أصابت «عاصفة الحزم» ما تبقى من مشروع الحلم الفارسي العبثي في المنطقة في مقتل، لتكشف للعالم أجمع ما كان خافياً تحت «العمائم» من فشل سياسي وعسكري وإعلامي وأخلاقي كبير، كانت طهران تستميت في إخفائه عن شعبها أولاً، وعن العالم، من خلال تجنيد جهازها الإعلامي الذي تزيد قنواته على ال (120) قناة فضائية، وعشرات الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى، لتزييف الحقائق والكذب والتضليل الذي لا يجيده غير إيران، في محاولة لتغطية هذا الفشل، ولا أدل على ذلك من حجم الصراخ والعويل الذي يملأ الفضاء عبر قنواتها الدعائية بعد»الحزم» العربي، الذي تقوده المملكة، والذي جاء على قدر الألم إذ لم يتبق أمام إيران - بعد السقوط المدوي لمشروعها - إلا ممارسة هذا الأسلوب الرخيص في الكذب والتضليل والبكاء على واقعها بعد نهاية الحلم. وتابع العالم أجمع بعد بدء عاصفة العزة والكرامة ترسانة الأسلحة الهائلة ومستودعات الصواريخ التي كانت تملأ جبال اليمن وأوديتها، من قبل عملائها الحوثيين في انتظار شارة البدء من طهران لتنفيذ المخطط الإيراني التوسعي في المنطقة، والتعدي على أرض الحرمين، قبل أن تدكها طائرات قوات التحالف لتبدأ مرحلة الحزم أمام هذا العبث الفارسي في المنطقة. «ندوة الثلاثاء» تناقش اليوم وضع إيران بعد «العاصفة» وتعاطي أجهزتها الإعلامية مع نتائج «الحزم»، كما تناولنا مع ضيوف الندوة الداخل الإيراني وما يعانيه من قمع وفقر وعدة مشكلات نتيجة سياسة حكومته الفاشلة التي وظفت مدخرات شعبها لتنفيذ مخططاتها التوسعية في المنطقة على حساب توفير الحياة الكريمة للشعب الايراني. الداخل الإيراني في البداية تحدث "د. عبدالرحيم زاده" عن إيران من الداخل ووضع الأقليات السنّة هناك في ظل ما تعانيه من ظروف صعبة واضطهاد وإجراءات تعسفية، قائلاً: نحن منذ (20) عاما نبحث عن منابر حتى توصل صوتنا إلى العالم العربي بالذات، والحمد لله خلال الأعوام الأخيرة استطعنا توصيل شيء ما عن الأقليات القومية في إيران، فهم في الواقع يُعدون الأكثرية، حيث يُشكّلون (70%) من الشعب، والفُرس لا يزيدون على (30%)، مضيفاً أن السنة بشكل عام ثاني أكثرية في إيران، حيث يشكلون ثلث السكان، ف"البلوش" من السنة، و"الأكراد" من السنة والعرب كذلك، إضافةً إلى أن "الكوابش" من السنة، و"الخراسان" جزء منهم سنة، مبيناً أنه إذا خرجوا من مدينة "مشهد" إلى "بلوشستان" فمعظم القرى سنية، وهذه القبائل امتداد عقدي وقومي للعرب، و"البلوش" معظمهم عرب، و"الأحواز هم عرب إلى هذه اللحظة، مشيراً إلى أن هناك قرى في "خرسان" عربية إلى الآن، بل وتتكلم العربية وهم يفتخرون بذلك، على الرغم من الجهود التي بذلت منذ (500) عام من أجل تطميسهم، وهم ينظرون إلى العالم العربي كسند لهم وامتداد لهم، لذلك هم يعانون من القتل والدمار ومن الهجمة الثقافية وتغيير هويتهم، موضحاً أنه بفضل الله تعالى ثم التواصل الاجتماعي الجديد تنبهوا لهذه النقطة. وأضاف أن معظم الأقليات إن لم ترد الانفصال فإنها تريد الاستقلال الذاتي، سواء "البلوش" أو "الأكراد" أو "الأحوازيين"، وربما الإخوة الاحوازيون يعانون أكثر من الجميع؛ لأن الاقتصاد الايراني قائم على مدينتهم، وعلى الرغم من ذلك لا يجدون ماء الشرب، فماؤهم إلى الآن مالح، مؤكداً أن الاهتمام بهذه القضايا واستغلالها واستثمارها في سبيل إحقاق الحق من أوجب مسؤوليات الإعلام. إسكات المعارض وحول تعاطي الإعلام الإيراني مع هذه القضايا والتجاذبات القائمة بين هذه الأطراف داخل المجتمع الايراني، أوضح "د. عبدالرحيم زاده" أن الإعلام الإيراني يهمل هذه القضايا بشكل نهائي في الداخل، حيث تُشكّل لهم خطاً أحمر، مضيفاً أنهم لا يريدون إثارتها أصلاً؛ لأنها تمثل حقوقاً شرعية، مبيناً أنه بعد مرور (35) عاما من الثورة لا تجد وزيراً ولا نائب وزير ولا محافظاً سنياً أو "بلوشياً" مثلاً أو "كردياً"، لذلك هم ينادون بوحدة إسلامية ومن خلالها يقصدون وحدة شيعية، ويسعون إلى إسكات أي صوت معارض، هذا كله بخلاف المواد الموجودة في الدستور الإيراني حيث نجد أنه في البداية أعطى بعض الحقوق للأقليات القومية والدينية، وبعد (15) عاما تقريباً رفض احتجاجاً إلى المدعي لإيران، وقلنا لهم: "انكم كتبتم في الدستور أنكم تعطون حقوقاً لأهل السنة"، قالوا: "نعم، حيث كنّا نعمل بالتقية، لكن الآن لا نعمل بها"، متسائلاً: أي قوم هؤلاء يكتبون الدستور بالتقية، ومن يثق بهم؟ ذاكراً أنه نتيجة لذلك نجد أن الشعب الإيراني كره المذهب وكره الدين، بل إن الملايين منهم صاروا لا دينيين بالمرة، وتركوا الدين نهائياً؛ نتيجة لهذه الأعمال. وأضاف: أنا كنت في إيران قبل (25) عاما، وأسير في الشارع وأركب الحافلات، ووجدت الناس يتناقشون، وسألت أحدهم: "ما دخل هؤلاء الفئة الضالة في الإعلام"، قال لي: "هؤلاء هم أهل البيت"، ثم قال: "هل أنتم أحسن منهم؟ يا أخي ناقشني في أي ديانة، ولا تناقشني في الإسلام"، موضحاً أنه من هنا نرى أن الناس خرجوا من دين الله أفواجا كما قال "بازرجان": "نحن عملنا الثورة حتى يدخل الناس في دين الله أفواجا"، ولكنهم للأسف خرجوا من دين الله. الإعلام الإيراني وعاصفة الحزم وفيما يتعلق بتعاطي الإعلام الإيراني مع "عاصفة الحزم" بشكل خاص وقضايا الشرق الأوسط بشكل عام، قال "د. عبدالله الحمود": في الحقيقة لدي رأي بشأن الإعلام المصاحب للأزمة من الجانب الإيراني والحوثي وبعض الأجهزة الإعلامية العربية الموالية للحوثيين والايرانيين وهي - ولله الحمد - قليلة، ونحن عندما نحاول أن نستقرئ ونحلل الجهد الإعلامي الذي يبذل من الجانب الايراني والحوثي نجد أنفسنا ليس أمام إعلام على الاطلاق، إذ هي ليست صناعة إعلام، بل هذا تجسس على المهنة، وقد يعذرون في استقراء التاريخ وكيف تعمل القوى السياسية في معرض توظيف وسائل الاعلام على مر التاريخ، حيث تلجأ إلى ما يسمى في علم الاتصال الإنساني بالدعاية وليس الإعلام؛ لأن الإعلام هو عمل محترم ونبيل حتى وإن كنت مهزوماً أو مخالفاً، أو كنت خصماً، مضيفاً أن هناك منظومة أخلاقية وقيمية التي لا يحيد الإعلام عنها مهما كان، وهي في صراعنا اليوم توجد قيمتان اثنتان هما المصداقية والدقة، فيجب عليك أن تكون صادقاً ودقيقاً حتى لو كنت خصماً أو مخالفاً أو معادياً، مبيناً أن المصداقية لا تعني أن نقول كل شيء، وعندما تكون في صراع سياسي أو تجاذبات فكرية أو مذهبية أو خلافها ليس بالضرورة أن نتصور أن يقول الخصم كل شيء، لكن يجب أن نتصور أن الخصم النبيل الذي يتمتع بمنظومة أخلاقية أن يكون صادقاً، ذاكراً أن مصداقية الإعلام لا تعني أن تقول كل شيء، لكن يجب أن يكون ما تقوله وما تختاره صادقاً ودقيقاً. وتساءل: لماذا نقول يجب أن يكون الإعلام صادقاً ودقيقاً؟ لأننا في النهاية نتحدث عن شيء اسمه الإعلام، الذي يُعد مُعبراً عن عقلية الجماهير في بعض ميولها ومفاهيمها ورغباتها، أو يكون بتعريف الناس بالمشكلات وبالقضايا والموضوعات وطرح الحلول والبدائل وتفسيرها للناس، مشيراً إلى أن أي وظيفة من هاتين الوظيفتين مما يسمى إعلاماً لا يمكن إلاّ أن يكون صادقاً ودقيقاً، ولك أن تختار ما تقوله في إطار الصدق والدقة. دعاية غير مؤثرة وتداخل "د. إبراهيم العثيمين" قائلاً: إن الإعلام الإيراني غير مؤثِّر بالرغم من وجود ال(120) قناة، لأننا إذا عدنا إلى الوراء قليلاً وتحديداً عام 2006م كان الإعلام الإيراني مرتبطاً بمظلة المقاومة، وكانت باستطاعتها أن تبرر الشيء الكثير، لكن بعد ظهور الثورات العربية، خاصةً ما يحدث في سورية لم يستطع الإعلام الايراني أن يُبرر ما يقع من قتل ودمار ورمي القنابل بالبراميل المتفجرة على الساكنين، مبيناً أنه مهما اجتهد الإعلام الايراني في العمل الدعائي فإنه غير مؤثر. الأحوازيون وحول حاجتنا إلى استراتيجية فاعلة لمواجهة الكم الهائل من القنوات الفضائية الإيرانية التي تملأ الفضاء وقد تتجاوز (120) قناة إيرانية، ومدى وجود مناقشات في مجلس الشورى حول إستراتيجية مواجهة ذلك قال "د. سلطان السلطان": إن استراتيجية الإعلام لدينا تُبنى على دور الإعلام الخليجي، إذ باستطاعتنا نحن في المملكة أن نُصبح قوة إعلامية ضخمة، فإذا نظرنا مثلاً إلى رسالتنا الخالدة كيف وصلت إلى الآخرين وإلى دول الجوار ودول العالم الإسلامي، ونركز كذلك على وجود ما يزيد على مليار وأربع مئة ألف مسلم، حيث أن هناك حباً لا تستطيع أن تنتزعه من قلوب المسلمين من مشارق الأرض أو مغاربها خاصة دول الجوار وبقية الدول الإسلامية وهو حب تجاه أرض الحرمين، لذلك يجب أن نستغل هذا الحب إسلامياً، وأن نرسل مبادئ رسالتنا الخالدة، مضيفاً أن إذاعات إيران قوية في مواقع كثيرة، بينما إذاعاتنا ضعيفة، مضيفاً: "أذكر عندما كنت أدرس الأقمار الصناعية في اليابان (دراسة الدكتوراه)، ذهبت مع أطفالي ووالدي في زيارة إلى شط العرب وسافرنا من ميناء الشيوخ إلى خرم شهر، وكان ذلك قبل دخول القوات، وعندما رأينا الأحواز وجدنا العرب يتوددون إلينا شوقاً، بل إنهم يرتدون الثوب والغترة، وأنهم يحبون بلادنا حباً منقطع النظير، وغيرهم من الإيرانيين وجدنا منهم الاحترام والتقدير، إذاً نحن منقطعون عن العالم الذي كان له تاريخ تليد"، مُشدداً على ضرورة وجود إعلام قوي؛ لأننا بكل صدق لدينا المقومات التي تجعلنا أن نكون دولة عظمى كما كنا في الماضي. التركيز على الشعوب وأشار "د. سلطان السلطان" إلى أن الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والذي يتبع سياسته الآن الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - خاصةً في موضوع الحزم، وهذه من ثقافتنا العربية الأصيلة، ويجب بالتالي أن نتمسك برسالتنا القوية وندافع عنها ونرسلها إلى الناس ونسعى إلى الارتباط بهم، ونتعرف على الأصدقاء منهم والأعداء، مُشدداً على أن لوزارتي الخارجية والإعلام دوراً كبيراً، مؤكداً على أن التركيز على الشعوب - من وجهة نظره - أهم من التركيز على الحكومات، خاصةً في بناء المستشفيات، والمصانع، والطرق والمدارس، مبيناً أن المملكة دولة قوية، ومواطنيها مؤهلون أن يكونوا نموذجاً يحتذى به من قبل بعض الدول الإسلامية وغيرها، ذاكراً أنه يجب تطوير هذه الأمور إعلامياً واستثمارها في علاقاتنا مع الشعوب، موضحاً أنه على سبيل المثال اليابان لا يصرفون أموالاً في الخارج إلاّ بعد ربطها بأمور داخلية. فشل المخطط وعن تأثير الضربات العسكرية على سياسات وخطط إيران المرسومة على الخارطة منذ سنوات، أكد "د. محمد السلمي" أن المشروع الإيراني كان يسير وفق الخطة المرسومة تقريباً، وكان له نجاحات متتالية في لبنان وسورية والعراق وأخيراً في اليمن، مضيفاً أن إيران