على الرغم من التأكيدات المتكررة من عدم قيام الولاياتالمتحدة بتعذيب معتقليها إلا أن الادارة الامريكية لا تستطيع على ما يبدو التخلص من الاسئلة الخاصة بمعاملتها للمشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية. وتعكف الادارة هذه الايام في جهود متناسقة لتلطيف صياغة مشروع تعديل قانون تجري مناقشته حاليا داخل الكونغرس ومن شأنه أن يحدد سبل الاستجواب في إطار الحرب على الارهاب ويمنع «المعاملة الوحشية وغير الانسانية والمهينة» للمعتقلين الذين تحتجزهم الولاياتالمتحدة. ويعد السيناتور جون ماكين أحد أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس جورج بوش هو القوة المحركة للاقتراح المناوئ للتعذيب ويقول إن البيت الابيض يبذل « كل ما في وسعه لنزع أي استثناء للمخابرات المركزية الامريكية (سي أي إيه).» وقال ماكين لوكالة الانباء الالمانية هذا الاسبوع « سأبذل كل ما أستطيع لضمان أننا لا نعذب الناس». وكان نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني قد زار الكونجرس لاقناع المشرعين بتغيير لهجة التشريع. وعندما سألته وكالة الانباء الالمانية يوم الثلاثاء عما إذا كانت الولاياتالمتحدة قد تغاضت في أي وقت مضى عن استخدام التعذيب لم يعلق تشيني ومضى في طريقه لحضور اجتماع مع الاعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ. وكانت التقارير التي تتحدث عن الانتهاكات في العراق وأفغانستان ومعتقل خليج جوانتانامو بكوبا قد ظلت تطارد إدارة بوش. وتفيد آخر المعلومات التي ذكرتها صحيفة «الواشنطن بوست» الاربعاء أن المخابرات المركزية الامريكية تحتجز عددا من المشتبه في تورطهم في أعمال «إرهابية» في سجون سرية بمناطق مختلفة في أرجاء العالم بما فيها دول ديمقراطية بشرق أوروبا لم تذكر اسمها. وكان وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد نفى في الاسبوع الجاري طلبا تقدمت به الاممالمتحدة لمقابلة المعتقلين في جوانتانامو. وأدى موقف البيت الابيض المعارض لجهود ماكين إلى ظهور انتقادات لاذعة في صفحات التعليقات الامريكية. ويصر البيت الابيض على أن (اللغة) التي مررها مجلس الشيوخ بموافقة 90 ومعارضة 9 «ستقيد سلطات الرئيس لحماية الامريكيين بصورة فعالة من الهجمات الارهابية وتقديم الارهابيين للعدالة.» ويقول ماكين سجين الحرب السابق في شمال فيتنام الذي تعرض للتعذيب «إن الامر ليس كذلك. إنهم يقولون إنه سيضعف قدرتهم على جمع المعلومات الاستخباراتية وأنا لا اتفق مع ذلك». ولقد تحدث بوش علناً في العديد من المناسبات ضد التعذيب. وقال في 26 حزيران (يونيو) 2004 إن قيم هذه البلاد تشير إلى أن التعذيب ليس من شيمنا. وفي عام 2003 قال أن الولاياتالمتحدة تقود الحرب على التعذيب باعتبارها قدوة. إلا أن تقارير الانتهاكات للمعتقلين والسجناء شوهت صورة الولاياتالمتحدة في الخارج ويقول المؤيدون لاقتراح ماكين إن ذلك يسيء لجهود بناء التحالف في الحرب على الارهاب. وأشارت «الواشنطن بوست» في تقريرها إلى أن الادارة استغلت القلق على الامن القومي لاقناع الاعضاء الرئيسيين في الكونجرس بعدم التحدث بصورة علنية عن مراكز الاعتقال ولا يعرف أي شيء تقريبا عمن يتم اعتقالهم في المنشآت وما هي وسائل التحقيق المستخدمة. ولكن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان كرر الاربعاء القول إن الولاياتالمتحدة تبذل كل ما في وسعها لضمان ذلك. وقال ردا على سؤال لوكالة الانباء الالمانية بشأن التعذيب « هناك قوانين وتعهدات ملتزمون بتنفيذها ونحن نفعل ذلك». وفيما يتعلق بما ذكرته صحيفة «الواشنطن بوست» قال ماكليلان إنه لا يستطيع التعليق على أمور تخص الاستخبارات. ويعتمد البيت الابيض على حلفائه في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون لاعاقة تعديل ماكين والمرتبط بمشروع الانفاق الدفاعي البالغ حجمه 440 مليار دولار لميزانية عام 2006. وقالت «الواشنطن بوست» في افتتاحية نشرت في الآونة الاخيرة إنه إذا ما تحول مشروع قانون منع القمع إلى تشريع ووصل إلى مائدة بوش واستخدم الفيتو ضده فإن الرئيس بذلك سيكون قد أعلن للعالم «إفلاس إدارته الاخلاقي».