نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    الطائرة الإغاثية ال20 تغادر الرياض ضمن الجسر الجوي السعودي لمساعدة الشعب اللبناني    "منشآت" و "كاوست" يوقعان مذكرة تفاهم لدعم وتمكين رواد الأعمال    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    وجهة "مسار".. شريك الوجهة في النسخة الثانية ل "معرض سيتي سكيب العالمي 2024"    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على عدد من المناطق    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    الإعلام السعودي.. أدوار متقدمة    المريد ماذا يريد؟    البنوك المركزية بين الاستقلالية والتدخل الحكومي    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    القبض على مخالفين ومقيم روجوا 8.6 كيلو كوكايين في جدة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    السينما السعودية.. شغف الماضي وأفق المستقبل    اللسان العربي في خطر    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    العين الإماراتي يقيل كريسبو    ليل عروس الشمال    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    «الجناح السعودي في اليونسكو» يتيح للعالم فرصة التعرف على ثقافة الإبل    القابلة الأجنبية في برامج الواقع العربية    التعاطي مع الواقع    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    محافظ الطائف يعقد اجتماع مجلس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم    أمير تبوك يستقبل القنصل الإندونيسي    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسية التعامل مع إيران تقتضي المواجهة والتصدي لمشروع الهيمنة..!
قادة الخليج في "قمة الدوحة" الأسبوع المقبل أمام تحديات سياسية وأمنية وفكرية
نشر في الرياض يوم 02 - 12 - 2014

تبدأ يوم الثلاثاء المقبل أعمال الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في العاصمة القطرية الدوحة، وتستمر لمدة يومين، حيث يناقش القادة مسيرة التعاون المشترك، وتداعيات المصالحة الخليجية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين وقضت بانتهاء الخلافات وعودة السفراء الثلاثة لدولة قطر، وتقديم مزيد من الدعم لدولة مصر، ومجمل القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية المحيطة بالمنطقة، وأبرز التحديات التي تواجه دول الخليج مع تنامي الأوضاع العربية السيئة، وتزايد وتيرة الأعمال الإرهابية، وتحديداً مع ظهور الجماهات الإرهابية.
ويعوّل كثيرون على القمة الخليجية المقبلة أن تضع حداً للأطماع الإيرانية في المنطقة، وتدخلها السافر في دول الخليج، والدول العربية الأخرى، إلى جانب قطع الطريق على دورها الخطير في تصدير الثورة الإيرانية، والحصول على المفاعل النووي لمزيد من الضغط والهيمنة، كما يعوّل على القمة أن تخرج بنتائج إيجابية تجاه بناء منظومة عسكرية واقتصادية لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة.
"ندوة الثلاثاء" تناقش أبرز التحديات السياسية والأمنية والفكرية لدول الخليج تزامناً مع "قمة الدوحة" الأسبوع المقبل.
مصالحة خليجية
في البداية تحدث "د. إبراهيم النحاس" عن أهمية مصالحة خادم الحرمين الشريفين الخليجية وتوقيتها ودورها الإقليمي، قائلاً: "التحديات العالمية كبيرة، والتحديات الإقليمية أصبحت أكبر، لذلك عندما أتحدث عن التطورات التي حدثت في المرحلة، وتحديداً استضافة مدينة الرياض لقادة دول مجلس التعاون، وبضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، حيث تم في ذلك اللقاء مصالحة خليجية أدت إلى عودة الأوضاع السياسية بين دول مجلس التعاون إلى ما كانت عليه في المراحل الماضية، وهذا أمر يدعو بشكل عام إلى الإيجابية والتفاؤل"، مضيفاً أن أهمية المصالحة تكمن في الهدف من نشأة مجلس التعاون الخليجي، وهو الوقوف في وجه النزاعات والتحديات والأخطار الإقليمية في المنطقة، خاصةً الخطر الإيراني المتمثل في الثورة الخمينية القائمة على تصدير فوضاها لدول مجلس التعاون أو الدول الملكية بشكل عام، مشيراً إلى أن هذا المنطلق الرئيس ظل يعمل بشكل إيجابي حتى حدث خلاف في وجهات النظر، مما أدى إلى سحب سفراء بعض دول مجلس التعاون من دولة قطر.