سعيدة كل السعادة بأن ترى هذا المخطط الذي كان على الورق واقعاً متحققاً على الأرض، وقد شاهد وسمع الجميع تلك التصريحات الإيرانية وتحديداً تصريحات الكاتب الإيراني محمد الحسيني - المرتبط بالحرس الثوري الايراني - عندما خرج على قناة الميادين وقال: "إن أربع مدن - عواصم عربية - سقطت في يد إيران، والآن ننتظر الخامسة"، ولعله ينظر إلى اليمن، مبيناً أن تصريحات علي يونسي - مستشار الرئيس روحاني - كشفت المستور، حيث قال: "إننا نسعى الى تشكيل الامبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد"، خاصةً أن العراق أصبحت في متناول يد الجمهورية الايرانية، ذاكراً أن عاصفة الحزم غيّرت الكثير، حيث صمتت إيران بشكل رسمي لمدة أسبوعين ثم بعد ذلك ظهرت تصريحات علي خامنئي بأن إيران ليس لديها مشروع حقيقي تستطيع أن تروج له الآن، كذلك وجدنا خامئني يركز على مقارنة المملكة العربية السعودية باسرائيل ويخاطب بلغة استعطاف للمجتمع اليمني وعلى رأسهم الزيدية، إلاّ أن الغريب أن خامنئي كفّر الزيدية، والزيدية أيضاً كفّرت الاثنى عشرية، مشيراً إلى أن إيران الآن مرتبكة؛ لأنها ترى أن مشروعها في خطر، وأن الأحداث التي وقعت في طهران خلال الأيام الماضية كانت تتوقع من خامنئي بعد صمت دام أسبوعين أن يقدم شيئاً يمكن أن يسبب إحراجاً للمملكة ولدول مجلس التعاون الخليجي ودول التحالف ككل، أو أن يقدم حلاً سياسياً للأزمة القائمة في اليمن، أو تقديم مقترحات يمكن النظر فيها أو مناقشتها حتى على مستوى بسيط جداً، إلاّ أن التصاريح جاءت كتفكير يشوبه التشيّخ. نحتاج إلى سياسة النفس الطويل في متابعة منجزاتنا بعد العاصفة وتطوير الشراكة «الإعلامية العسكرية» ارتباك طهران وأوضح أن ما حدث أمام السفارة السعودية في طهران قبل ثلاثة أيام يبرهن أيضاً أن إيران مازالت مرتبكة، خاصةً أن المتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة وشوّهوا جدرانها، كذلك رفعوا شعارات معارضة مما يدل على سوء الخلق والأخلاق، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أعلنت عن منع الرحلات الخاصة بالمعتمرين، مما يدل على تخبط سياسي لا يصل الى حقيقة المشكلة، ذاكراً أن ما سمعناه من خطاب هو موجّه إلى الداخل الإيراني واللعب بعواطف المجتمع، وإثارة الغضب تجاه الآخر العربي، خاصةً السعودي، دون أي إشارة منها إلى أن هناك مشكلة حقيقية داخل اليمن، أو أنه يجب البحث عن حل لقضية اليمن إذا كانت إيران بالفعل حريصة على ذلك، مبيناً أن الإعلام الإيراني لديه نجاحات خاصة قناة "برس تشيفي"، حيث حققت نجاحات واضحة، بل وأوصلت وجهة النظر الإيرانية إلى المجتمع الغربي وعلى وجه التحديد الأوضاع في اليمن، وحاولت أن تصوّر الحرب بأنها مذهبية، لكن ما يصلنا من تجاوزات من الاعلام الإيراني لا يتجاوز (10%) ولو نظرنا إلى الصحافة الإيرانية الصادرة اليوم نجد العجب العجاب عن المملكة من هجوم غير مبرر. وأشار إلى أن كل ما نراه في الإعلام الإيراني يلعب على جانبين؛ أولاً: "شيطنة المملكة"، وتصويرها على أنها هي الوحيدة التي تخوض الحرب دون التحدث عن بقية أعضاء التحالف، وثانياً: شاهدت قناة العالم ويذكرون أن أميركا هي التي ورّطت المملكة في اليمن! إذن كان من المفروض أن تكون إيران في حالة سرور ما دامت السعودية متورطة في اليمن، وليس في حالة غضب وتشنج، وهذا يؤكد أن الإعلام الايراني يخاطب في الداخل عن طريق الاعلام الناطق بالفارسية، ويحاول أن يلعب على قضية "شيطنة" المملكة، وكذلك الحديث عن موضوع القيادات السعودية الشابة كما ذكر خامنئي ولكن كل ذلك لم يمر بسهولة. د. زاده: إيران كتبت دستورها ب «التقية».. وعاصفة «المجد» أصابتها في مقتل الصوت المعتدل وحول دعم الصوت الإيراني المعتدل داخل وخارج إيران، قال "د. عبدالرحيم زاده: إن ذلك لا يمكن تحقيقه إلاّ بدعم قضاياه ومعالجة معاناته، بل والحرص على إيصال صوته إلى العالم، سواء الصوت المعتدل الشيعي، أو السنة العرب والأكراد، مضيفاً أن الإعلام يعمل اليوم ما لا يمكن أن تعمله الجيوش، فلو تم تبني قضايا المجتمع الإيراني لاستطعنا إيصال صوته، مبيناً أنه لو تم النظر إلى ثورة الربيع العربي لوجدناها بدأت في إيران، لكن لماذا فشلت في ايران ونجحت في الدول العربية؟ السبب أنه لم يكن هناك إعلام يدعم قضاياهم، حيث لم تكن هناك قناة بالفارسية مثلاً لتناول قضايا الشعوب الإيرانية، مؤكداً أن هناك شعوبا وأقواما إيرانية لو تم دعمهم لتغير وجه إيران كلياً، موضحاً أن إيران ليست عدوة للعرب لكن للأسف النظام جعل منها عدوة للعرب، لافتاً إلى أن تبني هذه القضايا واستثمارها وإحياءها والتركيز عليها سيحيي الأمل لدى الإيرانيين، والآن نحن بصدد "عاصفة الحزم" التي يمكن أن نسميها كذلك عاصفة الأمل، وعاصفة المجد، وعاصفة الثقة، حيث أعادت لنا ذكريات أيام صلاح الدين الأيوبي. وأضاف: إيران أصابتها صدمة من عاصمة الحزم، والحمد لله مازالت مستمرة، وربما تغيّر وجه اليمن، ذاكراً أن الفرق بين هذا التدخل والتدخل الإيراني هو أن هذا التدخل جاء من أجل الدفاع عن الحق والدفاع عن المظلومين وعن الشرعية، بينما - للأسف - إيران تتدخل في كل مكان من أجل إثارة النعرات، مبيناً أن إيران الآن مطمئنة لأن ما يزيد على خمس عواصم عربية مضطربة، متسائلاً: لماذا الإعلام العربي الذي يملك المال لا يُثير قضايا إيران الداخلية حتى تنكفئ إلى مشاكلها الداخلية، فالشعب الإيراني على استعداد لتصحيح الوضع، ونحن نريد أن نقي بلدنا ولا نريد تدخلاً من الخارج وهذا هو الصوت الإيراني الواضح. قناة سنية وطرح الزميل محمد الغنيم سؤالاً ل "د. عبدالرحيم زاده"، قال فيه: فيما يتعلق بالقناة التي تشرفون عليها "قناة التوحيد"، هل لديكم دراسات واحصاءات ورصد لنتائج تأثير هذه القناة على الداخل الإيراني؟ وأجاب د. عبدالرحيم زاده: إن تأثير قناة التوحيد على الداخل الإيراني فوق ما كنا نتصور، فعندما بدأنا العمل في القناة منذ أربعة أعوام لم تنقطع الشهادات والإشادات الشيعية يوماً ما، سواء من "قم" أو "مشهد"، أو من شتى طبقات المجتمع، ومن خلال القناة وصلوا إلى كل بيت. د. العثيمين: الدعاية الإيرانية غير مؤثرة.. والتحدي الاقتصادي ورقة ضغط على طهران بؤرة مشاكل وأكد الزميل سليمان العصيمي أن الملك فيصل - رحمه الله - عندما تبنى التضامن الإسلامي ووحدة العالم العربي استطاع احتواء باكستانوإيران وتركيا باعتبارها عنصرا ثلاثيا قويا جداً بامكاناتهم البشرية الهائلة والثقافية والدينية، متسائلاً: كيف فقدنا السيطرة على إيران، وكيف جاءت الثورة، ومن خطط لها وقلب الموازين في المنطقة؟ مضيفاً أن إيران كانت دولة سنية وعلاقاتها مع الدول العربية والدول الإسلامية ممتازة، مؤكداً أن ما تم عبارة عن مخططات كبيرة تم إعدادها سلفاً جعلت من هذا البلد بؤرة للمشاكل العربية والإسلامية، حتى اتضح جلياً أن نواياها توسعية في البلاد العربية، مبيناً أنه عندما جاء الرئيس مرسي إلى السلطة في مصر انقلبت الموازين، وأصبحت الطائرات الإيرانية تحمل الزوار والسياح الإيرانيين، وكذلك وفود مصرية تتجه إلى إيران من مثقفين وممثلين ومخرجين سينمائيين، كل ذلك بهدف الاستقطاب، متأسفاً على أن هناك حوالي (15) ألف طالب يمني يدرسون في إيران فهؤلاء بلا شك ستصبح ولاءاتهم لإيران من النواحي العقدية والثقافية وبالتالي يصبحون أعداء للأمة العربية والإسلامية. وأضاف: الإعلام مهم جداً لتهيئة الأجواء داخل الأقليات السنية في إيران، متسائلاً: أليس من حقنا دعم جماعة "الأحواز" و"البلوش" وبعض المناطق والمدن الإيرانية لأنهم يشكلون امتداداً لنا، ولماذا لا نتحرك في هذا الوقت لكسب أصوات إعلامية، وإنشاء قنوات وإذاعات ومواقع الكترونية؟ ذاكراً أن "عاصفة الحزم" ستفتح آفاقاً جديدة. حرية الرأي بدوره تساءل الزميل سالم الغامدي عن مدى وجود سلطة داخل إيران تعمل على إسكات هذه الأصوات؟ حيث انه من المتوقع وجود حظر على وسائل الإعلام و"الانترنت" كما يفعل الصينيون بفرض القيود؟ هل نستطيع التغلغل في الداخل الإيراني؟ مضيفاً أنه سبق أن زار إيران مع مجموعة إعلاميين وقابلوا الرئيس بعد عناء شديد، حيث ساروا حوالي خمسة كيلومترات حتى وصلو إلى أحمدي نجاد! متسائلاً: كيف يتم التغلغل دخل هذا المجتمع المتحفظ على كل شيء؟ وهل هناك حرية رأي آخر مخالف لرأي الحكومة الإيرانية؟ أليس هناك تكميم أفواه وحجب بعض الصحف، وإغلاق القنوات؟ وأجاب "د. عبدالرحيم زاده": عندما بدأنا العمل في القناة قررت السلطات الإيرانية جمع الأطباق الفضائية من أعلى البنايات، مما جعل الناس يتساءلون عن سبب هذا الإجراء؟ وهو ما جعلهم يحرصون على الحصول على تردد القناة وتوزيعه بين الناس وكتابته على الجدران، وقد بدأوا في البداية بالتشويش على القناة لكنهم فشلوا، ولعلكم تعلمون أن كل ممنوع مرغوب، وأن الحق له قوة ذاتية، وأن الشخص عندما يتكلم بالحق ويتكلم عن الواقع يجد قوة ذاتية بخلاف من يسعى إلى أن يجيش الناس، وبكل صدق وصراحة استطعنا أن نصل إلى جميع الدول الناطقة بالفارسية وبكل سهولة، مضيفاً أن المطلوب هو كيفية الاستمرار؛ لأن جهودهم ذاتية ومتواضعة، لكن الآن قطعوا مراحل متقدمة، حيث وصلوا إلى كل منزل في إيران، مبيناً أن المهم أن تكون الخطابات بحكمة وتحترم عقلية الناس، وكذلك معرفة كيفية مخاطبتهم حتى يستجيبوا للدعوة بالتي هي أحسن، ذاكراً أن الشعب الإيراني منفتح ويقبل الحوار، وهو ما يعملون عليه بفتح المجال لهم للتحدث بما يشاؤون. د. السلطان: عجزوا عن انتزاع حب المسلمين لأرض الحرمين وعلينا استثمار قوتنا الدينية والاقتصادية مراحل التأثير وأوضح "د. عبدالله الحمود" أن تأثير الإعلام يمكن أن يُقسمه إلى خمسة محاور؛ الأول: إذا أردنا أن نبحث في مشكلة التأثير من عدمها لا بد من النظر إلى الجمهور، حيث هناك قطاع عريض من الجماهير ينظرون إلى المعلومة ويعتقدون أن الموضوع قد انتهى، مضيفاً أن المحور الثاني: هو أن مشكلة الإعلام الإيراني يتعلق بالاتصال بالناس، فحتى خامنئي عندما تكلم لاحظنا أن كثيراً من تصريحاته فيها السياق نفسه، وهي شخصية كبيرة لها تقديرها واحترامها في كثير من الدوائر المحلية والعالمية تحدث أمام الناس وقال: "إن السعودية تعمل اليوم بسابقة تاريخية عندما تعتدي على اليمن"، فمن يسمع هذا الكلام من بسطاء الناس يقول ان هذا كلام صحيح، وقد سبق أن وجه إليّ هذا السؤال في لقاء تلفزيوني في قناة الإخبارية: "كيف يمكن الرد على خامنئي تجاه تصريحاته؟"