لفت نظري مقال الأخت العزيزة هدى في ثنايا تصفحي للصحف ليوم الخميس 22/12/2005م. ولقد أوليته جل اهتمامي لما يتضمنه من ظلم وإساءة للنصف الآخر من المجتمع، وتبادر الى ذهني أثناء تمعني للمقال مأساة زوجة وأم تشكو ظلم زوجها لها في برنامج الأسرة والمجتمع وهي أم عبدالرحمن فكانت تعايش ما ذكرته أختنا هدى في مقالها وهذا يجعلني أقتنع أنه يوجد في مجتمعنا من يُحقر المرأة ويهضم حقوقها الشرعية التي أوجبها الله لها. فمن هي المرأة التي يتجرأ الرجل بالإساءة إليها؟ إنها أم حنونة وأخت ودودة، وزوجة شريكة بالعيش والأولاد، ومعلمنا أشرف الخلق وأعلمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أوصى كثيراً بالرفق بالمرأة وقال في عدة أحاديث تدل على ما ذكرته ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «رفقاً بالقوارير» ومن الذي أوصى على الرفق بها إنه من جنس الذكور بل إنه أشرف البشر جميعاً. ولو كان لأحد يملك حق التكبر على المرأة لكان نبينا أحق من يقوم بذلك، ولكن العكس هو الصحيح فهو خير قدوة لكل مسلم، فكان عليه أفضل الصلاة والسلام يحترم زوجاته ويأخذ رأيهن ويساعدهن في أعمال المنزل. وقد أوصى عليه السلام بأن خير الرجال خيرهم لأهله، ورغم ما لدي من بعض المعلومات القليلة إلا أنني أظل محتاراً وأخشى إنني لم أعرف الحياة بالشكل الصحيح لخبرتي القصيرة بها فوجهت تساؤلي المحير جداً لوالدتي هل ما ذكرته الأخت هدى في مقالها متواجد في مجتمعنا الإسلامي السمح؟ ولماذا يعطى المجرم هذا الحق ومن أوجبه له؟ ووضعت أكثر من خط تحت المجرم لأن كلمة رجل لا يستحقها إلا من يطبق معناها عملياً لا شكلاً فقط!! فنظرت لي والدتي ويغمر عيونها الحنان وضمتني إلى صدرها الحنون وقالت بارك الله فيك يا ابني وجعل الله فيك خيراً لنفسك ولوالديك ولوطنك وزوجك وولدك إن شاء الله تعالى. أما ما سألت عنه فهناك شرائح من المجتمع ينطبق عليهم ما ذكرته العزيزة هدى وبالمقابل هناك شرائح في المجتمع يؤدون دورهم على أكمل وجه، وهذا يرجع إلى تنشئة الرجل يوم كان طفلاً من قبل والديه، وذلك بغرس القيم والأخلاق العالية وأسقياه بالنصح والإرشاد طوال فترة حياته حتى بعد ما يصبح رجلاً كبيراً، وتذكيره بأن له حقوقا وعليه حقوقا إذا أدى الإنسان في هذه الحياة واجباته فإنه غالباً يأخذ حقوقه إلا من كان من سبق ذكره من الشرائح التي إن شاء الله إنها قلة فهو يحب ذاته كثيراً دون أن يحب غيره فنلاحظ أنه يأخذ أكثر من حقه ولا يؤدي شيئاً بسيطاً من واجباته وحب الذات ليس عيباً إذا قرنت بحب الغير فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وغالباً ما ينشأ هذا الجنس من الرجال إما أن يكون وحيد أخواته فهو الذكر بين مجموعة من إناث فيحظى باهتمام والديه وأقاربه ويكون هذا الولد المدلل الذي تلبِى جميع طلباته بدون تردد، ويعتقد الوالدان أنهما أصابا وأسعدا ابنهما بهذا التعامل، ولكن العكس صحيح فقد يكونان سبباً في فشل حياته الزوجية، وحينئذ يندمان في وقت لا يفيد فيه الندم (إذا فات الفوت لا ينفع الصوت). وقد يكون الهدف من ظلم المرأة وإهانتها إظهار الرجولة التي يريدها أهله كما نوهت هدى بمقالها بقولها (إظهار رجولته أمام أهله)، وهذا يحصل لإرضاء والدة الزوج التي رسمت في عقل ابنها أنه رجل البيت وأن الذي يسمع كلام زوجته يكون ضعيف الشخصية ناسية أو متناسية قوة شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فكان عليه أفضل الصلاة والتسليم يشاور زوجاته ويأخذ برأيهن إذا أصاب، والزوج المسكين غالباً ما يكون لُعبة رخيصة، إما مُلك أمه تماماً أو لُعبة مُلك زوجته وكأنه سفيه لا يحكم عقله ويعطي كل ذي حق حقه فالأم لها ثلاثة حقوق أوجبها الإسلام لها وطاعتها واجبة إلا بشيء قد يلحق الابن ضرراً منه، والزوجة لها حق وهي شريكة في حياته وأولاده، فالتشاور بينهما أمرٌ مهم جداً ولا يحق للزوج أن يطيعها إلا بشيء يضره دنيا وأخرى، أما تساؤلك عن من أعطاه الحق ومن أوجبه له فهذه التصرفات ليست بحق ولا واجب والرجل يعلم بهذا جيداً، وأما ما ورد في مقال الأخت هدى أن الرجل يقوم بإرهاب المرأة وتخويفها تحت مباركة وتشجيع المجتمع له. هناك فئة من الرجال يخيف المرأة بتهديد وضرب وغيره ولكن مجتمعنا مجتمع إسلامي خيّر يرفض الظلم بشتى أنواعه ويحاربه والمرأة قد تكون سبباً في استمرارية ظلم الرجل لها بصمودها وخوفها من المناقشة والمطالبة بحقوقها ولماذا الخوف وممن تخاف وهي تعيش الخوف أصلاً فهي تتحمل الكثير خوفاً من أن تكون في صفوف المطلقات وهذا خطأ كبير ترتكبه المرأة ضد نفسها.