في الممارسة، وتترسخ بمرور الزمن لارتكازها على صدق في المشاعر ومحبة وإخلاص في العطاء، وأفعال تسبق الأقوال. ولهذا نقول أن الوطن هو الحضن الذي ليس له بديل.. أو حتى مثيل؛ الوطن هو الذي ولدنا على أرضه الطاهرة، وترعرعنا في حضنه المعطاء، وتربينا في كنفه الطيب، ونشئنا تحت سمائه الزرقاء، وتنفسنا هواه العليل، وشربنا ماءه العذب، ونهلنا من خيراته اللامحدودة؛ الوطن أحاسيس لا يمكن إشباعها، ومشاعر لا يمكن وصفها، وقيم لا يمكن اختزالها، وشجون لا يمكن حصرها؛ الوطن قصيدة لا يمكن نضمها، وصورة لا يمكن رسمها، وقصة لا يمكن نسجها، ولوحة لا يمكن خطها؛ الوطن هو الذي تهتز المشاعر عند لقائه، ويتحرك الفؤاد عند ذكره، وتغيب العبارات عند وصفه، وتجف العروق عند فراقه؛ الوطن هو الملاذ الآمن الذي نزداد حنينا ولهفة وشوقا لنعود إلى حجره الكبير ليضلنا بظله ويغمرنا بعطفه الدافئ إن أبعدتنا الظروف أو أخذتنا الحياة أو صدتنا المشاغل عنه؛ الوطن هو قدرنا الذي قدره الله سبحانه وتعالى لنا، ومصيرنا الذي أفاء به جل جلاله علينا، والميزة التي وهبها الله لنا وفضلنا بها على سائر بلاد العالمين، ونسأله جل في علاه أن يحفظ لنا وطننا أمنا من كل مكروه, ليواصل الشموخ والرقي بوعي ووحدة وبسالة أبنائه في كل الجوانب؛ فحق لنا أن نحتفل بك ولك ياوطن.. لأنك نعمة لا يعي قدرها إلا من فقدها. ودمت يا وطني عزيرا. [email protected]