عرضت المفوضية الأوروبية أمس خطة لمحاولة معالجة ظاهرة الهجرة السرية إلى دول الاتحاد الأوروبي على نحو يأخذ في الحسبان الاعتبارات الإنسانية من جهة وحاجة هذه الدول من جهة أخرى إلى عمالة تساهم في تطوير اقتصادها. وتحتوي الخطة على ثلاثة محاور تخص توزيع المهاجرين السرين الراغبين في الحصول على اللجوء السياسي في دول الاتحاد الأوروبي على أساس المحاصصة وتعزيز وسائل التصدي للشبكات التي تغذي ظاهرة الهجرة السرية عبر ما يسمى ب"قوارب الموت" والعمل على إيجاد أطر تساعد على استقدام العمالة الأجنبية من شأنها التخفيف من حدة الهجرة السرية. وتجدر الملاحظة إلى أن هذه الخطة التي عرضت في بروكسيل من قبل المفوضية الأوروبية صيغت بعد تزايد ظاهرة جنوح المراكب التي تقل مهاجرين سريين عبر المتوسط باتجاه دول الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، مما تتسبب في هلاك آلاف الأشخاص ومما جعل المراقبين المهتمين بملف الهجرة يصفون البحر الأبيض المتوسط ب"مقبرة المهاجرين". وكانت السلطات الإيطالية قد طالبت خلال قمة أوروبية عقدت الشهر الماضي في لوكسمبورغ بالعمل على أن يتم تقاسم عبء الجهود الرامية إلى التصدي إلى الهجرة السرية بين مختلف دول الاتحاد الأوروبي لا بين دول قليلة هي أساسا إيطاليا واليونان وإسبانيا. وقد اقترحت المفوضية الأوروبية في خطتها منح عشرين ألف لاجئ في غضون السنتين المقبلتين حق اللجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي وتوزيعها بموجب نظام المحاصصة. وأبدت عدة دول أوروبية تحفظا على هذا المقترح من بينها المملكة المتحدة وبولندا، بل إن وزيرة الداخلية البريطانية أكدت أمس في مقال نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية أن بلادها ترفض هذا المقترح رفضا قاطعا واقترحت فتح مراكز في شمال أفريقيا لإيواء المهاجرين السريين الذين يعثر عليهم في المتوسط وهم في الطريق إلى أوروبا قبل إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. أما بولندا فإنها أكدت أنها تتحفظ على نظام المحاصصة، ولكنها أبدت استعدادها إلى إيواء عدد من المهاجرين السريين شريطة أن يكونوا مسيحيين. وأما بشأن التصدي للشبكات التي تخصصت في نقل المهاجرين السريين، فإن المفوضية الأوروبية موافقة على قرار كان قادة دول الاتحاد الأوروبي قد اتخذوه خلال قمتهم السابقة التي عقدوها الشهر الماضي حول الموضوع والقاضي بالتصدي إلى هذه الشبكات من خلال إتلاف مراكبهم في الموانئ التي تنطلق منها ولاسيما الموانئ الليبية أو التونسية أو من موانئ أخرى. ولكن هذا القرار يحتاج إلى موافقة مجلس الأمن الدولي عليه، وفعلا عرض القرار في الأيام الأخيرة على المجلس ولكن التحفظات عليه كثيرة من قبل دول دائمة العضوية في المجلس في مقدمتها روسيا ومن قبل دول الجنوب المتوسطي والتي ترى أنه كان أولى بدول الاتحاد الأوروبي أن تشركها في المساعي الرامية إلى التصدي لظاهرة الهجرة السرية بدل أن تتجاهلها أو أن تفرض عليها قرارات من فوق.