قد أجد من يتفق معي أن معظم الدوائر الحكومية في بلادنا تحمل تاريخ البيروقراطية على كتفيها، ولقد رأينا العذر لها عند بداية تأسيس هذه البلاد على يد المغفور له الملك عبدالعزيز حيث كان يرحمه الله يخشى الفساد والإفساد، فاحتاط بأن جعل الحراك الإداري تحت نظر عينيه. غير أن الزمن تغيّر وكثر لدينا الخريجون والخريجات الذين - أو أكثرهم - يرون استمرار ذلك النهج مصدر تعطيل مستديم، بل هو تشويه للعمل الإداري، ولو أمعنا النظر لرأينا زبانية الفساد والإفساد صورة ساكنة في مشهد أو سيناريو المقاولات والمناقصات وتأمين اللوازم الخاصة بالعمل والإدارة. وبدأت الحكومة تفكر جدياً في فصل بعض المصالح والإدارات عن كاهلها عندما أسست منافع مثل معهد الإدارة وتركت الإدارة والتنفيذ والمقاولات والمناقصات لرجال داخل المؤسسة تلتها التأمينات الاجتماعية وغيرها. فهل سمعتم بفساد أو رشوة أو تعطيل في معهد الإدارة - مثلاً - أو التأمينات الاجتماعية؟ أو سابك؟ أو... أو... رجال تلك المؤسسات يرون في الفساد عيباً وسبّة. بعكس دوائر أخرى لا أريد أن أسميها، فهي معروفة، تلك الدوائر التي يعيش جلّ أفرادها على «المقسوم» ويهزّون عصا الحكومة في وجه كل من يرفض الانصياع لطلباتهم الكثيرة أو الانصياع لرغباتهم الوافرة...! والجزلة...! والفريدة.. والمبالغ فيها. بعد اتساع الثقافة.... التي هي في الغالب مرتبطة بالنزاهة والعدل، بدأت الحكومة في فصل بعض المصالح عن سيطرتها، وجعلت الرقابة عن بُعد وسيلة من وسائل الضبط. فعند ظهور تعارض مع النظام السائد هناك القضاء والادعاء العام ليقول للناس قف مكانك. تماماً كما يجري في معظم دول العالم. لا تزال البيروقراطية عندنا تحكم المطارات عالية التقنية، وأيضاً مقاولات تسوير المقابر...!