شعار وزارة الصحة "المريض أولاً" يستفز المواطن والمقيم، والصحيح والسقيم، والسليم والمريض! شعارٌ ليس له من معناه ومبناه نصيب، ولا رقيب! شعارٌ فضفاض، تشتكي من دجله العدالة والمصداقية والشفافية والنزاهة! شعارٌ يُكذبه واقع الحال، وآلاف الصور والنماذج والحكايات المؤلمة لسجل مؤسسات هذه المنظومة الصحية المُتعثرة والمُبعثرة! مواطن هذا الوطن ليس محروماً من حقه في تأمينٍ طبي يُخفف عليه أعباء وتكاليف جراحات الزمن، أو سريرٍ يتداوى عليه! فحسب! بل محرومٌ كذلك، وبدرجة أشمل وأكبر من رعايةٍ صحية، تحفظ له صحته وكرامته وحقوقه في وطنه وموطنه! هذا الواقع، والمآل، يدفع بالمواطن البسيط الغلبان إلى مناجاة ربه، في صباحه ومسائه، وليله ونهاره، بأن يُديم عليه، وعلى أُسرته، الصحة والعافية، وألا تضطره عَوَادِي الدَّهْرِ ليكون هو، أو أحد أفراد أُسرته، ضحية، ورقماً تائهاً تتعامل معه مؤسسات وزارة الصحة بلا أدنى مسؤولية أو مهنية! تتماهى مع الحقوق الإنسانية قبل الوطنية! شواهد هذا الحال كثيرة، لا تخفى على كل لبيبٍ وبصير ومتابع .. ولعلَّ تهافت بعض السعوديين، على الطبابة في الدول المجاورة وغير المجاورة، خاصَّة أهالي المناطق المُهمشة تنموياً، لهو أكبر دليلٍ على واقع خدمات وزارة الصحة، وتراجعها الخطير في مد مظلة الطبابة لكل مواطن ومحتاج! في هذا المقال والمقام لا يسع لي الحديث عن أوجاع وزارة الصحة المتراكمة، وأوجاع الناس معها، ولكن قد يسع المقام والمقال للحديث عن " التأمين الطبي للقطاعات الحكومية المدنية "! فهذا الموضوع الحيوي، والمهم، والمُستحق للمواطن، ظلَّ لسنوات طويلة يخضع للدراسة! تعاقب على هرم الوزارة أكثر من وزير، ولا يزال تحت الدراسة!" والخشية أن تصبح مع مرور الوقت دراسة مستدامة! قبل أشهرٍ عِدة، وفي استضافة مجلس الشورى لوزير الصحة السابق، طُرح ملف التأمين الطبي على الوزير، فتملصّ منه، كما تملصّ منه من سبقه، وحاول تخدير أعضاء المجلس بالعزف على مسألة دراسته، من قبل مجلس الخدمات الصحية، والضمان الصحي، والوزارة! ومع الأسف الشديد هذه المماطلة، وهذا التسويف، غير المسؤول، يتحمل المواطن في الأول والأخير تبعاته على صحته وصحة أُسرته، ومن يعول! عموماً، ومع تكليف وزيرٍ جديدٍ للصحة، يأمل كل محبٍ للوطن ومواطنيه، أن يعمل الوزير الجديد، بمعاونة كادر قيادي قوي وأمين، على إعادة هيكلة منظومة الخدمات الصحية، وفق رؤية استراتيجية، وأولويات محددة! تتحقق من خلال إنجازها مقومات الرعاية الصحية المتكاملة! من المؤكد أنَّ الأمر ليس بالهيِّن، فالخدمات الصحية التابعة لوزارة الصحة مُصابة باختلالاتٍ مزمنة جرَّاء غياب المسؤولية والنزاهة والشفافية، في إدارة شؤونها، ومشاريعها، وأعمال تطويرها! وحضور العشوائية والبيروقراطية والانتهازية والتَّخبط في الرؤية والممارسة! في هدرٍ فاضحٍ للموارد والأموال العامة المُخصصة للقطاع الصحي الحكومي! ومن ثمَّ نأمل للوزير الجديد كل التوفيق في مهمته الصعبة، ولا أقول المستحيلة! كما نأمل كذلك أن يجعل معاليه ملف"التأمين الطبي" على رأس اهتماماته، ومهماته التصحيحية، بإخراجه من محبس الدراسة البائس، وجعل الأولوية له في التنفيذ والتطبيق، تحت بند: المشاريع الضرورية العاجلة! مسك الختام: همسة لوزير الصحة الجديد: معاليك في مهمة تاريخية، فكن لها، بنبذ الأفكار المُعوِّقة، وحسن اختيار مساعديك، وقياداتك، وتهيئة مناخات إيجابية للتطوير والتحسين والابتكار، وتحرير الوزارة من مركبات: سوء الإدارة، والانتهازية والمصالح الضيقة، برؤية وطنية، تروم بناء رعاية صحية متكاملة! وثق أنَّك ستنجح، إن سلكتَ الطريق والمسار الصحيح! وفي الانتظار !! شَذْرَةٌ: يمكنك إنجاز بعض المهام بمجرد تغيير طريقة تفكيرك في إنجازها.