لا يمكن قبول التشكيك بإمكانات الأجهزة الأمنية، أو التعاطف مع الأفكار التي تقترح البدائل غير الحكومية، لأن هذه الأفكار مستوردة غالبا، وتعني - بشكل ضمني - منح الشرعية لغير الكيانات الرسمية، ولإرسال رسالة تقول بضعف الدولة، حتى وإن كانت النية غير ذلك، إلا أن هناك مستفيدين من إيجاد مثل هذا الأمر. الحروب النفسية أحد أهم أشكال الحروب الإرهابية، البعض يمارسها بوعي وآخرون بدونه، والتي تعتبر "أقسى أنواع الحروب على الإطلاق؛ لأنها تستهدف قلب الإنسان وعقله وسلوكه، وتقوده نحو الهزيمة والاستسلام بعد القضاء على روح المواجهة لديه. وهي لا تستهدف الأفراد فقط بل تستهدف كلّ فئات المجتمع."، وهو ما يفترض أن نعيه جيدا، ليس ذلك وحسب، بل نواجهه أيضا. الحروب الإلكترونية، أو ما يعرف ب"الإرهاب الإلكتروني"، هو الآخر لا يقل أهمية عن سابقه، بل إنه المكان الأمثل للحروب النفسية، التي يشنها المتطرفون والعابثون، بتنظيم أو بدونه، والتي تعني "استخدام وسائل إلكترونيّة في عدوان أو تخويف أو تهديد له طابع مادي أو معنوي، ويصدر من دول أو جماعات أو أفراد عبر الفضاء الإلكتروني. كما يعني أن يسعى ذلك العدوان للتأثير على الاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني"، ولذلك نسأل: هل نحن جاهزون لمجابتها؟ وبشكل أوضح: هل لدينا مشروع لإسقاط التنظيمات "الإلكترونية" التي تستهدفنا؟! يجب أن نتيقن أن صوت العقل يعلو كل ما سواه، ولسنا "جديدين" في ساحات التحدي، وسبق أن قمعنا الإرهاب، بعدما روج مريدون له بأنه تمكن منا، وكان ذلك - ولا زال - بتعاون شعبي جاد، والتفاف حقيقي حول الحكومة، بمنأى عن كل أنواع الطائفية أو الكراهية. يحاول التنظيم الإرهابي "داعش" إيهام العالم بأنه دولة، من خلال ما يقدمه للإعلام، العربي والعالمي، عبر المخاطبة بطريقة احترافية بمختلف الوسائل، لاستقطاب المزيد من المتعاطفين. بذات السياسة الإعلامية هذه؛ يستغل العامة للترويج لإجرامه، وصوره، مستغلا الطفرة التقنية، لذلك يجب أن ندرك أن ترويج الصور والمعلومات "الداعشية "جزء من"الدعشنة"، ونذكّر أن حسن النية لا يكفي! التهاون مع الذين يحترفون بث الكراهية؛ يغري الذين يبحثون عن متابعين على حساب وحدة الوطن، من بعض رجال الدين وأشباه المثقفين.. والعابثين، وحتى نكون مباشرين، هم معروفون بشكل واضح، وحساباتهم في الشبكات الاجتماعية تعج بالفتنة، وحتى مواقعهم الإلكترونية، ولا أعتقد بأن الوصول لهم، أو وجود ما يدينهم، يحتاج وقتا أو جهدا يستحق الانتظار أطول. وأخيرا.. يجب أن يعرف الجميع أن الوطن أكبر من كل الأشياء، وأعلى من كل المزايدات، ولا هوية - مهما كانت - يمكن تقديمها فوق مفهوم الدولة، وهذه أمور لا يمكن الجدال فيها، أو طرحها في سوق التأويلات والتفسيرات، ومن هنا يجب أن تكون نقطة "الاتفاق" دائما. والسلام.