أيام الاتساع والتعاظم السريع في عمليات المقاولات والتزويد والتجهيز والإمداد، أو ما يُسمّى خطأ ب.. «التأمين» للمواد للدوائر الحكومية ونصف الحكومية كان المقاولون والمجهّزون يعمدون إلى الحيل والذكاء التجاري الذي قد لا يكون له مثيل في بلاد أخرى. هذا الذكاء يتمثلُ في أن تتقدم واحدة من المؤسسات بسعر.. ثم تتفق مع مؤسسات أخرى (غالباً وهمية أو خيالية) بأن تتقدم بسعر أعلي.. وعندما يجري فتح المظاريف فبطبيعة الحال ترسو المناقصة أو التزويد على المؤسسة الأولى و«كله بالنظام»..! وتحصل المؤسستان الأخريان على «المقسوم» وهكذا.. فهوكسب لا يكلّف إلا ثمن مواصفات المناقصة، وورقة مختومة. وكانت المنافسات تشتد بين المتنافسين، ويحتدم الجدل بين المتجادلين - ويشتد اللعب..!! ويقوى وفي بعض الأحيان تتشابك الدلاء، إذا كان للمناقصة أو المقاولة قوى تحميها داخل الدائرة ذاتها، وعادة ما تكون ضخمة ومهمة. يعيق ذلك التشابك الدلوعن الصعود والهبوط ويتعذر حينذاك الاستقاء أو (الريّة). وفي رأيي أن هذا هو واحد من الأسباب التي عوّقت المشاريع، وتسليمها لرب العمل (الدائرة) منقوصة، مُعاقة، مصابة عند الولادة. المشكل ان الإثم ملتصق بأناس لا يزالون في قمة نشاطهم، والفساد ليس في الجهاز الذي جرى توريده..أو الطريق الذي نُفّذ أو الجسور التي بُنيت.. إنما الفساد بمن مرّر مقاولته..