، فقلت: "إنه إذا كان يصعّد بالسابقة في الدفاع عن المكتسبات العربية والإسلامية والسنية فهذه نعم، أمّا إذا كان يقصد الاعتداء على الآخرين والتدخل في شؤونهم فنقول له ارجع إلى الوراء 10 أعوام عندما كنا نتكلم عن المثلث الشيعي أو الهلال الشيعي وتدخلات إيران في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وبعض دول العالم، فمن الذي سبق الآخر في هذا الموضوع، وفي الاعتداء على الآخرين وعلى مكتسباتهم"، مُشدداً على أننا بحاجة إلى هالة إعلامية ضخمة تفند مثل هذه الأكاذيب الإيرانية، مشيراً إلى المحور الثالث: أن مشكلتنا الحقيقية مع طهران أن التوسع الإيراني في المنطقة يُعد عقيدة، أما نحن فلم نتدخل؛ لأننا نتعامل بالمعاهدات الدولية ونهتم بالأمور التنموية والاقتصادية داخل بلادنا، بينما إيران لديها التوسع الشيعي من أولوياتها، كذلك تصدير الثورة يعتبر عقيدة، وهم يسعون إلى التدخل في كل مكان. النجاح العسكري وأوضح أن المحور الرابع: هو كيفية تشكّل الحوثيين تاريخياً في اليمن كعقيدة وليس كنسيج اجتماعي يمني، مضيفاً أن هذا الموضوع طويل جداً لكن سيختصره بالعودة إلى تاريخ 1994م عندما ذهب بدرالدين إلى إيران وعاد بمشروع منظومة الشباب المؤمن بعد أن غيّر فيه من كونه منتدى ونادياً إلى تنظيم سياسي بدأ بالتشكل في اليمن ودخلوا في النسيح اليمني بهذه الطريقة وبالتنشيئة العقدية، مضيفاً أنه عندما ندرس مثل هذا التاريخ لن نستطيع أن نحسم القضية بسهولة، لأن التشيع والولاء لإيران من قبل الحوثيين اليمنيين أصبح عقيدة، مبيناً أنه عندما يتم حسم هذا المشكلة عسكرياً - بإذن الله- نحتاج إلى مشروع طويل المدى في اليمن كما فعلنا مع الفئة الضالة في مشروعات المناصحة الفكرية، بل نحتاج إلى ما يزيد على (20) عاما من العمل الثقافي الفكري والديني الرصين لمناصحة هؤلاء الناس، وإعادتهم إلى حياض السنة الوسطية، ذاكراً أنه كذلك لدينا قضايا مهمة لم نركز عليها في إعلامنا خاصةً ما يتعلق بإعلام الأزمة، حيث إننا وللأسف الشديد تحدثنا عن قضيتين لمدة أسبوعين وهما مناصرتنا للشرعية في اليمن، والدفاع عن حدودنا الجنوبية، وأعتقد أن الناس قد ملوا من هذا الطرح وأن هناك طرحا متعدد المشارب في القضية وبأبعادها لم يظهر إلاّ متأخراً، وقد كنا نلهث وراء إخراج القضايا دون أن نهتم بمراكزنا الاستراتيجية، ودون أن نحدد العمل المركز الدقيق الذي يسبق مثل هذه الأزمات، لافتاً إلى أن لديه مقولة أرى أنه يجب توصيلها للناس عبر الوسائل الإعلامية: بأن المملكة لم تعتد ولم تتدخل تاريخياً في اليمن، ولكن عندما يأتي شخص ويقف على الحدود ويقول إنه لا يعترف بهذه الحدود وأنهم سيصلون إلى مكة والمدينة، إذاً مثل هؤلاء الناس لا يعترف بالمعاهدات ولا يحترم المواثيق التي صدرت من الأممالمتحدة، نحن فقط رفعنا سواعدنا لنمسك باليد التي رفعت لتصفعنا، ونحن تحديداً لا نقبل أن يصفعنا أحد، ولن ننتظر حتى نُصفع. وأضاف: المحور الخامس: إذا نجحنا عسكرياً - بإذن الله تعالى - يجب أن نؤمن أن القوة العسكرية وحدها لن تحسم الصراع، يجب أن يصاحبها قوة إعلامية اتصالية وتوعوية وتنويرية وتثقيفية كبيرة ولمدة لا تقل عن (20) عاماً، تتم بصقل جيل قادر على تفهم القضايا التاريخية في المنطقة. مراكز دراسات وحول توعية الرأي العام بمبررات الضربات العسكرية في اليمن قال "د. سلطان السلطان": لا شك أن المجتمع أصبح واعياً وأنه قد تجاوز مثل هذا الكلام، وكان ينتظر مثل هذه العاصفة لأننا تأخرنا كثيراً في تنفيذها، متطلعاً - بإذن الله - إلى انتصار المملكة في حربها ضد الفئة الباغية؛ لأن نيتها طيبة، كذلك حكومتنا طيبة وتعمل بالنوايا الطيبة، مبيناً أنها حذرت الحوثيين مرات عديدة، لكن اتضحت نواياهم وكما يقول المثل: "النية مطية"، لكن يجب العمل بتركيز واهتمام بقوة المملكة الدينية والاقتصادية وبما لديها من مراكز خارجية، متمنياً إنشاء مراكز دراسات عن طريق القطاع الخاص، مشيراً إلى أن لدينا مكتسبات زراعية في الخارج واستثمارات مشتركة وكهرباء مشتركة مع دول الخليج وكهرباء مع مصر، وهذه إيجابيات تبعث القوة فينا. ورقة ضغط ووجّه الزميل محمد الغنيم سؤالاً ل "د. إبراهيم العثيمين" قائلاً: في كتابك (إيران من العزلة إلى التقارب) تناولت في أحد الفصول: "إيران سقوط مشروع أم نظام"، وتطرقت إلى الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها إيران، وأنها بالرغم من ذلك تزعم بأنها أقوى اقتصاد عالمي، هل هذه المعاناة الاقتصادية التي تعاني منها إيران ستجلعها تغير من سياستها التوسعية في العالم العربي؟ وأجاب: إن إيران الآن في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث التضخم، ونسبة البطالة لديها وصلت إلى (26%)، كذلك العملة الإيرانية في انحدار، وذلك بشهادة عضو مكتب المرشد الإيراني، مبيناً أن ميزانية إيران مفلسة، وأن حكومة روحاني تواجه تحديات كبيرة في الجانب الاقتصادي، مُشدداً على ضرورة استخدام مثل هذه الأوضاع كورقة ضغط على إيران. د. الحمود: القوة العسكرية يجب أن تصاحبها قوة إعلامية لصقل جيل يتفّهم قضايا المنطقة التاريخية واختلف "د. إبراهيم العثيمين" مع جزئية عدم تأثير الجانب الاقتصادي على إيران، قائلاً: إن الاقتصاد يؤثر على إيران بشكل مباشر، وقد مرّت إيران بثورتين كادتا أن تنسفا بالنظام الإيراني، ف"الثورة الخضراء" عام 2009م فشلت بسبب القمع ثم "ثورة البازار" عام 2011م، وقد أكد أحد الباحثين أن إيران ليست مقبلة على الإفلاس فقط، وإنما هي مقبلة كذلك على التقسيم، مؤكداً أن اللعب على ورقة الاقتصاد يُعد مؤثراً وبشكل كبير. خلافنا مع إيران ليس مذهبياً وحول مشروع إيران، وهل هو عقدي أم سياسي؟ قال "د. محمد السلمي": أنا - من وجهة نظري وربما أكون مخطئاً - أن التوسع الإيراني ليس عقدياً بالدرجة الأولى؛ لأن فكرة التوسع الايراني بدأت منذ عهد الشاه، حيث كانت إيران آنذاك شيعية، على الرغم من اعتقاد كثير من الناس أن الشاه كان سنياً، مضيفاً أن الخلاف مع إيران لم يكن مذهبياً، وإنما كان النظام علمانياً قومياً، حيث لم يزد أو ينقص التشيع في النظام الايراني آنذاك، وفي ذات الوقت كان المشروع الإيراني السياسي واضحاً عندما احتل الجزر الاماراتية الثلاث عام 1970م، وكذلك عندما تحدثوا عن استقلال البحرين، مبيناً أن كل هذه الأمور حدثت أيام الشاه وليس أيام الملالي، وأن الفرق الوحيد أن الملالي ألبس المشروع السياسي غطاءً مذهبياً ووضعوه في بوتقة مذهبية؛ لأنها تعد النافذة الشيعية الوحيدة الناجعة التي تحرص على الجوانب المذهبية، مشيراً إلى أن الخلاف بيننا وبين إيران ليس خلافاً شيعياً مذهبياً؛ لأننا نستطيع أن نتعايش معها سواء كانت شيعية أو سنية، ما لم تتدخل في شؤوننا الداخلية، وبالتالي فإن تحول إيران إلى سنية لا يعني له شيئاً ما لم تتدخل في شؤون المملكة الداخلية، ومحاولتها إثارة الأقليات لدينا، لهم مذهبهم ولنا مذهبنا. وتمنى أن يكون هناك مشروع مقابل للمشروع الإيراني يحول طهران من نقطة الهجوم إلى الدفاع، متسائلاً: لماذا لا يكون هناك طوق عربي آسيوي من الناحية الخلفية المهملة؟ ذاكراً أن مجلس الوزراء أقر موضوع الاتفاق السياسي مع "كازخستان" وهذه اتفاقية استراتيجية تؤدي إلى التحول نحو آسيا الوسطى، كذلك يفتح المجال على تقوية العلاقات مع دول "أذربيجان" و"القوقاز". مراكز للتنبؤ بالأحداث أوضح "د. سلطان السلطان" أنه - شخصياً - عاش في اليابان وفي طوكيو تحديداً، حيث نال درجة الدكتوراه من هناك، وقد مكث فيها حوالي ستة أعوام، ولاحظ أن جامعة الإمام تشبه المملكة المتحدة باعتبارها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث نجد أن هناك معهدا لجامعة الإمام في طوكيو وفي أندونيسيا وأميركا وبريطانيا وبعض الدول الافريقية، متسائلاً: لماذا لا نستغل مثل هذه المعاهد؟ وقال: تقدمت بتوصية داخل مجلس الشورى من أجل الاستفادة من هذه المعاهد إلاّ أن لجنة الشؤون الخارجية لم تقبل بها، مبيناً أن هذه المعاهد هي فرصة لإبراز رسالتنا الخالدة، من خلال عمل جامعة الإمام على إبراز مكانة المملكة إعلامياً وإبراز الإعلام السعودي بشكل عام، مُشدداً على ضرورة الاستفادة من مراكز الأبحاث الخاصة عن طريق وزارة الخارجية. وأضاف: لاحظت بأن الطلاب يدرسون في جامعة الإمام والجامعات السعودية الأخرى وبعد تخرجهم لا أحد يتابعهم، مؤكداً أن هناك ضعفا في متابعة هؤلاء الطلاب بعد عودتهم إلى بلادهم، بينما الإيرانيون يحرصون على متابعة الطلاب الذين يتخرجون من جامعاتهم. وأشار إلى أننا نشكّل قوة إسلامية دون الاستفادة من تاريخنا القوي ومن الوحدة التي أسّسها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي أفضل وحدة في العالم الإسلامي بعد الدولة العباسية والدولة العثمانية، متسائلاً: كيف تكون لدينا مثل هذه المعاهد شرقاً وغرباً دون توظيفها التوظيف الأمثل؟ ذاكراً أننا نتابع الأموال التي تحولها العمالة شرقاً وغرباً بينما يتم التدقيق على الأموال التي يتم تحويلها للذين يلتزمون بالرسالة الخالدة، مؤكداً على أننا نحتاج إلى متابعة أحوال المسلمين أصحاب الوسطية، مما يدل على أن إعلامنا في الخارج ضعيف، والإذاعة كذلك ضعيفة. وأوضح أنه سبق وطرح في مجلس الشورى فكرة التنبؤ، بأن يتم تأسيس مركز الدراسات الخاصة بالتنبؤ عن الأحداث التي يمكن أن تقع في المستقبل، ومثل هذه المراكز موجودة في اليابان وأميركا وبعض الدول المتقدمة لأهميتها، فهذا هو لاريجاني يعمل على تطبيق المعادلات التفاضلية في إيران، ويطبق كذلك نظريات اللوغريثم، بينما نحن نملك علماء وعقولاً في المملكة متميزين لكنهم يحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم. د. السلمي: العاصفة أدخلت إيران في حالة ارتباك وتخبط سياسي.. وإعلامها يحاول «شيطنة المملكة»! وأوضح أن هناك أمرا يتعلق بالأقمار الصناعية ومدى الاستفادة منها حيث صرفت المملكة مبلغاً يصل إلى المليار دولار لاطلاق الأقمار الصناعية، إلاّ أنه يجب استغلالها في الإعلام، ويجب أن يتم توظيفها داخلياً وخارجياً، لافتاً إلى أن هناك سيارة صغيرة مرسيدس قيمتها تزيد على الخمس مئة ألف ريال يمكنها أن ترسل قمراً صناعياً صغيراً، حيث تم تصميمها في اليابان بجامعة طوكيو، ذاكراً أنه يمكننا الاستفادة منها في الجامعات وفي وزارة الثقافة والإعلام من أجل إدارة الإعلام بشكل فعّال. الشعب الإيراني يريد لقمة العيش.. وتخصيب اليورانيوم لا يعنيه! وعن تأثير التحديات التي تواجه إيران ومشكلاتها الاقتصادية والداخلية على سياستها الخارجية، أوضح "د. محمد السلمي" أن الأموال الإيرانية لا تدخل البلاد الإيرانية، وأنه بقدر ما تزيد مشاكل إيران في الخارج بقدر ما تزيد مشاكل المواطن في الداخل وفي المجتمع الإيراني، وعندما تم الاتفاق النووي خرجت الجماهير