وأضاف: "خادم الحرمين عندما اتخذ قرار سحب السفير السعودي من دولة قطر كان لاعتبارات واضحة في ذلك الوقت، وهي عدم التزام دولة قطر بما تم الاتفاق عليه من أمور أمنية بين دول مجلس التعاون"، مبيناً أنه بفضل خطوات المملكة، وبفضل القيم التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين لبناء مجتمع خليجي متكامل إلى حد ما انتفت الأسباب، مما شكّل حراكاً سياسياً كبيراً جداً لإعادة الدور الخليجي إلى ما كان عليه.
منطلقات المصالحة
وأوضح "د. إبراهيم النحاس" أن المصالحة الخليجية تأتي من عدة منطلقات؛ الأول هو مواجهة التحديات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، وهي تحديات أمنية تتمثّل في الجماعات الإرهابية، مثل "داعش"، حيث أننا نعلم أنه بدون الوقوف صفاً واحداً بين هذه الدول لمواجهة الخطر الإرهابي؛ فإنه بلا شك سيؤدي إلى انتشار الأفكار الإرهابية في بعض الدول؛ نتيجةً لمحدودية التنسيق الفكري والأمني بين دول الخليج، مضيفاً أن المنطلق الثاني هو جعل دولة قطر ضمن المكون الخليجي الذي يواجه هذه التحديات على أقل تقدير على المستويات الأمنية، وهو تبادل المعلومات التي بناء عليها يُعرف إلى أين يتحرك الإرهاب، وإلى أين تتحرك المسائل المالية التي تدعم هذا الفكر بطريقة أو بأخرى، مبيناً أن المنطلق الثالث هو منع ذهاب دولة خليجية إلى حلف آخر، مما شكّل خوفاً كبيراً لدى المملكة من أن تذهب دولة قطر بشكل مباشر إلى التحالف مع دول أخرى من ضمنها الدولة الإيرانية، وأنه في حال تم التحالف القطري مع إيران يعني ذلك اختراقا للصف الخليجي، ووجود الدولة الإيرانية على الحدود السعودية من جهة الشرق، وبالتالي لا يفصل بيننا وبينها إلاّ أمتار قليلة عبر الحدود، وبالتالي هذا يشكّل خطراً كبيرا جداً.وأشار إلى أن هذا المنطلق مبني على توجه وزير الخارجية القطري في الليلة التي تم فيها سحب سفراء الدول الثلاث من دولة قطر إلى طهران وصدور إعلان منهما في تلك الليلة عن احتمالية وجود تقارب بين قطر وإيران، ذاكراً أن المنطلق الرابع يعني توجيه الصف الخليجي أو البيان الخليجي وجعله يصب في اتجاه مجموع الدول الست، وليس كما كان عند سحب السفراء بخمس دول.
د. النحاس: مصالحة خادم الحرمين أعادت الروح إلى البيت الخليجي وقطعت الطريق على المتربصين.. ومنحت مصر الشقيقة مزيداً من الدعم
توقيت مهم
وكشف "د. إبراهيم النحاس" عن أهمية توقيت المصالحة، موضحاً أنه يأتي مع قرب انعقاد قمة مجلس التعاون في قطر، والتي هي مجدولة سلفاً، مضيفاً أن عدم عقد هذه المصالحة سوف يؤثر بشكل مباشر على إمكانية عقد هذه القمة، مما يعني -لا سمح الله- بداية تفكك مجلس التعاون؛ لأنه منذ أن أُسس المجلس لم يحدث أي تغيير في مكان انعقاد القمة باستثناء ما حدث أثناء احتلال الكويت من قبل العراق، وهو استثناء مبرر ومعروف لدى الجميع، وليس عليه إشكال، مبيناً أن عدم عقد القمة في قطر نتيجة لعدم المصالحة يعني تفكك مجلس التعاون، والذي يعد ضربة كبيرة جداً حتى لخطاب المملكة السابق عندما أعلن خادم الحرمين الشريفين عن رغبته بالتحول من مرحلة "التعاون" إلى مرحلة "الاتحاد".
