وهما قضيتان متلازمتان ومرتبطتان ببعضهما البعض، فهناك أولاً أنظمة صدرت منذ زمن طويل ولكنها لسبب ما لم تفعّل، وظلت دون آلية فعالة للتنفيذ أقربها للذهن نظام الأوراق التجارية، فهذا النظام ينص على سجن ساحب الشيك الذي ليس له رصيد وتغريمه، ولكن شيئاً من ذلك لا يحدث ويحال الأمر إلى لجنة لفصل المنازعات في وزارة التجارة للنظر فيه مع أن النظام لم ينص على ذلك، وبالطبع يظل الشيك مدة طويلة في اللجنة إلى أن يجيء دوره بعد آلاف من الشيكات المماثلة التي يقال إن إجمالي قيمتها وصل إلى 12 مليار ريال، ثم إذا صدر الحكم فليس هناك آلية فعالة لتنفيذه وقد لا ينفذ اطلاقاً، وهو أمر يضعف هيبة الدولة، ويزود ضعاف النفوس بالجرأة والاستهتار بالشيكات كما فعل هوامير المساهمات الوهمية أخيراً، وعدا ذلك هناك أنظمة حساسة ومهمة لتنظيم القضاء لم تفعّل بعد، ومنها نظام المرافعات الشرعية ونظام المحاماة ونظام الإجراءات الجزائية، يضاف إلى ذلك الأمر السامي الذي صدر بتقنين أحكام الفقه ولم ينفذ بعد، ثم هناك مشروع تحويل التقاضي إلى ثلاث درجات: ابتدائي واستئناف ومحكمة عليا، وهو مشروع لا يتحقق استقلال القضاء إلا به فضلاً عن التأكد من تطبيق العدالة، ويبقى بعد ذلك أن تتحول هيئة الادعاء والتحقيق إلى نيابة عامة وتلحق بوزارة العدل، حيث إن الجهة التنفيذية لا يجب أن تكون في نفس الوقت جهة قضائية لأنها بذلك تكون الخصم والحكم، وثمة أمر آخر يقلل أيضاً من هيبة الدولة وهو استهتار المستأجرين ومماطلتهم في دفع الإيجار، ومماطلة المشترين بالتقسيط في دفع أقساطهم، وتحويل هذه القضايا إلى المحاكم مع أن في وسع الإمارات حلها لأنها مثبتة في عقود صريحة والعقد شريعة المتعاقدين، ويشتمل على مواد تحدد طريقة الدفع وموعدها والاجراء الذي يتخذ في حالة عدم الدفع مما لا يحتاج الأمر معه إلى قاض لتمحيص ذلك والحكم فيه، ولا شك أن تفعيل هذه الأنظمة سيردع المماطلين والمستهترين بحقوق الناس ويعيد الثقة إلى الشيك الذي بدونه لا تكون هناك أي تجارة أو ائتمان فضلاً عن إشاعته للعدل بين الناس.