الاهتمام بموضوع السياحة الوطنية وهي قضية الموسم، ففي موسم الصيف تنضج أطايب الثمار مع شدة الحرارة، فنجد رطب المدينة، والأحساء، والقصيم، يبدأ طلعه ويثمر، وكذلك الرمان والتين الشوكي (البرشومي) من الطائف، والعسل من الباحة، وعسير، والمانجو من نجران، وجازان، والبطيخ (الحبحب) من مزارع الرياض ووسط المملكة، وتتنوع تلك الأطايب باختلاف الموقع الجغرافي والمناخ الذي تتميز مناطق المملكة. ولأن السياحة فاكهة الموسم، يكثر الحديث والانتقاد وربما الإنكار من البعض لوجود إمكانية أو متعة في السياحة الداخلية فيتجاهلون طيباتها وأطايبها ويرون فيها النقص والقصور ويلوكون المقارنات المجحفة بين الوجهات الداخلية والخارجية، علما أن اختيار الوجهات السياحية لقضاء العطلات أمر تحكمه التوجهات الشخصية والظروف الأسرية والمالية، ولا تعني كثرة المغادرين عدم وجود سياحة داخلية، بل نجد أن أكثر دول العالم استقطابا للسياح ونضجا في بنيتها التحتية وخدماتها السياحية، هم من يملؤون مقاعد الطائرات على مدار العام باحثين عن التجديد والمتعة خارج بلدانهم التي نتغنى بسياحتها، فنجد الفرنسيين والإسبان والأوربيين عموما يتواجدون في مختلف الوجهات السياحية حول العالم. وهنا أودّ أن أشير إلى أن المدن والحضارات لا تبنى لغرض استقطاب السياح إلا نادراً، بل إنّ الأولوية فيها لسكانها الدائمين ثم يأتي تقديم الخدمات للسياح في الدرجة الثانية، إن المقارنات السعرية مجحفة أيضا، فالمنتج السياحي تحكمه عوامل العرض والطلب، وبما أن المستثمر يعاني من موسمية حادة ويواجه طلبا قويا في فترة محدودة من السنة قد لا تتجاوز شهرين أو ثلاث في أحسن الحالات مما يجبر المستثمر على ان يحرص على تغطية تكاليفه وتحقيق أرباحه في هذه الفترة المحدودة. وذلك في ظل وجود إقبال داخلي كبير ومن دول الخليج على الوجهات السياحية مما يتسبب حتما في ارتفاع الأسعار، وهذا من بديهيات صناعة السياحة في أي مكان حول العالم. علما أن هذا الواقع لا يساعد في تطوير وتحقيق سياحة مستدامة حيث يوجد تقصير واضح في الاهتمام بالسياحة وفي التنفيذ أيضا، ولأنها مشروع تنموي فالجميع مسؤول عن تطويرها وتحسين خدماتها وجودتها، حتى الفرد الذي ينكر وجود سياحة في المملكة يتحمل جزءا من المسؤولية. وأخيرا فان تزايد الإقبال المحلي والخارجي حيث تشير توقعات مركز ماس بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى أن عدد الرحلات السياحية المحلية المتوقعة خلال صيف هذا العام ستصل إلى (17.8) مليون رحلة سياحية بنسبة نمو مقدارها (44.7%)، وتقدر نسبة المسافرين لغرض الترفيه وقضاء الإجازات (34%) منهم وزيارة الأقارب والأصدقاء (21%) والتسوق (6%)، وأن يصل دخل تلك الرحلات السياحية المحلية مبلغ (20.6) مليار ريال بنسبة نمو (53.7%) عن نفس الفترة للسنة الماضية. ومع توفر التمويل وإتاحة الوصول للوجهات المحلية سوف يشجع المستثمرين على المزيد من الاستثمارات السياحية مما يزيد العرض والذي سوف يؤدي حتما الى تعزيز التنافسية وتحسين الجودة وخفض الأسعار.