حين يكبر الإنسان فإنه يحتاج للحب كالطفل الصغير الذي يحتاج لطعامه ومحبتنا والأكيد تقديرنا لإنسانيته، كذلك المسن يحتاج للكثير من الحب والكثير من التقدير لانسانيته وكرامته. للأسف بعضنا ينظر للكبير من رجل او امرأة كما لو كان جزءاً من همومه وجزءاً من مسؤوليات يمكن التخلي عنها بكل يسر، إما بعدم القيام بالواجب تجاه الأب أو الأم، او إلحاقه بمؤسسة اجتماعية ونسيانه، بل ان بعض الأمهات على وجه الخصوص يبقين في منازلهن بمفردهن كما لو كن بدون أبناء او بنات، فيما ابناؤهن موجودون بل وينعمون مع ابنائهم وزوجاتهم على وجه الخصوص بافضل مستويات المعيشة والسكن، ومع ذلك لا يفكر باسكان والدته معه او على الاقل الاهتمام بها اجتماعيا وماليا وصحيا حيث تكثر امراض الانسان بعد كبره، وتتضاعف احاسيس الحاجة للابناء ايضا عند الكبر. للاسف بعض الابناء يضع احد والديه في المؤسسات وينسى ان هناك شيخا أو عجوزاً يترقب زيارته، بل ينظر للباب كلما دخل زائر لعله ابنه او ابنته فلا يكون الا عامل النظافة او ادارياً او اختصاصياَ يبتسم له ولكنه لا يشبع نهم الجوع العاطفي لدى اب او ام سهر الليل وكابد كل نهاره من اجل صغاره...؟؟. من استفادوا من خدمات دور المسنين رغم صعوبة ومرارة العقوق الا انهم افضل حالا من امهات واباء يعيشون في منازلهم سواء المملوكة لهم او المستأجرة، حيث يعيشون صقيع العقوق وايضا مرارة الحاجة للاخرين في مأكلهم او مسكنهم او ملبسهم او علاجهم خاصة الامهات، حيث ان بعضهن يعانين الامرين من عقوق الابناء وبشاعة الحاجة للاخرين، خاصة الجار او امام المسجد او اهل الخير في حين علمهم بحاجة تلك العجوز او ذلك الشيخ...، تلك الحالات اعتقد انها ايضا تحتاج لرعاية كاملة من وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث ان عقوق الابناء لابديل له الا برعاية مؤسسية من قبل مؤسسات الدولة ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، خاصة وان بعض الاباء والامهات يثبت بتقرير من امام المسجد او بشهادة الجيران عقوق ابنائه له وعدم زيارتهم له رغم حاجته لهم لضعفه وكبره ومرضه، قد يقول قائل ان ذلك قد لا يكفي ولكنني اعتبره مؤشراً لواقع اجتماعي واقتصادي سيئ يعيشة هذا الاب او تلك الام، فليس من الطبيعي ان يدعي الاب او الام عقوق الابناء، بل اعتدنا عكس ذلك من باب المحبة، ايضا الاجهزة الحكومية لا تستطيع اجبار الابناء والبنات على البر بوالديهم، فذاك امر سماوي من لا يعمل به لا خير فيه ولكن من حق هؤلاء الكبار ان يجدوا حماية من الاجهزة الرسمية بحيث يصبح لهم راتب إلزامي من الضمان الاجتماعي ويكون حقاً لكل كبير او كبيرة لا راتب تقاعدي له الا ان هو رفض ذلك الراتب لغناه أو غنى ابنائه وبرهم به، لان الحاجة مرة وتزداد مرارتها حين يكون الإنسان كبيراً في السن حيث الحاجة للآخرين تتضاعف.