مع التقدم الطبي الكبير الذي يعيشه العالم حالياً تمكن الاطباء من علاج الكثير من المشكلات الصحية والامراض ومن التشوهات الخلقية بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل التطور الكبير سواء من حيث التعليم او من حيث الأجهزة المتطورة عكس ما كان عليه الحال في الماضي حيث كان الاستطباب والعلاج يتم بطرق بدائية. ومما تطالعنا به وسائل الاعلام التصاق التوائم التي تعتبر من الحالات النادرة والتي لا يتم فصلها الا في مراكز قليلة على مستوى العالم ولعل المملكة تقف في طليعة الدول التي تتوفر بها هذه الامكانات البشرية والتقنية لاجراء هذا النوع من الجراحات الدقيقة والخطيرة ان مثل هذا النوع من الالتصاق بين التوائم يحدث منذ اقدم العصور وقد رصد التاريخ الإسلامي لاحدى حالات الالتصاق لتوأمين عاشا حتى سن الخامسة والعشرين وقد وردت قصة هذا التوأم في عدد من المراجع التاريخية التي نكتفي بثلاثة مراجع منها حيث كانت الاختلافات بسيطة في رواياتها فقد جاء في كتاب المنتظم لابن الجوزي الصفحة: 1708 ما يلي: اخبرنا محمد بن ابي طاهر، اخبرنا علي بن المحسن التنوخي، عن ابيه، قال: حدثني ابو محمد يحيى بن محمد بن فهد، وابو عمر احمد بن محمد الخلال، قالا: حدثنا جماعة كثيرة العدد من اهل الموصل وغيره ممن كنا نثق بهم ويقع لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره وتواتره. انهم شاهدوا بالموصل سنة نيف وأربعين وثلاثمائة رجلين انفذهما صاحب أرمينية الى ناصر الدولة للاعجوبة منهما، وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب واحد ومن حد فويق الحقو الى دوين الابط، وكان معهما أبوهما، فذكر لهم انهما ولدا كذلك توأماً تراهما يلبسان قميصين وسروالين كل واحد منهما، لباسهما مفرداً الا انهما لم يكن يمكنهما لالتزاق كتفيهما وايديهما في المشي لضيق ذلك عليهما، فيجعل كل واحد منهما يده التي تلي اخاه من جانب الالتزاق خلف ظهر اخيه ويمشيان كذلك، وانما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن لاحدهما التصرف الا بتصرف الآخر معه، واذا اراد احدهما الغائط قام الآخر معه وان لم يكن محتاجاً، وان اباهما حدثهم انه لما ولدا اراد ان يفرق بينهما، فقيل له: انهما يتلفان لان التزاقهما من جنب الخاصرة، وانه لا يجوز ان يسلما، فتركهما، وكانا مسلمين، فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما، وكان الناس بالموصل يصيرون اليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما. قال ابو محمد: واخبرني جماعة انهما خرجا الى بلدهما، فاعتل احدهما ومات وبقي الآخر اياماً حتى أنتن وأخوه حي لا يمكنه الترف، ولا يمكن الأب دفن الميت الى ان لحقت الحي علة من الغم والرائحة، فمات ايضاً فدفنا جميعاً وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الاطباء وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما، فسألهما الاطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد؟ فقال: اذا جاع الواحد منا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وان شرب احدنا دواء مسهلاً انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق احدنا الغائط ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة فنظرو فإذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد، وليس من الالتصاق اضلاع، فعلموا انهما ان فصلا تلفا، وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجرا فتخاصما اعظم خصومة، حتى ربما حلف احدهما لا اكلم الآخر اياماً، ثم يصطلحان. وجاء في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري الصفحة: 386 قال ثابت بن سنان ارسل بعض بطارقة الأرمن الى ناصر الدولة الحسن بن حمدان رجلين ملتصقين عمرهما خمس وعشرون سنة ومعهما أبوهما والالتصاق كان في الجنب ولهما بطنان وسرتان ومعدتان وتختلف اوقات جوعهما وعطشهما وبولهما وكل واحد منهما مكمل الخلق وقال القاضي علي بن الحسن التنوخي ومات احدهما وبقي اياماً وانتن واخوه حي فجمع ناصر الدولة الاطباء على ان يقدروا على فصلهما فلم يقدروا ومات الآخر من رائحة الميت بعد ايام. كما جاء وصف مشابه في كتاب تاريخ الخلفاء السيوطي الصفحة: 166 حيث جاء في الكتاب: وفي هذه السنة بعث بعض بطارقة الأرمن الى ناصر الدولة بن حمدان رجلين ملتصقين عمرهما خمس وعشرون سنة والالتصاق في الجنب ولهما بطنان وسرتان ومعدتان ويختلف اوقات جوعهما وعطشهما وبولهما ولكل واحد كفان وذراعان ويدان وفخذان وساقان ومات احدهما وبقي اياماً واخوه حي فأنتن وجمع ناصر الدولة الاطباء على ان يقدروا على فصل الميت من الحي فلم يقدروا ثم مرض الحي من رائحة الميت ومات.