سيبقى الجدل والشدّ والجذب حول أوضاع السوق العقاري مستمراً مع دخول أطراف عديدة في هذا الحوار بين مختص وقارئ للسوق وبين مجتهد، ويظل صاحب الشأن ومحتاج السكن أكثر المتضررين والذي أصبح مترددا وحائراً في قراره بين مصدق لطرف على حساب آخر. الجميع متضرر من تعطيل السوق وعدم ظهور مشاريع جديدة، المستثمر والمطور والمقاول والمسوق والشركات المستفيدة من السوق العقاري كمواد بناء او خدمات. إذا كان الوضع بهذه الطريقة فسيستمر الاحجام عن الاستثمار في المشاريع الجديدة من القطاع الخاص وهي المشاريع التي يمكن ان تضم وحدات سكنية كثيرة مع الخدمات المساندة لها وفي بيئة سكنية متناسقة، حتى المستثمر الصغير مؤسسة كان او فردا سيتوقف عن العمل. الأراضي الخام سينتظر أصحابها لعقود كما فعلوا سابقا فجميعهم ليسوا بحاجة لبيعها مادامت الأمور كما هي، والمستثمر وكذلك المطور لن يعملوا في سوق غير منظم واجراءاته طويلة ومعقدة وعائدة لا يكاد يذكر مع طول الإجراءات وزيادة مدة الاستثمار عن المدة المحددة، فهناك شركات تعمل على مشاريع أخذت ضعف وقتها المحدد ولا زالت تعاني. السيناريو القادم يوحي بان الانتظار سيطول وستزيد الأمور تعقيدا وضبابية في ظل عدم تنظيم عمل السوق ووجود مبادرات حكومية جادة لضبطه وإيجاد الحلول الناجعة بعيدا عن الآراء الشخصية والاجتهادات من كافة الأطراف بمن فيهم القطاع الخاص. الخيارات المتاحة لطالبي السكن ممن لا تنطبق عليهم شروط وزارة الإسكان، للاستفادة من مشاريعها إما الانتظار والبقاء مستأجرا الى ان تظهر حلول في الأفق غير التي تم تقديمها او ان يتم الاستفادة من المتاح من الوحدات السكنية المطروحة للبيع. هناك من يعتقد جازما أن السوق سينهار وتصل فيه الأسعار الى حدودها الدنيا كما كانت عليه قبل عشر سنوات وهذا شبه مستحيل، وهناك من يرى ان السوق سيشهد تصحيحاً للأسعار العالية التي وصل اليها وتوقف عندها او أكثر وهذا هو الراي الأقرب، وسيكون التصحيح نسبيا ويعتمد على الموقع والمساحة والخدمات وقربه وبعده من المناطق الحيوية ووسائل الجذب. نعم هناك انخفاضات في بعض المناطق والمواقع ولكنها تعتمد على الموقع أولا كما ذكرت وتتفاوت نسبها واغلب من يبيع قد يكون في حاجة او انه اشتراها بسعر اقل قبل ارتفاعاها. المستثمر والمطور وهم من يلعب الدور الرئيس في صناعة السوق العقاري وهم حلقة الربط بين صاحب الأرض والمستفيد النهائي، ومالم يجد هؤلاء دعما ومساندة وتسهيلات للاستثمار وتحت اشراف وشراكة القطاع الحكومي فانهم سيبقون بعيدين عن الدخول في مغامرات قد يطالها الكثير من التعقيدات والمشاكل التي ستؤثر على استثماراتهم، كم من مستثمر ومطور سعودي وأجنبي أعلن عن مشاريع سكنية وتراجع عنها وذهب الى دول مجاورة ومنهم من تحول الى تجارة الأراضي.