تميزت التشكيلة الحكومية الأولى في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيَّده الله بكوكبةٍ من الكفاءات الوطنية الشابَّة، التي كان لها شرف نيل ثقة قائد الوطن، للعمل على تجديد هياكل ومفاصل قطاعات الدولة، وإعطائها زخماً، عالياً، لتعزيز أدوارها في البناء التنموي والخدمي، لتكون أحد ملامح الحُقبة السلمانية، بكل آمالها، وأهدافها، واستشرافها! معالي وزير الصحة الجديد، أحد هذه الكفاءات الشابَّة! وسيكون بانتظاره ملفات شائكة، ظلّت عصية على المعالجة، لعقودٍ من الزمن، تلقفها وزراء، ورحلوا، وبقيت دون حلٍ أو حلْحَلة! ومن المؤكد أنَّ الرجل لديه، علم مُسبقٌ بهذه الملفات، وربما رؤية مُعينة، لمعالجتها! ومن ثمَّ فليس أمامنا إلا التفاؤل الحذر، لعلَّه يكون استثناءً من أسلافه، وينجح في معالجة مصادر الداء، المسؤولة عن استمرار الخلل المُزمن في منظومة الرعاية الصحية في المملكة! وبالمناسبة، ننصح الوزير الجديد، حتى يُبنى عهده، على أُسسٍ صحيحةٍ، وشفَّافة، بالنأي عن سياسة تخدير الجمهور، كما فعل أسلافه، عبر الشعارات الفضفاضة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، والوعود الجوفاء غير المبنيّة على دراسة! فالمجتمع، اليوم، أكثر وعياً، وإدراكا، وتفريقاً، بين الإنجاز الحقيقي، وبيع الأوهام! ولن ينجح أحدٌ، في تخديره، والتلاعب باحتياجاته، والاتجار بآلامه، ومعاناته! من المؤكد أنَّ الأمر ليس بالهيِّن، فالمنظومة الصحية القائمة، كما أشرتُ آنفاً، مُصابة باختلالاتٍ مُزمنة، بفعل غياب المسؤولية، والنزاهة، والشفافية، والتَّخبط في الرؤية والممارسة! أدَّى، إلى هدرٍ شديد نسبياً، لجزءٍ من الموارد والأموال العامة المُخصصة للقطاع الصحي الحكومي! والتي تُقدر بمليارات الريالات، تضخها الدولة سنوياً لهذا القطاع! أمام الوزير الجديد ملفات نقص المُستشفيات العامة، والمُتخصصة، والمراكز الصحية، بمختلف مناطق المملكة! وخاصَّة المدن والمُحافظات الأقل نمواً! وسوء مُخرجات القائمة منها! ما يشي بمعاناةٍ شديدة، للمريض، هنا، أو هناك، للظفر بسريرٍ يتداوى عليه، أو بموعد فحصٍ طبي، قريبٍ، في مُستشفى جيد، عند طبيبٍ مؤهل! أمام الوزير الجديد كذلك الملف الأبرز والأهم، وهو التأمين الطبي التعاوني، الذي أنهكته الدراسة تلو الدراسة، لدى مجلس الخدمات الصحية، والضمان الصحي، والوزارة! والمطلوب إخراجه من هذه الدوَّامة، والعمل بوتيرة مُتسارعة، نحو تطبيقه! ويمكن الاستفادة، في ذلك من التَّجارب البريطانية والفرنسية والكندية! على كل حالٍ، وزير الصحة الجديد، مطلوبٌ منه العمل بكل طاقته ووسعه، لتهيئة مناخات إيجابية، للإنجاز، وفق مراحل مُتدرجة، وجداول زمنية مُلزمة، وبرؤية، تروم بناء رعاية صحية متكاملة، تحفظ للمواطن، صحته، وكرامته، وحقوقه، في وطنه وموطنه! وقد لا يكون في حاجةٍ للتذكير، بأهمية تدوير قيادات وزارته، باستقطاب كفاءات قيادية شابَّة، على شاكلته، والتخلص من كل القيادات الإدارية والتنفيذية، المُعوِقة لمشاريع التطوير والإنجاز، وغير المُؤهلة، والبعيدة عن هموم الناس وأوجاعهم الصحية! بما يُتيح له تكوين بيئة عملٍ جاذبة للإنجاز والتطوير والإبداع والابتكار، تكون عوناً وسنداً له في مهامه الصَّعبة، والمُتشابكة! مسك الختام: كل التوفيق للوزير، في مهماته الصعبة، في وزارةٍ لا تزال محل سخطٍ شعبي، وعدم رضا، من مستويات أدائها ومنجزاتها، ونأمل أن نسمع ونشاهد قريباً، ما يسُرنا ويسُر القيادة العليا! وفي الانتظار! شَذْرَةٌ: الأهمُ منْ أن تتقدم بسرعةٍ، هو أنْ تتقدم بالاتجاه الصحيح.