تعرضت المملكة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لهجمة شرسة من بعض الأوساط ووسائل الإعلام الأمريكية تتهمها بتمويل الإرهاب ودعمه والوقوف من ورائه وتربط تلك الهجمات بتمويل المملكة.. ! متناسية ما تعرضت له المملكة وما ضحت به من خسائر خلال وقوفها في وجه الإرهاب، وتضامنها حكومة وشعبا لنبذه والتصدي له وإنكار أعماله الإجرامية الشنيعة بشتى الوسائل والأساليب. وأحد البراهين التي أثبتت أن الموقف السعودي ينبذ الإرهاب ويقف ضده ويستنكر جرائمه جاء من الولاياتالمتحدة نفسها حيث، جاء الموقف الأمريكي بتبرئة المملكة من أي دور في اعتداءات 11 سبتمبر، ومن دعم تنظيم (القاعدة) الإرهابي قبل الهجمات. ووصف سفير المملكة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية سابقا صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز ادعاءات السناتور بوب غراهام حول انخراط مزعوم للمملكة في هجمات سبتمبر على نيويورك وواشنطن بأنها مزيفة وقال سموه: إن مثل هذه المزاعم غير مسؤولة وانه تم تفنيدها من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). من جهتها حاولت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على عدد من المؤسسات السعودية المتهمة بالإرهاب إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية وغيرها من الوكالات الحكومية أحبطت تلك المساعي والمحاولات. ورفض الكونغرس الأمريكي محاولة من نواب ديمقراطيين إقحام المملكة في مناقشات قانون المساعدات الخارجية مطالبين بإدراج بند يمنع تقديم أي مساعدات للمملكة. واشاد عدد من المسؤولين بجهود المملكة وعزمها في مكافحة الإرهاب العالمي واعتبروا جهود الرياض في مكافحته محل تقدير واحترام كونها حققت إنجازات كبيرة. وكان مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد مطلع العام من الأدلة التي تشهد على اهتمام المملكة وسعيها لاستئصال هذه الآفة من العالم والعمل على تفكيك شبكاتها بتواصل وتكاتف عالمي. وثمن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في محاربة الإرهاب ووصف خادم الحرمين ب «الرجل الصادق الأمين» الذي يؤخذ كلامه مأخذ الجد، وانه يقوم بكل ما يستطيع لمحاربة الإرهاب. وفيما يلي ملخص الافادة التي ادلى بها دانيال غلاسر مساعد وزير المالية الأمريكي رئيس مكتب مكافحة تمويل الارهاب والجرائم المالية بوزارة الخزانة الأمريكية امام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ حول جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الارهاب في الثامن من شهر نوفمبر الجاري. السيد الرئيس سبكتر ونائبه الودنو ليهي والسادة اعضاء اللجنة الموقرين: أشكركم على دعوتي اليوم للادلاء بافادتي امامكم حول المملكة العربية السعودية. ان هذا موضوع غاية في الاهمية ذلك انه يمس صميم جهودنا كحكومة لمكافحة الارهاب على نطاق العالم كافة. لقد تعلمنا على مدى السنوات الاربع الماضية ان الحرب على الارهاب تتطلب جهوداً جماعية في كل دولة من خلال العمل على التصدي للارهاب داخل حدودها هي وفي كل ركن من اركان الكرة الارضية. وفي هذه المعركة الجماعية فإننا نعتمد على الحكمة واليقظة والدعم من قبل حلفائنا ومن قبل اولئك الذين لدينا علاقات وتعاملات معهم. وفي إطار هذا الخليط من العلاقات فإن المملكة العربية السعودية هي بكل المقاييس احدى الدول التي تحتل مكانة محورية في جهودنا العالمية للتصدي للارهاب. انني أميز نوعية هذه العلاقة على انها شراكة فاعلة تسعى لاحراز تقدم في منظومة من المسائل المتعددة. ان النجاح على المستوى العالمي على صعيدي غسيل الاموال وتمويل مكافحة الارهاب يعتمد على ضمان ان هذه العلاقة حقيقية وموضع اهتمام مركز ودائمة. بيد انه، مثلها في ذلك مثل أي علاقة اخرى، فإن علاقاتنا مرت بأوقات من الاحباطات ونفاد الصبر. ان الشراكة تنمو وتتطور بمضي الزمن ومن ثم فإن تلك التي تدوم بمقدورها ان تشير الى قائمة طويلة من التجارب التي اختبرت كلاً من طرفي هذه الشراكة، وشراكتنا مع المملكة العربية السعودية ليست استثناء. واليوم تتصدى المملكة العربية السعودية بفعالية لخطر الارهاب. وهذا نجاح غاية في الاهمية حفزته الهجمات الارهابية في الرياض في مايو من عام 2003م التي نبهت المملكة الى ان الارهاب ليس معضلة عالمية فحسب بل محلية ايضاً. وبعد تعرضها لعدة هجمات داخل اراضيها تفهمت المملكة العربية السعودية الخطر الماثل الواضح الذي يشكله الارهاب وبنيات دعمه الشاسعة على مواطنيها وعلى لحمة وسداة الحياة اليومية. وعانت الولاياتالمتحدة من نفس التجربة في 11 سبتمبر 2001 وفي الاشهر والسنوات العصيبة التي تلت. لقد ابدى السعوديون عزماً اكيداً على اتخاذ اجراء متشدد حيال تنظيم القاعدة. كما خطت الحكومة السعودية خطوات للتصدي لمسألة جوهرية اكثر تتمثل في مواجهة الايديولوجية المتطرفة من خلال شن حملة داخل المملكة ضد «الفئة الضالة» التي تحرف الاسلام من اجل الدعوة للعنف. وتضمنت هذه الحملة العمل مع رجالات الدين لمنع الخطب والمواعظ المتخمة بالكراهية وبيانات متكررة صادرة عن الملك للتصدي لهذه المسائل. ان المملكة العربية السعودية تعمل بكل همة على مواجهة كارثة التطرف والارهاب التي تواجهها في الداخل. غير ان ما يحدث في الخارج هو ايضاً غاية في الاهمية ذلك ان الارهاب في احدى الدول يستطيع ان يجد طريقة بكل يسر الى أي مكان آخر في العالم ومن ثم يشكل خطراً عليناً جميعاً. لقد اتخذت المملكة العربية السعودية العديد من الاجراءات لاستئصال مد تمويل الارهاب داخل اراضيها منذ تعرض الرياض لهجمات ارهابية في مايو 2003. وفي الواقع فإن المملكة العربية السعودية ذهبت في بعض النواحي الى أبعد من العديد من دول المنطقة لبناء انظمة جادة تهدف لمكافحة مصادر التمويل غير المشروع. وتتضمن هذه الاجراءات قواعد جديدة تنظم عمل القطاع الخيري والمزيد من المراقبة والحنكة في القطاع المالي والتكامل الاقليمي في المسائل ذات الصلة بمكافحة غسل الاموال وتمويل مكافحة الارهاب.