الرسوم المتحركة بالنسبة للبعض لا تعدو أن تكون مجرد تسلية للأطفال، جاهلين ما بوسع هذه التسلية أن تفعل، فمن خلالها تبث الروح من جديد في اللغات، وتبعث العادات والتقاليد، إذ كان للرسوم المتحركة دور في بث روح جديدة في اللغة العربية، فتعلمتها الناشئة دون كبير عناء، ولولاها – بعد الله تعالى– لما تعلمت الأجيال الناشئة اللغة العربية الفصحى بهذه السهولة، وأرى أنّ الرسوم المتحركة وسيلة أنجع لتعليم اللغة من الحصص الدراسية، التي غدت مرتعا وملعبا للهجات المحلية، فلا مكان فيها للتطبيق والممارسة الفعلية، إنما التلقين النظري للقواعد، ولا شيء سواه، وليس معنى هذا أني أدعو لإلغاء الحصص الدراسية، إنما أدعو إلى أن تحتوي هذه الحصص على وقت لمشاهدة الرسوم المتحركة. الناشئة أمل الأمة، وحاملة لوائها في المستقبل، وتنشئتها وتربيتها على الأخلاق الكريمة، والعادات الحسنة مطلب ملح وحاجة ماسة، وإذا كانت الأجيال الناشئة تقضي جل وقتها في مشاهدة الرسوم المتحركة؛ فإنه من الطبيعي أن يُهتم بمحتوى هذه الرسوم، الذي ودون أدنى شك يؤثر في صفات وتصرفات هذه الفئة العمرية؛ فكان حريا بمن يعنيهم الأمر، أن يتفطنوا للمسألة، وأن يولوها كل الاهتمام، بإنشاء شركات ومؤسسات تتولى إنتاج رسوم متحركة تتوافق مع تعاليم شريعتنا الإسلامية، وتروج للأخلاق الفاضلة، والصفات الحسنة، وتحكي سير الأنبياء عليهم السلام، والصحابة رضي الله عنهم، وتاريخ الأمة الإسلامية وأساطينها العظماء، لكن وللأسف أننا في واد والمأمول في واد؛ فالرسوم المتحركة الآن مدبلجة، وهي أما أن تكون شرقية أو غربية، تحكي واقع تلك الأمم وأخلاقها، وغالبها تسمم بذلك أجيالنا الناشئة، وتربيها على ما تريد من الصفات. إن هذه القضية غاية في الأهمية؛ لذا كان حقيقا بمن يعنيهم الأمر، أن يتخذوا التدابير الكفيلة بوضع حد لهذا، بإنشاء شركات ومؤسسات حكومية أو خاصة على حد سواء، المهم أن تضع حدا لهذا السم، ويجب أيضا على الحكومات أن تمنع بث هذه الرسوم المتحركة، التي لا تحتوي على مخالفات أخلاقية وسلوكية فحسب، وإنما مخالفات عقائدية أيضا؛ فالأمر ليس بالبساطة التي يتصورها البعض، الأمر غاية في الخطورة، الأمر بحاجة لوقفة حازمة.