الارقام المخيفة التي اوردتها الصحف حول مبيعات التبغ في المملكة والمتمثلة في خمسة مليارات ريال سنوياً تنذر بمزيد من النيران والدخان والانتحار البطيء. وحيث ان الاحصائيات لدينا تأتي دائماً متأخرة فلا عجب لو زاد هذا المبلغ بملايين البكتات في وقتنا الحالي!! ولا اعرف هل المعسل والجراك وبقية عائلة الشيشة في الحسبة ام لا ولكن من المؤكد ان الرقم اعلاه سيتضاعف لو كان المقصود في الاحصائيات تبغ الدخان فقط خاصة مع هذه الطفرة الخرافية في المقاهي التي تستقبل المسافرين عند مداخل المدن بالرائحة والثبور وحرائق الصدور. ويبدو انه لا مفر من اضافة خمسة مليارات ريال أخرى سنوياً لمعالجة آثار احراق الخمسة مليارات الاولى وتشمل خسائر معالجة الاضرار الصحية وهي معروفة والخسائر الادارية الناتجة في جزء منها عن خروج الموظف اثناء وقت العمل الرسمي ليأخذ نفساً (!!) والخسائر المدنية الناتجة عن الحرائق كفانا الله شررها وغير ذلك. اصبح لدينا الآن مبلغ يتجاوز بسهولة متناهية العشرة مليارات ريال سنوياً. ولكي نتخيل حجم هذا الهدر الاقتصادي المهول سنقسم هذا العدد على عدد سكان المملكة ثم عدد ايام السنة.. ما هي النتيجة؟ ان كل مواطن كبيراً كان ام صغيراً سيشعل النار في ريالين كل يوم على مدار السنة او يشعل جريدة يومية لا فرق (ماعدا الشرق الاوسط) بل المثال الأخير انسب للموضوع بسبب حجم الادخنة الناتجة عن النار التي التهمت ما قيمته ريالين والذي يشابه حجم الادخنة المتسللة الى احشاء المدخنين عافاهم الله!! ولو حولنا هذا المبلغ الى فئة المئة ريال ورصفنا بها طريقاً لوصل بنا الى مكةالمكرمة والمدينة المنورة التي نتأمل فعلاً ان تكونا مدينتين خاليتين من التدخين تماماً. تأتي كصوت مبحوح وسط موجة عارمة من صخب الاغاني ونشيج الدرامات العربية المشهورة بالعياط!!. وفي الغرب ايضاً تؤكد بعض الدراسات القانونية تزايد قضايا التعويضات التي ترفع على الشركات المنتجة للتبغ وكذلك تعترف بالجدية المتناهية للمسألة من حيث العلاقة السببية بين التدخين وامراض متعددة تؤدي الى الموت البطيء. لقد اضحت مطاردة ومحاصرة ومعاقبة المنتج استراتيجية ناجعة للحد من المشكلة.. ولكن لدينا لا يوجد منتجون وانما وكلاء وموزعون فلماذا لا توجه سهام المكافحة لهم مباشرة؟ بدون جدل، ان حل المشكلة يكون في نزع جذورها من الاعماق واستهداف منتجها وموردها وموزعها بالحرب الاولى. وهناك مسألة أخيرة قبل اطفاء هذا المقال، يجب البحث عن حل لظاهرة المقاهي التي تنتشر حول المدن كانتشار النار في الخياشيم!! وتلتهم اموال وصحة واوقات (لا ادري في الحقيقة اي هذه الثلاثة الاهم؟) مواطنين اغلبهم وللاسف في عمر الزهور بلدهم وأسرهم بحاجة اليهم اقوياء اصحاء ويستيقضون مبكراً بأسنان ناصعة!!.