الإيرانية إلى الشارع ابتهاجاً وفرحاً، وليس ذلك الفرح الذي يريده النظام عندما يتحدثون أنهم اكتسبوا حق التخصيب لليورانيوم، مضيفاً أن المواطن الإيراني لا يعير هذا التخصيب اهتماماً لأن النووي لا يأتيه على السفرة، أي أن الشعب لا يستطيع أن يأكل النووي أو اليورانيوم المخصب، وإنما يريد أن يعيش عيشة كريمة من خلال رفع العقوبات وفتح المجال للصادرات الإيرانية خاصةً النفط والغاز لتأمين معيشة أفضل، مبيناً أن الدولار اليوم بلغ في السوق الإيراني حسب صحيفة إيرانية (3.400) تومان للدولار الواحد، وأن العملة الإيرانية بعد الاتفاقية هبطت (1.8) خلال أسبوعين، والأخطر من ذلك كذلك هو هبوط أسعار النفط عالمياً، مشيراً إلى أن المواطن الإيراني في كلا الحالين لا يشعر بأي فارق لأن العائدات المالية لا تدخل إلى الحدود الإيرانية، وإنما تتحول إلى أذرع إيرانية في الخارج، مؤكداً أنه مازال الشعب الإيراني يعاني، وبالتالي لا نتوقع أن إيران ستواجه تلك المشكلة الكبيرة الخاصة بتغذية أذرعها في الخارج إلاّ عندما يتحرك الشارع الإيراني؛ لأن الشعب يعتبر جمراً تحت رماد ينتظر فرصة لينقض على النظام، مُشدداً على ضرورة ألاّ نؤمل كثيراً على أن الصعوبات الاقتصادية سوف تؤثر على المشروع الإيراني، بل إنه سيستمر ما لم يكن هناك مشروع مقابل. المجتمع الإيراني مدرك لتخبّطات حكومته! طرح الزميل محمد الغنيم سؤالاً ل "د. محمد السلمي": سبق أن تعايشت مع المجتمع الإيراني خلال دراستك في إحدى الجامعات الإيرانية، هل يمكن أن تكون لردود الفعل الشعبية المؤيدة في الخارج أو في الداخل الإيراني قدرة على الضغط على الحكومة لوقف خططها التوسعية في المنطقة؟ وأوضح "د. محمد السلمي" أن المجتمع بشكل عام خاصةً في المدن الكبرى مثل "أصفهان" و"طهران" و"تبريز" و"مشهد" - وهي أهم المدن الإيرانية - غير مؤثر لسبب بسيط جداً؛ إذا عدنا إلى أحداث 2009م المعروفة التي وقعت بعد الانتخابات، توقع الشعب الإيراني أنه سيتخلص من نظام الملالي لكنه فشل، ليس لضعف المجتمع، وإنما لقوة بطش الحكومة وقوات "الباسيج" والحرس الثوري، عندما انسحبت قوات الأمن ودخلت قوات الحرس الثوري تم اخماد الثورة بسرعة خلال ثلاثة أيام. وأضاف: إن المجتمع الإيراني يشاهد بشكل واضح تخبطات الحكومة، ويعلم كذلك أن هناك "شيطنة" كثيرة من قبل الحكومة الإيرانية لدول المنطقة، ومازال يقف ضد سياسات إيران، لذلك شاهدنا في عام 2009م إحراق صور خامئني في طهران، وعندما رفعوا شعارهم المعروف: "لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران"، يعني ذلك أننا لا نريد أن تذهب أموالنا إلى لبنان ولا إلى غزة ولا إلى سورية ولا إلى اليمن، بل نريد أن نستفيد من أموالنا العائدة إلينا من النفط والغاز وصادرات إيران من الموارد العديدة. واستطرد: إيران دولة غنية بسبب وجود صادراتها المتنوعة، لكن معظم الشعب يعيش في حالة فقر، بل إن الشخص الإيراني المتخرج في مجال بكالوريوس الحاسب الآلي يتقاضى راتباً لا يزيد على (600) دولار أي في حدود (1800) ريال، والمجتمع الإيراني بشكل عام يقف ضد هذه السياسات ليس حباً في العرب، بل لأنه يريد أن يعيش حياة طيبة، مشيراً إلى أن بحثه في شهادة الدكتوراة كان بعنوان: "صورة الآخر العربي في الفكر الإيراني الحديث من 1850- 1950م" -أي قبل الثورة الخمينية - ومع ذلك كانت صورة المجتمع الإيراني سلبية جداً ضد العرب؛ لأن أفراده يريدون أن يسافروا إلى الدول الأوروبية، ويريدون أن يعيشوا وينتقلوا من دولة إلى أخرى، موضحاً أنه كانت إيران في الماضي هي وجهة الزائرين من جميع البلدان، لكن المواطن الإيراني الآن يريد أن يخرج منها بحثاً عن عيش كريم بعيداً عن حياة الملالي!. مراحل الأزمة.. والعمل العسكري والإعلامي أكد "د. عبدالله الحمود" أن الأزمة مرحلة، والمرحلة بكل تفاصيلها لها سلوك إعلامي خاص، لأنك عندما تريد أن تواجه أزمة إعلامية لابد أن يتوافر لديك منهجيات، ومن المفترض أن نعي في الإعلام العربي والخليجي تحديداً ثلاث مراحل للتعاطي الإعلامي مع هذه الأزمة. الأولى: هي مرحلة إشعار الناس بوجود أزمة عندما تبدأ، وعند بداية الأزمة - عاصفة الحزم - كنا بحاجة كجماهير خليجية أن نعرف لماذا عاصفة الحزم؟، وقد نجحنا فعلاً في إشعار الناس أن هناك أزمة، لكن ليس بالقدر الذي يشبع تطلعاتهم، لذا لجأ الناس إلى مصادر أخرى لمزيد من المعلومات، وهذا في اعتقادي مهم جداً، إذ ليس من الممكن أن تكون لديك أزمة بهذا الحجم من دون أن يوازيه إعلام واتصال ضخم. وأضاف أنه قد تحتاج إلى إعادة ذاكرة حرب الكويت وكيف استطاع الأمريكان أن يصطحبوا معهم أجهزتهم الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة لأن الآلة العسكرية الضخمة من المطلوب أن تكون جنباً إلى جنب مع الآلة الإعلامية، وقد كانت لدينا حالة لمزيد من المعلومات في المرحلة الأولى، ونحن بالتأكيد تجاوزناها زمنياً إلاّ أننا لم نتجاوزها معلوماتياً، وبالتالي وجدنا عدداً من الناس لجأوا إلى مصادر أخرى متعددة لأخذ المعلومات، ولكننا لا ندري ما طبيعة هذه المصادر. وأشار إلى أن المرحلة الثانية هي الفترة التي نعيش فيها الآن وهي في أوجّها وهي مرحلة التحليل والتفسير للأزمة، ونحن الآن بين هل هناك هجوم بري أم لا ولماذا؟