يشهد النشاط العقاري في السعودية تصحيحاً على متوسط الأسعار المنفذة خلال الفترة الماضية، وسجلت حركة البيع والشراء على قطاع الأراضي استقراراً على متوسط أسعارها، وكذلك شهد السوق حراكاً وطلباً فعلياً على الأراضي الخام، وسجلت عدد من الطلبات على الأراضي الخام بقصد التطوير، بحسب تداولات في السوق؛ وفقاً لتقارير المؤشر العقاري الصادر عن كاتبات العدل في ثلاث مدن سعودية. ويؤدي تناقص المعروض من الأراضي الخام إلى ارتفاع الطلب على الأراضي السكنية، ودخول عدد من شركات التطوير الإسكاني الصغيرة والمتوسطة في السوق. ومع عودة الحركة للأراضي الخام سيفرز عدداً كبيراً من المخططات المطورة في المنطقة الشرقيةوالرياضوجدة؛ والأخيرة تحتاج إلى وحدات سكنية وتجارية وصناعية لتغطية الطلب الكبير على المنتجات العقارية متعددة الأغراض؛ خاصة بعد التداعيات الأخيرة بسبب الأمطار. ويحرص المطورون دائما على شراء الأراضي الخام وفق أسعارها الحقيقة والتي لا تلعب المضاربة دورا فيها لأنهم أكثر فهما للقيمة الحقيقة للعقار، وفي الوقت ذاته أن شراء المطور للأراضي الخام بأسعار مرتفعة ينعكس على سعرها بعد تطويرها وطرحها ما يشكل عائقا لكثير من المستفيدين. وتصل مدة تطوير الأراضي الخام - أحياناً - إلى ثلاث سنوات يتم من خلالها تجهيز الأراضي بالمتطلبات الأساسية ومن ثم طرحها للمستفيدين، كما ان مشكلة العقار في السعودية ترجع إلى إنحسار عمليات الشراء التي يقوم بها أصحاب رؤوس الأموال والمخططات في المدن المتوسطة والصغيرة، إضافة إلى توجه السيولة الضخمة إلى سوق العقار والمضاربة فيه، بعد تعثر سوق الأوراق المالية وقلة الصناديق الاستثمارية التي تمتص السيولة الموجودة في السوق، كما أن 7% من الأراضي الموجودة حالياً هي مملوكة لجموعة محددة، وبنوك (بأسماء تجاربة) وأشخاص يعملون على تملك العقار وبيعه بالأسعار التي يرغبون فيها. ويرى مراقبين ان أهم مشاكل التضخم العقاري الحالي هي عدم الاستفادة من الأراضي الخام داخل النطاق العمراني وتكدسها سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار حيث إن بقاءها في الأحياء السكنية دون الاستفادة منها يقلل فرص تملك، في المقابل يرى بعض الملاك أن اجراءات التصاريح للتطوير تأخذ وقتاً وجهداً لايوازي أرباح بيعها كما هي (خام). وكان نشاط الأراضي الخام قد بدأ مع مطلع الثمانيات، التي شهدت بدء الطفرة مع ارتفاع أسعار النفط، وهذا تأكيد اقتصادي تاريخي أن طفرة العقار تلي طفرة النفط ورغم أن هذا النوع من النشاط العقاري شهد تقلبات كثيرة راوحت بين الركود والنشاط الذي بلغ ذروته نهاية العام المنصرم حيث وصلت قيمة المتر إلى 950 ريالاً للمتر. وبلغ حجم تداول الأراضي الخام تصل إلى 25% من تعاملات السوق العقاري في المملكة. تعويض الصناديق العقارية بالمساهمات لاستفادة الأفراد من عوائد التطوير وتملك المنتجات السكنية ويرجع ارتفاع تداول الأراضي الخام الذي حدث مؤخراً إلى تدفق السيولة النقدية، ودخول الشركات الخليجية والأجنبية للسوق العقاري خاصة في الرياضوجدة، إضافة إلى الإعلان عن مشاريع العقارية الكبرى، أو ما يسمى بمشاريع (الميجا) من أبرز أسباب نشاط الأراضي الخام الذي شهدت ذروتها في العامين الآخرين. ويساهم استمرار التوسع في نشاط الأراضي في ضغط الخدمات والمرافق، وصعوبة توفيرها، بسبب اتساع المساحات، وذلك وفقاً لخبراء في السوق، الذين اقترحوا تدخل الحكومة من خلال نزع ملكيات الأحياء القديمة، مثل الشميسي والديرة ومنفوحة والعود ومن ثم منحها للمستثمرين والمطورين العقاريين، لتوطين مشاريع سكنية وتجارية، معللاً السبب أن هذه الأحياء ذات خدمات متكاملة، وفي الغالب أن جميع الطرق السريعة قريبة منها، ولا تحتاج إلا إلى إعادة بناء من خلال تطوير يأخذ باحتياجات المواطنين والمقيمين. وبين عقاريين أن سوق الأراضي يتركز في مناطق محددة من الرياض، مشيرين إلى منطقة شمال الرياض تستحوذ معظم تداولات الأراضي الخام، حيث تتركز بين مخرج العمارية (طريق الأمير سلمان الجديد) جنوبا، حتى مخرج ملهم شمالا، ومن شرق طريق صلبوخ غربا، حتى منطقة شرق المطار شرقا. وقدروا حجم تداول سوق الأراضي الخام بحوالي 25% ورغم أنه لا يتجاوز هذا الحجم، إلا أنه يشكل أكثر من 65% قيمة التداولات العقارية، مستشهدين بقيمة الصفقات