احتفالية فنية، وعرس تشكيلي، وحضور رفيع المستوى من الدبلوماسيين والفنانين والمهتمين شهدته صالة "هوب أرت" أبوظبي، حيث افتتح د. محمد المسعودي مدير الشؤون الثقافية بالملحقية الثقافية في سفارة المملكة في الإمارات، والمهندس أحمد اليافعي مدير مجمع أبوظبي للفنون، بحضور السفير الكولومبي المعرض الشخصي الدولي الأول للفنان عبدالوهاب عطيف بعنوان "ذاكرة الفل". وتضمن المعرض خمسين لوحة تشكيلية بأحجام مختلفة، تجلى فيها انتماء الفنان لبيئته في منطقة جازان، حيث غاص فيها مستمداً منها رموزه، ومفرداته التشكيلية. وعد د. محمد المسعودي أن معرض عطيف هو واحد من أهم المعارض الشخصية السعودية التي شاهدها هذا العام في دولة الإمارات من حيث الحضور الرفيع والأعمال الفنية القيمة المؤثرة، التي يظهر فيها مدى تمكن الفنان من أدواته التشكيلية عن بيئة الفنان الساحرة في جازان الحبيبة، وأخرج لوحاته بصورة معاصرة، لتلمح بين ثناياها حساً أصيلاً، واختزالاً لونياً أخاذاً يبعد عن البهرجة والنقل. وأكد د. المسعودي أن هذه التظاهرة الفنية الثقافية هي رسالة معبرة في دعم جسور فكر الفن التشكيلي في الخليج والمنطقة العربية ككل، ورعاية الملحقية الثقافية جزء من الإستراتيجية التي تتبناها "وزارة التعليم" في دعم مثقفي الوطن وتشجيعهم على نشر الإبداع والتميز لدعم الروابط الثقافية والإبداعية في الخارج. وقد احتوى المعرض على أكثر من لوحة حملت عنوان "فجريات"، تميزت بلونها الأحمر الأرجواني الذي تشرب بالبنفسجي، فيما تبدو تفاصيل المنظر من وراء غشاء ضبابي يوحي بالفجر، بينما نرى لوحة "غروب" سوداء غامقة في أرضيتها تعكس الجمال بألوان داكنة تبدو كأنها ظلال، في حين امتد اللون البرتقالي بتدرجاته فوق الأفق ليوحي بسماء الغروب. أما لوحات "صباح ممطر"، "قبل العاصفة"، "مساءات العجاج"، "العيد"، و"حوار" فجاءت في ألوان زاهية توحي بموضوعها قبل قراءة العنوان. وقال الفنان عبدالوهاب عطيف إن اختياره لدولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون منطلقاً للمعرض الفني الثاني، يعود "لما تشهده من حراك فني وتشكيلي مميز ونشط، وأتمنى أن أنقل هذا المعرض إلى كل إمارات الدولة"، مؤكداً أن هناك تقارباً في الموروث التراثي بين الإمارات والمملكة كما هو واقع بين الحكومتين والشعبين. وأضاف: "يضم هذا المعرض زهاء 50 عملاً فنياً بعضها جديد وبعضها قديم، اشتغلت عليه منذ 15 سنة ضمن مشروعي الفني لتوثيق الموروث التراثي والثقافي العربي، وهي في مجملها خلاصة معرضي الأول الذي تنقلت به في عدة مدن في المملكة"، مشيراً إلى أن الفن يجب أن يكون مرتبطاً ببيئة الفنان حتى يكون معبراً وصادقاً ويصل إلى الناس. وأوضح عطيف أنه قام بجمع هذه المجموعة الفنية بهدف توثيق الحياة القديمة، ونقل الموروث الثقافي بصورة معاصرة، استخدم فيها أكثر من طريقة للرسم لمعالجة موضوعات متعددة تظهر عنايته واهتمامه بالبيئة التراثية التي نشأ فيها، مولعاً بأدبيات وتقنيات رسوم الحقول والفضاءات المفتوحة وممارسات الحياة اليومية. وتظهر في أعماله ألوان ومشاهد حيوية لحياة ابن الريف بحميمية تكاد تصل حد الالتصاق بهذه المشاهد الأكثر ثراء وواقعية وتحمل رائحة الأرض، كما سعى عطيف إلى الإنتاج وتكوين وحدات زخرفية مستقاة من جماليات محيطه البيئي مستفيداً من تقنيات الرسم الهندسي الذي يعدّ فناً قابلاً للمعالجة والإفادة منه، ويحول طابعه الهندسي وآليات إنتاجه التقنية بينه وبين معالجة بعض قِيَمه والانطلاق منها إلى تكوين وحدات جمالية ذات طابع زخرفي. واختتم الفنان عطيف حديثه عن المعرض وسرّ تسميته قائلاً: "إن الفل رمز الليالي في ذاك الزمان، الفل رمز البهجة، رائحة الفل تجعل الإنسان ينسى همومه وصعوبة الحياة ومشقة المعاناة، في الصباح يصحو على رائحة الفل، ومساء يعود إلى البيت مع رائحة الفل". يذكر أن للفنان عبدالوهاب عطيف عدد من المشاركات الجماعية داخل المملكة وخارجها، أبرزها مشاركته في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ومعرض ومسابقة السفير التي تنظمها وزارة الخارجية.