تبرعت المملكة بمبلغ يصل إلى مليون دولار، كمساعدة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، ضمن جهودها في مكافحة مرض أنفلونزا الطيور، وللمشاركة مع الجهات الدولية المانحة، والتي تعهدت بتقديم 1,9 مليار دولار لدعم صندوق عالمي لمجابهة المرض. وبالرغم من الإجراءات والاحتياطات التي اتخذتها الجهات المعنية في البلاد لمنع وفادة الفيروس H5N1 المسبب للمرض، زادت المخاوف الصحية من هذا المرض في ظل قلة الوعي لدى عامة المجتمع، ومدى تطبيق هذه التحوطات بشكل دقيق على الواقع، في حين يرى البعض أن ابتعاد السكان عن مشاريع الدواجن يعد أمرا ايجابيا في التقليل من حدة الإصابة، إضافة إلى استمرار منع الطيور من الدخول إلى البلاد. «الرياض» التقت أمس بعدد من المسؤولين بالشأن الصحي والزراعي، لمعرفة ما إذا كان المرض مهدداً بالدخول للدول العربية ومنها المملكة، وما مدى تطميناتهم في هذا الجانب. إجراءات احترازية يقول المهندس محمد بن عبد الله الشيحه وكيل وزارة الزراعة المساعد لشؤون الثروة الحيوانية، ان المملكة مستمرة في بذل جهودها الاحترازية بالتعاون مع الأجهزة الحكومية الأخرى، إضافة إلى الاستفادة من خبرة الدول والمنظمات العالمية في هذا الشأن. وأشار إلى أن الخطة تشمل الإجراءات التي يجب العمل بها وقائيا لمنع تسرب المرض، وخطة أخرى طوارئ في حالة وجود المرض، مؤكدا على أن الخطة تم توضيحها لأصحاب مشاريع الدواجن عبر مديريات الزراعة في البلاد . وشدد الشيحه على أن عاملي الوقت والسرعة في تطبيق إجراءات الخطة هما أساس لنجاح الوقاية والحد من انتشار المرض، مشيرا إلى انه يجري تجهيز مختبرات التشخيص البيطرية بالعديد من الأدوات والأجهزة والمعدات ذات التقنية العالية، إضافة إلى انه تم تأمين 27 سيارة لأغراض الخدمات البيطرية، وفحص ومعاينة الإرساليات سواء حيوانية أو نباتية القادمة للبلاد عبر المحاجر الحيوانية والنباتية البالغ عددها 25 محجرا بالمنافذ البرية والبحرية والجوية. وأضاف أن هناك مسحا دوريا لمشاريع الدواجن من المختصين لمراقبتها واخذ عينات لتحليلها مخبريا، إضافة إلى إجراء مسح ميداني ودوري للطيور المهاجرة التي تمر بالأجواء السعودية، حيث تم تحديد نحو 7 مواقع للمسطحات المائية المتواجدة بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، ويتم جمع عينات من هذه الطيور الحية أو النافقة وفضلاتها للتشخيص المخبري كوسيلة من وسائل الإنذار المبكر. المملكة بلد مغاير من جهته كشف الدكتور يعقوب بن يوسف المزروع وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي، عن أن الدول التي سجل فيها المرض لها وضع معين ومغاير تماما عن المملكة، ولها خصائص معينة، أهمها أن الطيور أو الحيوانات البرية تعيش في مزارع بالقرب من الإنسان، وليس هناك مسافة جغرافية بين الإنسان والطير والحيوانات الأليفة. وقال ان هذا الوضع موجود في جنوب آسيا كما هو موجود في الحالات التي سجلت في تركيا، بمعنى أن العائلة بجانب الحيوانات وكذلك الطيور، وهذا الوضع البيئي هو العامل الهام في انتقال المرض من الطيور إلى الإنسان، ولو أخذنا الوضع في المملكة ودول الخليج، فهو يختلف تماما، فليس لدينا هذه البيئة، والدواجن لدينا موجودة في مزارع لها اشتراطات بيئية وصحية تمنع اختلاطها المباشر في الحيوانات الأخرى أو الإنسان، وهذا يعطينا ثقة اكبر من أن الخطر ليس قريبا، والشيء الآخر لدينا الآن منع لاستيراد الطيور من أي مكان من العالم، منذ أكثر من شهرين ومن تركيا منذ أكثر من أربعة أشهر ، والأمر الأخير أن موسم هجرة الطيور انتهى، وليس لدينا مخاطر حقيقية من المرض، ومع كل ذلك لم نقلل الانتباه واليقظة والإجراءات التي تقوم بها وزارة الزراعة والصحة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية والقطاعات الأخرى ذات العلاقة. وأشار الدكتور المزروع إلى أن هناك توجيها واضحا لكافة العاملين في المناطق، والذين يمثلون العمل الميداني الحقيقي في التعامل مع أي حالة مشتبهة في الإنسان وأي بلاغ بكامل الانتباه وإجراء الاستقصاء الوبائي للحالة، وأي مريض يشتبه لديه المرض فانه يعزل ويؤخذ منه عينات للتحليل المخبري، وإلى هذه اللحظة لم يحصل لدينا أي اشتباه نظرا لعدم وجود اشتباه حقيقي في الطيور. التخوف متزايد إلى ذلك ذكر الدكتور زياد بن احمد ميمش المدير التنفيذي للطب الوقائي ومكافحة العدوى في الشؤون الصحية بالحرس الوطني، ومدير المركز الخليجي لمكافحة العدوى، أن الذي زاد من مخاوف انتشار المرض في الدول العربية هو تسجيل حالات وفاة في تركيا، والتخوف بلا شك متزايد، ولكن لا يوجد أي مؤشرات تدل إلى تحور في نمط انتشار الفيروس، وجميع الحالات التي رصدت في تركيا هي لها علاقة بالحيوان. وقال أن المخاوف تزيد كلما اقترب المرض من الدول العربية، ولا بد من تنشيط الفحص الدوري عن المصابين بالأنفلونزا العادية، ولا اعتقد أن الوعي الطبي في البلاد كاف، وصحيح هناك تعليمات ومعلومات في وسائل الاعلام، ولكن الترصد للمرض على مستوى وطني يحتاج إلى مزيد من الوعي، والطريقة الوحيدة التي يمكن الكشف عن أي حالة هي فقط إرسال عينات للمختبر للتحليل، ويجب أن يكون هناك رصد لجميع حالات الأنفلونزا الموجودة في البلد، لمعرفة النمط من الفيروس وهل هو مغطى بالتطعيم، وفي نفس الوقت معرفة أي حالة جديدة، وانأ لا اعتقد أن هناك أي ترتيبات في هذا الشأن. وحول جهود المركز الخليجي لمكافحة العدوى أوضح الدكتور ميمش انه أقيم مؤخرا مؤتمر عالمي وحظي بموافقة المقام السامي، ودُعي له الخبراء المحليون والدوليون وتم فيه مناقشة جميع الجوانب ووضع خطة مناسبة لذلك ورفعت إلى الوزارات المعنية، في حين شدد على أهمية عقد الاجتماعات الدورية لمعرفة تطورات المرض، وتجديد الخطط، وتزويد المختصين بالمعلومات المستجدة في هذا الإطار.