الاستقرار لا يعني الجمود ومقاومة التغيير ولكنه يعني الأمن والاستمرارية، وتوفير الظروف التي تساعد على مزيد من العمل والانتاج والتطوير المستمر. إن القرارات التاريخية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عقب رحيل الملك عبدالله (يرحمه الله) هي عنوان لآفاق جديدة، وهي رسالة الى الداخل والخارج بأن المملكة في ماضيها وحاضرها تسير وفق منهجية واضحة، وأن استقرارها السياسي لا يعني الجمود بل التجديد المستمر في الفكر والأساليب والخطط بما يتفق مع المتغيرات والتحديات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية. المملكة تنتقل الى مرحلة جديدة يقودها قائد صاحب رؤية وخبرات سياسية وادارية وقدرات قيادية، وسجل حافل بالإنجازات المتميزة. مرحلة جديدة لا تتغير فيها الثوابت ولكن تتغير الأساليب وفرق العمل تبعا لتغير الظروف ومقتضيات ومتطلبات المرحلة واحتياجاتها وتحدياتها الداخلية والخارجية. ولا شك أن الأمن أولوية في منظومة التنمية وهذا هو الاستقرار الايجابي الذي ننعم به في المملكة ونحمد الله عليه. أما الاستقرار السلبي فهو رفض التجديد والتطوير والتمسك بأساليب معينة رغم ثبوت فشلها. وقد اتضح من قرارات الملك سلمان أنها تدفع نحو الاستقرار الايجابي الذي يأخذ في الاعتبار الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الاطار كانت نظرة الملك سلمان المستقبلية في بدء مرحلة جديدة تمثلت في تعيين الحفيد محمد بن نايف وليا لولي العهد. هنا يتضح معنى الاستقرار الايجابي الذي لا يكتفي بالحاضر بل ينظر الى المستقبل بالمعايير العلمية والموضوعية. إن توفر الأمن وهو أساس الاستقرار الايجابي يجعل المملكة تتوجه نحو التحديات والأهداف الاستراتيجية الأخرى ومحورها الانسان بدينه وثقافته وعمله وحقوقه ومسؤولياته. وهكذا فان المرحلة الجديدة (التي أساسها الاستقرار الايجابي) سوف تستمر فيها عملية التطوير الشاملة وقد يعاد ترتيب الأولويات حسب الظروف ولكن القضايا الجوهرية تعتبر قضايا حيوية ومتجددة ومنها خدمة الحرمين الشريفين، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع مصادر الدخل، وتحديث الأنظمة الادارية والسياسية، وتطوير التعليم، والرعاية الصحية، وتحسين الظروف المعيشية، ومكافحة الارهاب فكريا وأمنيا، وجذب الاستثمارات الأجنبية الى بيئة آمنة تساهم في مشاريع التنمية وتوفر المزيد من الوظائف للسعوديين. وعلى الصعيد الخارجي يظل ملف العلاقات الدولية والتحديات الاقليمية مفتوحا للمراجعة لتحقيق الأمن الوطني، ومصالح المملكة السياسية والاقتصادية، وتعزيز مكانتها الدولية المتميزة، ودورها المؤثر في القرارات الدولية التي تساهم في نشر السلام والعدل. بهذا المفهوم الايجابي للاستقرار يحافظ الوطن على مكتسباته ومكانته وقوته ويعمل الجميع بجد وطموح واخلاص نحو مستقبل حافل بالإنجازات في كافة المجالات إن شاء الله. نسأل الله أن يوفق الملك سلمان في قيادة الوطن الى آفاق مستقبلية تحقق المزيد من طموحاته وآماله، والى مزيد من الاستقرار الايجابي المحرك لمنظومة التنمية.