في علم الإدارة تعد (مدرسة النظم) نظاماً مفتوحاً على البيئة، وهي التي تحيل بعض تحدياتها الإدارية إلى مستقبلي الخدمة، ليصبح لهم دور في صياغة الحل. لأنه على الغالب الحلول الفوقية المنقطعة عن محيطها تقابل في معظم الأحيان بنوع من التوجس والحذر، بالتالي إشراك الميدان في القرار عبر العصف الذهني للمجموع يثري القرار ويوسع دائرته. ومدير قناة الثقافية الأستاذ عبدالعزيز العيد تحرك في هذا المجال عبر وسائل التواصل وهشتاق / ماذا يريد المشاهد من قناة الثقافية؟ وهو تحرك إيجابي يوظف إمكانيات المعرفة وأيضاً اقتصادياتها، بشكل قد يغني عن تمرير السؤال إلى مركز دراسات أو مايسمونها (التينك تانك) ذات الطابع الفوقي التنظيري. ولأن خطوة من هذا النوع تستحق المشاركة والاهتمام، فلربما النقاط التالية تكون جزءاً من مشاركة لابد أن يحرص عليه الجميع بدلاً من متكآت السخط والتنظير: - قدر القناة الثقافية هويتها النخبوية، فهي موجهة لشريحة ضيقة ذات وعي واهتمامات تتجاوز هشاشة التجاري الاستهلاكي باتجاه العميق والمركب، فهي تسير فوق ذلك البرزخ الغامض الذي يفصل بين متطلبات الإعلام بصخبه وانتشاره وجماهيريته، وبين النشاط النخبوي المعني بصناعة الوعي والفكر والجمال، ولذا من المهم أن لا يكون مؤشر نجاح القناة هو عدد المتابعين، أو كمية الإعلانات، لأن الانسياق للطابع الجماهيري الاستهلاكي قد يفقدها خصائصها وهويتها. - المتابع للقناة الثقافية سيستطيع أن يلمح الكثير من الإضافات الجادة والهامة لبرامجها مؤخراً، فهي لم يعتقلها السؤال التقليدي (من هو المثقف) الذي يجعله البعض كالمعضلة، بل نجدها قد فتحت أبوابها للكثير من الأنشطة والتجليات من آداب وفنون سمعية بصرية ودراما وجميع هذا بالتأكيد يسهم في إنضاج تلك التجارب وترسيخها كتجارب تعكس الثراء الإبداعي المحلي وهو يخطو داخل حيزه الفضائي ومشاركته العالمية. -صناعة الوعي الثقافي، وتذوق الجميل، والرقي بالأحاسيس، هو أحد التحديات التي يخوضها الوطن ضد الرؤى الضيقة والتطرف والعنف، وجزء من صناعة هذا الوعي يتم عبر الانفتاح على العوالم الإنسانية الشاسعة بروح إيجابيه مشبعة بالدهشة والاكتشاف، لابد للقناة الثقافية أن تفتح نوافذها على التجارب العالمية الخالدة في الآداب والفنون، كينابيع تصب في حقولنا المحلية، شرط أن لا تتخلى على معايير الذوق والسمو والجمال. - التغطيات الميدانية تحتاج اشتراطات مهنية عالية تتجاوز وضعها الحالي، ولاسيما أنها تمتد أحياناً لساعات طويلة لذا لابد أن تقدم مادة ثقافية ثرية، وليست مادة حشوية من الهشاشة اللفظية يطغى فيها الكم على الكيف. -كما أن الثقافية هي قناة نخبوية، لذا يشترط الأمر نفسه بالمعدين والمقدمين، ولعل هناك الكثير من الطاقات الشبابية الوطنية التي من الممكن أن تسهم في هذا المجال من المبدعين الشباب أنفسهم. -الأفلام الوثائقية تتسيد الآن عصر الثقافة البصرية، نتمنى أن يكون لها مساحة في القناة الثقافية سواء من ناحية العرض أو الإعداد. الثقافة هي ترسيخ الجميل المبدع الخالد، مقابل ثقافة العنف والتوحش.... لذا نتوقع منها الكثير. لمراسلة الكاتب: [email protected]