الأسبوعية التي تظهر في مؤشر وزارة العدل، التي يستحوذ عليها صفقات الأراضي الخام في الرياض، لافتين إلى أن أسعار الأراضي الخام رغم أنها تجاوزت في بعض المناطق 1000 ريال للمتر، إلا أنها لا تزال معتدلة، وقالوا إن كثيراً من الشركات الخليجية دخلت السوق المحلية لإقامة مشاريع سكنية، لأن دراسات الجدوى لديها أثبتت أن أسعار الأراضي خاصة الخام في السعودية تعتبر معتدلة مقارنة بدول أخرى مثل الكويت وقطر والإمارات، وحتى البحرين. ويرى البعض أن الأراضي الخام لا تزال سوقا محتكرة على ملاك الأراضي والأسر العقارية الكبيرة، التي تمتلك مساحات كبيرة من الأراضي منذ عشرات السنوات، مبينين أن الأراضي الخام كانت في السابق متاحة للاستثمار من قبل عامة المواطنين، من خلال المساهمات العقارية، ولكن بعد إلغاء هذه المساهمات، رجعت الأراضي الخام حكرا على ملاكها، وأصبحت متداولة فقط بين الملاك، وشركات التطوير العقاري الكبرى، وفي الفترة الأخيرة غدت الشركات الخليجية أيضا مستثمرة في هذا السوق، من خلال تملكها مساحات من هذه الأراضي، موضحين أن عدد كبير من السعوديين اتجه إلى طرق أبواب شركات التمويل العقارية نظراً لما تقدمه من تسهيلات تنافس البنوك المحلية، إذ إن هناك توجهاً من الحكومة السعودية للاهتمام أكثر بالقطاع العقاري من حيث التمويل والرهن العقاري وسن أنظمة جديدة للعقار لتساعد في انتعاشه بشكل كبير عما هو عليه الآن، خصوصاً في ظل الازدحام العمراني وارتفاع الإيجارات وندرة المساكن بسبب زيادة التعداد السكاني. وقال خبراء في التطوير العقاري إن الفترة الحالية تبرز فرصا في قطاع الأراضي، وخصوصاً الأراضي الخام، وإن هناك تحركا كبيرا من قبل كبار العقاريين من شركات وأفراد للحصول على الأراضي، بأسعار جيدة، في الوقت الذي تعتبر فيه الأسعار قد وصلت إلى أعلى مستوياتها، مشيرين إلى إن المضاربة قد تشكل أكبر عائق على توازن الأسعار، مبينين أن الاستثمارات على المدى القصير تساهم بشكل أو بآخر في ارتفاع الأسعار واستمرار ذلك الارتفاع، مفيدين بأن خطة التنمية التاسعة الأخيرة للمملكة أوضحت سعي الحكومة بواسطة القطاعين العام والخاص إلى توفير 266 مليون متر مربع من الأراضي من شأنها أن تسهم في عمليات انخفاض الأسعار. وتوقع عقاريون أن يشهد عام 2011 طلباً قوياً نتيجة مؤشرات تشير إلى أن شركات التطوير تستعد مع بداية العام الحالي لشراء أراض خام لإقامة مشاريع في منتجات مستهدفة، تعد المشاريع الإسكانية أكثرها أهمية نتيجة للطلب الكبير واتساع الفجوة الإسكانية، وتزداد الحاجة إلى الأراضي الخام التي تراوح مساحاتها بين 50 ألفا إلى 100 ألف متر مربع لإقامة مشاريع طبية وتعليمية وترفيهية. وتختلف نظرة المطورين العقاريين تجاه الأراضي الخام، فمنهم من يشتريها لغرض المضاربة وبيعها بسعر أعلى، ومنهم من يقوم بإيصال الخدمات إليها وبيعها كقطع سكنية واستثمارية وصناعية، ويرى آخرون في التطوير الشامل بإقامة مشاريع متكاملة المرافق والخدمات وتقديم منتج نهائي هو الأداء الصحيح الذي يجب أن تقوم به شركات التطوير العقاري.. في المقابل، لا يزال الإقبال ضعيفاً على الأراضي الخام خارج النطاق العمراني بعد نشاط ملحوظ أدى إلى ارتفاع أسعارها خلال السنتين الماضيتين. وكانت دراسة متخصصة قد أظهرت أخيرا مؤشرات لتعافي القطاع العقاري في المملكة، وقدرت نسبة التعافي ب 3 في المائة في الرياض للسنة الماضية، كما رصدت استقرارا نسبيا في العقارات وخصوصاً جدة. وبينت الدراسة أن الارتفاعات التي طالت أجزاء من مدينتي الرياضوجدة جاءت بسبب تنامي أعداد السكان، الأمر الذي أدى إلى تزايد الطلب على العقارات السكنية، وأوضحت الدراسة أن المناطق الرئيسة والجديدة في جدةوالرياض شهدت نمواً ملحوظاً قدم دفعة قوية لأهم سوقين للعقارات في المملكة، وذلك في أعقاب التباطؤ الاقتصادي الذي تسبب في تراجع الأسعار، وأشارت إلى أن التوقعات تشير إلى إمكانات نمو هائلة للمدينتين، خاصة في الضواحي السكنية ومناطق النمو الأخرى في شمال الرياضوجدة، وتوقع تزايد الإقبال على السكن منخفض التكلفة، مثل البنايات متعددة الطوابق في غضون الأعوام المقبلة، مرجعة ذلك إلى المعدلات المرتفعة لنمو السكان في السعودية الذي يغذّي الطلب على وحدات سكنية تقدر ب 1.5 مليون وحدة جديدة بحلول 2015.