بعد خمس سنوات اعتدنا على طرح الرئيس بوش لخيارات خادعة ومضللة للدفاع عن سياساته، فقد سبق وان تم إبلاغ الأمريكيين بأنهم أمام خيارين لاثالث لهما هما غزو العراق أو المجازفة بالتعرض لاعتداء إرهابي بأسلحة نووية ولذلك فانه ليس من المستغرب أن تكون كلمته التي وجهها ليلة الأحد للشعب الأمريكي من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ومؤتمره الصحافي الذي أعقب ذلك في اليوم التالي مليئة بالتفسيرات من قبيل إن الجدل السياسي حول العراق يدور بين أولئك الذين يؤيدون الرئيس بوش والذين يرغبون منه الانسحاب الآن من العراق وان محاربة الإرهابيين في العراق تعني عدم انتظار محاربتهم داخل الولاياتالمتحدة. وقال الرئيس بوش بأنه احبط مؤامرات إرهابية من خلال سماحه لوكالة مجلس الأمن الوطني بمراقبة الاتصالات الأمريكية الدولية بدون بينة غير اننا لانعرف في واقع الأمر ما إذا كان هذا حقيقة أم غير ذلك لان الإدارة الأمريكية اعتادت اللجوء إلى عذر السرية القصوى عندما يتم الضغط عليها لاعطاء تفاصيل ولكن يمكننا التوصل لاستنتاج بشأن ادعاء الرئيس بوش بان الإذعان لقانون مضى عليه سبع وعشرون سنة من شأنه منع اتخاذ عمل سريع وحاسم لا يعدو أن يكون إلا خرافة. والقانون المعني الصادر عام 1978 ينظم التجسس على الأمريكيين (تذكروا قائمة أعداء ريتشارد نيكسون) و يتطلب تفويضا وبينة للقيام بمثل هذا النوع من التجسس كما انه توجد محكمة خاصة قادرة على الموافقة على طلبات التفويض القضائي خلال ساعات وإذا لم يكن سريعا بما فيه الكفاية فان المدعي العام يمكنه السماح بالتنصت على المكالمات الهاتفية ثم يسعى للحصول على تفويض قضائي خلال 72 ساعة. وقدم الرئيس بوش والمدعي العام البيرتو غونزاليز (الاثنين) حزمة كاملة من مبررات غير منطقية مثيرة للسخرية من هذا القانون والأغرب من ذلك الادعاء بان الكونغرس قد سمح بالتجسس على المواطنين الأمريكيين عندما وافق على استخدام كافة الوسائل الممكنة من قبل القوات المسلحة الأمريكية لمعاقبة أولئك المسؤولين عن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر أو الذين ساعدوا الإرهابيين ووفروا لهم المأوى. وقد جاء هذا القول مفاجأة للمشرعين والذين ظنوا بأنهم صوتوا لغزو أفغانستان ولالقاء القبض على أسامة بن لادن وليس للتجسس على المواطنين الأمريكيين. ولهذه الإدارة سجل حافل من توسيع السلطات الرئاسية بطرق خطيرة وليس ببعيد عن الأذهان الاعتقال لاجل غير مسمى للمقاتلين الأعداء غير الشرعيين ولذلك فان التطمينات والتأكيدات بان أهداف التجسس اختيرت بعناية وبسبب معقول ليست مقنعة، ففي الديمقراطية المحكومة بالقوانين فان المحققين هم من يحدد المتهمين ويحصل ممثلو الادعاء على إذن قضائي لإجراء عمليات التفتيش وذلك بعد إبراز سبب معقول للقاضي والذي يقرر ما إذا كانت المعايير القانونية قد تم استيفاؤها. ومن المؤسف ان هذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن استخدام هذه الإدارة للإرهاب عذرا ومبررا للتجسس على الأمريكيين فقد اكتشفت شبكة (ان. بي .سي) التلفازية مؤخرا تجاوزات للبنتاغون في هذه الصدد للتجسس على حشد مناهض للحرب كما ان فرق مكافحة الإرهاب لمكتب التحقيقات الفدرالي نفذ العديد من عمليات التجسس منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م. وإذا كان الرئيس بوش محقا في القول بان الكونغرس منحه سلطة التجسس على الأمريكيين فان الكونغرس يمكنه ان يستردها منه أيضا. (نيويورك تايمز)