، هذه أسئلة مهمة جداً، إذا لم يتم إعطاؤها للجمهور برؤيتك وفلسفتك الاستراتيجية فسيبحثون عنها عن طريق مصادر أخرى، مُشدداً على أننا بحاجة اليوم إلى مزيد من الشرح ومزيد من التفسير لكل تفاصيل هذه الأزمة، ولا يزال الأمر قاصراً في هذا الجانب إلى الآن. وأوضح أن المرحلة الثالثة هي التي تأتي بعد إنهاء هذه الأزمة وهي مرحلة الوقاية، بحيث نبدأ نقي كل الجماهير التي تعاملنا معها خلال الأزمة من تداعياتها، والوقاية يطول فيها الكلام، لكن أهم شيء فيها هما أمران؛ أن نتأكد أن الإعلام استطاع أن يحقق النصر في ذهنية الجمهور، لأن النصر العسكري - كلنا نأمل أن يتحقق سريعاً بإذن الله تعالى - لن يحسم المعركة تاريخياً ولا فكرياً ولا مذهبياً، الذي سيحسمها هو الإعلام الاتصالي الذي يقنع الجماهير أن المعركة قد انتهت لصالحنا، وأن هذا ما سيبنى عليه تاريخياً ومستقبلاً الوضع. ما المطلوب؟ د. عبدالرحيم زادة: - العمل على فهم الخطاب الإيراني بأن يكون هناك رصد للدراسات الإيرانية باللغة الفارسية؛ لأن إيران لها خطابان؛ فارسي، وآخر بالعربية وبلغات أخرى. - إنشاء مركز للدراسات الإيرانية. د. إبراهيم العثيمين: - التركيز في الصورة الذهنية بعد تحقيق الانتصار في معارك عاصفة الحزم. - يجب على الإعلام الإسلامي أن يتوقف عن التصعيد الطائفي. د. سلطان السلطان: - إبراز ما لدى الإسلام من إخلاص وصدق وكرم وجود وعزم. - إبراز دور المملكة من الناحية الاقتصادية والإعلامية خارجياً وداخلياً. - العمل على ترسيخ مفهوم قيادة المملكة للعالم الاسلامي؛ لأنها تمثل النموذج المميز القادر على عمل ذلك. - إقامة مراكز للدراسات والبحوث وتطوير الإعلام الخارجي من أجل إيصال الرسالة الخالدة لجميع الدول. د. عبدالله الحمود: - تشكيل فريق إعلامي وثقافي واتصالي متقدم ومؤهل وقادر على التعامل مع الوسائل الاعلامية التقليدية والجديدة، لينضم إلى إحدى دوائر المواقع العسكرية في عاصفة الحزم. - يجب أن يكون لدينا إعلام اتصالي يتعاطى مع قضايا الأمة والدولة، وعمل إعلامي خارجي وداخلي، حتى نستطيع الاحتفاظ بالتجارب ثم البناء عليها، وحتى لا نقع في الإخفاقات، ولابد أيضاً أن يكون لدينا نفس طويل في متابعة منجزاتنا. - تحديد الرؤية وإعادة صياغتها على المستوى الفكري والثقافي وعلى مستوى الخطاب الديني، عبر مشروع قومي. د. محمد السلمي: - نحتاج إلى إستراتيجية إعلامية على مستوى الدولة وعلى مستوى دول الخليج برؤية واضحة تخاطب الآخر وتقدم له الصورة بشكل واضح. - مخاطبة الغرب بلغته وليس بلغتنا. - العمل على المسار الدبلوماسي والعسكري. - تفعيل المسار الدبلوماسي بإرسال الوفود إلى الدول الاسلامية والصديقة. يمارسون «دعاية مضللة» وليس إعلاماً! أوضح "د. عبدالله الحمود" أنه إذا لم نكن متّسمين بالصدق والدقة، فالبديل موجود، وهو ما نلاحظه للأسف في الإعلام الإيراني والإعلام الحوثي والإعلام الموالي في هذه الأزمة، مضيفاً أنه سبق ولاحظوا ذلك في أزمات كثيرة جداً، وهو يحيد بشكل كامل عن هذا الموضوع، وبالتالي فإنه انتقل من مربع الإعلام إلى مربع الدعاية؛ لأنها تعمل على استمالة أهواء الناس وسلوكياتهم نحو ما تريده أنت، وترغيب الناس وترهيبهم ليتبنوا موافقك واتجاهاتك وسلوكك بأي وسيلة كانت سواء بالكذب أم بالتزوير.. إلخ، مبيناً أنه إذا كنا نتحدث عن الإعلام مع الأسف الشديد فإنه كصفة ومهنة شريفة ونزيهة لا يصدق على الإعلام المعادي على الاطلاق، وبالذات في تناولهم لهذه الأزمة تحديداً، وإن كنا نريد أن نصف ما يفعله الخصم أو العدو من جهد واتصال إنساني فهو جهد جبار ومحترف في كثير من زواياه، لكنه دعاية وليست إعلاماً، وقد شاهدنا عدداً من الأعمال الجيدة التي نفذت على مستوى شرفي، لكن مع الأسف الشديد عندما يشاهدها المشاهد أو يسمعها قد يتبنى مواقفها وسلوكياتها، لكن هذا كله عندما نضعه في التحليل المنطقي العلمي في دراسات الاتصال الإنساني فهو عمل دعائي في الدرجة الأولى، ذاكراً أننا أمام إعلام يكذب ويمارس كذباً واضحاً وصريحاً، ونحن أمام إعلام يخادع، ويهيج المشاعر، ويرتكز على القيم العاطفية التي تقود الناس إلى تبني الأفكار والسلوكيات بأي وسيلة وبأي ثمن، لافتاً إلى أن المسألة مكشوفة، متمنياً أن يكون هناك توضيح هذا الأمر للناس، إذ لا يمكن أن تنفي وجود العمل الدعائي في الساحة، لكن على الأقل أن يعرف الناس أنهم أمام دعاية. وأضاف: نقول دائماً أنه لا يهمنا إنتاج عمل دعائي أو إعلامي، فالمهم معرفة أن الذي أمامنا إمّا أنه عمل دعائي أو إعلامي، والجمهور هو الذي يحكم في النهاية، مؤكداً أن الناس شاهدوا مظاهر الكذب وتلفيق المشاهد والمناظر في حروب سابقة واختلاق الأكاذيب بشكل كبير، متأسفاً أن هذا الإعلام نجده أحياناً كثيرة يتكئ على منظومة إعلام دولي يوالي ويدعم مثل هذه التوجهات. المشاركون في الندوة د. عبدالرحيم ملا زادة مؤسس رابطة أهل السنة في إيران وناشط إيراني د. إبراهيم العثيمين باحث ومحلل سياسي د. سلطان السلطان عضو مجلس الشورى د. عبدالله الحمود أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية د. محمد السلمي أكاديمي وباحث متخصص في الشؤون الإيرانية حضور الرياض سليمان العصيمي سالم الغامدي صالح الحماد محمد الغنيم علي الزهيان من اليمين: د. زاده، د. العثيمين، د. السلطان، د. الحمود، د. السلمي