تساءلت الأخت مشاعة غزاي أبوخشيم الدلبحي بجريدة (الرياض) يوم السبت 29/11/1426ه «ما الفائدة من كشف المرأة وجهها؟!» طالبة تحكيم العقل والمنطق بعيداً عن تغليب الهوى مشيرة إلى وجود العديد من النصوص الشرعية ولم تورد واحداً منها يؤيد وجهة نظرها زاعمة أن غيرها سبقها إلى ذلك وعقل القارئ الكريم ليس دفتراً يتذكر كل ما نشر. ثم نفت غيرة الرجال فلو كانت متوفرة كغيرة سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه لانتفى التبرج والسفور من أسواقنا. وتابعت تساؤلها عن كشف الوجه قائلة: «هل ستقل المعاكسات والمضايقات في الأسواق والشوارع وفي كل مكان..؟!! هل سيصلح حال شبابنا ولا سيما أن بعضاً منهم الآن يفتتن بالعباءة المخصرة والمشية» وسيأتي في سياق تعقيبي هذا الرد. تنقل المرأة بمفردها مع السائق خلوة ولو كانت تقود سيارتها بنفسها في الأماكن العامة للضرورة في إطار التشريع يتحول إلى اختلاط. والذي يمنع الوقوع في المحظورات مخافة الله جل في علاه في السر والعلن. ولا يمنع الفرد سواء كان ذكراً أو أنثى إلا حياؤه من خالقه ثم من نفسه والآخرين. إن أعظم آثار الخلوة سواء مع السائق أو مع غيره ذهاب الحياء، وهو السياج المنيع للمرأة والرجل، ويؤدي إلى الانحرافات الخلقية، وارتكاب المحرمات، وانفصام العرى والروابط، ويسبب التشتت والنفور بين الأسر والجيران والأصدقاء، بل ويجلب العداوة، وقد يؤدي إلى قتل النفس التي حرم الله، كإسقاط الجنين ووأد المولود غير الشرعي وأحياناً قتل أحد الوالدين لمحو العار ودفن الجريمة، كما يصرف الجنسين عن التفكير السليم، ويقلل فرص الإنتاج، وما ينتج لا إبداع فيه. الوحش الكاسر لا يهمه إن كانت فريسته محجبة أم سافرة وتأكيداً لذلك، يقول الدكتور (كاريل carrel ): عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان يفرز مادة تتسرب في الدم إلى دماغه فتخدره فلا يعود قادراً على التفكير، وهذا يعني إذا تهيج الانسان فإنه يسعى لتفريغ شحنته بأية وسيلة ولا يهمه في ذلك وجه الفريسة أو أقدامها أو قفاها، وليس لديه وقت ليفترسها جميلة كانت أم قبيحة؟ بيضاء كالثلج أم سوداء كالفحم؟ فإذا كنا نتشنج ونمانع من قيادة المرأة للسيارة بسبب الخوف من الاختلاط أو من كشف وجهها فهناك العديد من المواقع والمواقف والأماكن التي تحتم اختلاط المرأة بالرجل غير المحرم في أمور تعبدية كالطواف والسعي والصلاة في المساجد ولها أن تكشف وجهها في إحرامها للحج، وعلينا ألا ننسى مشاركة المرأة في صدر الإسلام في بعض المعارك وتضميد الجرحى، والآن في المستشفيات والطائرات وبعض وسائل الإعلام ووسائط النقل والتوصيل، ومن أراد التحرش بها ليس عن طريق قيادتها للسيارة بل إن وارد في تلك الأماكن وفي الشوارع وحتى في أماكن الطاعة والعبادة فالذي لا يخاف الله رب العالمين ولم يمنعه حياؤه من الوقوع في المزالق فإن ذلك لن يمنعه من ارتكابها في أي زمان وأي موقع. وقد قيل إذا لم تستح فاصنع ما شئت. لقد صرح الرئيس الأمريكي في عام 1962م، بأن مستقبل أمريكا في خطر لأن شبابها مائع، منحل، غارق في الشهوات، لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن من بين كل (7) سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد (6) ستة منهم غير صالحين، لأن الشهوات التي أغرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والجسمية والعقلية والنفسية. ومن تنطبق عليه بعض هذه الصفات عندنا نسبة ضئيلة قد يستغلها الغير لتشويه ديننا وسمعتنا، وإنما الغالبية من الجنسين- ولله الحمد- هي المتمسكة بتعاليم دينها ومثلها وقيمها ومبادئها وعاداتها وتقاليدها وموروثاتها ويمنعها حياؤها الاستغراق في التفكير في مثل هذه الأمور، فهم مشغولون ومشغولات لإعمار الحياة الدنيا بالحلال والآخرة بالسعي الحثيث لمرضاة الله ولم يكن الجنس إلا حاجة من حاجات الإنسان الضرورية لا يشغل بالهم عن العبادة والعمل والطاعة ويمكن إشباعها بالإحصان، ومن كانت نفسه سيئة وخبيثة وخسيسة ولا يخاف الله تتبع العورات ولا يردعه إلا تطبيق أحكام الشرع عليه. ما أود الإشارة إليه أن كشف المرأة لوجهها غير محرم ولم يأمر الدين بتغطيته إلا عند الخشية من الفتنة، ولا يجوز للكاتبة ولا لغيرها شتم الناس لمخالفتهم رأيها. والله من وراء القصد.