وأكد على الدور الإقليمي لجمهورية مصر في المصالحة، على اعتبار أنها نقطة رئيسة؛ لأن المملكة دائماً تركز بشكل مباشر على أن يكون العامل العربي هو الرئيس في مواجهة التحديات الإقليمية، لافتاً إلى أن هذه المصالحة لم تؤثر في الدور المصري، إذا علمنا تبني قطر لمواقف معينة تجاه ما حدث في مصر من تغيرات سياسية ورسالة إقليمية، موضحاً أن مصر مكون رئيس في أمن الخليج العربي عبر مواجهة التحديات الإيرانية بشكل عام.
خلاف نوعي
وتحدث "أ. د. عبدالله الرفاعي" عن جهود خادم الحرمين الشريفين في تحقيق السلم المجتمعي في دول مجلس التعاون الخليجي، قائلاً: إنه يجب قراءة دور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- في ظل الخلاف الذي حدث، ومما لا شك فيه أن الخلاف كان نوعياً؛ لأنه للمرة الأولى يحدث هذا الشرخ داخل الجسم الخليجي، مضيفاً أن بوادر الخلاف بدأت منذ أحداث 11 سبتمبر، عندما بدأ المشروع الأمريكي الكبير باحتلال العراق، وما طرحته الوزيرة الأمريكية "كوندليزا رايس" عن موضوع الفوضى الخلاقة، مبيناً أنه بدأنا نلحظ اتخاذ قطر منحى الاقتناع الكامل بالفكرة الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت تنبهت دول مجلس التعاون، موضحاً أنه اتضحت ملامح ما سيحدث بعد احتلال العراق، وهو التغيير في المنطقة، وأن القطريين لديهم اجتهاداتهم وممارساتهم، مؤكداً على أنهم اجتهدوا من أجل التحالف مع الأتراك في الدرجة الأولى، خاصةً مع حزب العدالة ومع الجماعات التي كنّا نظن أنها قادرة على السيطرة على بعض الدول، مشيراً إلى أن المملكة أدركت منذ ذلك الوقت أن مقاومة هذا التغيير الذي يراد لهذه المنطقة لن يكون إلاّ بوحدة مجلس التعاون الخليجي وبوجود مصر، وبدون هاتين المسألتين لن نستطيع، إضافةً إلى المملكة الأردنية الهاشمية التي نحسبها أنها تمثل عاملاً مهماً، لكن حجمها وقدراتها لا تسمح لها لأداء الدور كاملاً.
دعم مصر
وأوضح "أ. د. عبدالله الرفاعي" أن القوة الحقيقية نجدها في جمهورية مصر، حيث تتمثل في القوة البشرية، إضافةً إلى القوة الاقتصادية الموجودة في دول مجلس التعاون، لهذا فإن جهود خادم الحرمين الشريفين ارتكزت في استراتيجية السياسة السعودية، وهي مهمة للغاية، حيث انطلقت بداية لتأكيد وترسيخ العلاقة السعودية الخليجية، وتحديداً العمل من خلال نقطة الارتكاز القائمة على التنسيق الكبير ما بين أبوظبي والرياض لدعم جمهورية مصر العربية، مؤكداً على أن هذا الدعم يعد أهم جهد لخادم الحرمين الشريفين من أجل تحقيق منطق السلم في منطقة الشرق الأوسط، فرأينا المملكة تدرك أهمية وجود مصر قوية ومستقرة بعيداً عمن تواطأ مع الأجنبي لتغيير المنطقة بأي ثمن، مبيناً أن خادم الحرمين حينما أعلن المبادرة لم يعلنها صدفة، بل تم إعلانها بعد تهيئة الأجواء التي تمثلت في حوارات جادة مع القطريين، مما أدى إلى تغيير المناخ، وكذلك وجود حوارات مع إيران، حيث تبدلت بعض مواقفها بعد التغيير الذي حدث في العراق بخروج "المالكي" من رئاسة الحكومة العراقية، وهو الذي كان يعتبر موالياً لها.
وأضاف: التحالف الدولي اقتنع بوجهة نظر المملكة بأنه لن يحدث أي تغيير جذري حقيقي، وكذلك مقاومة الإرهاب وتحقيق السلم إلاّ بالثقافة الإقصائية من المكونات ومن الطائفية.. الخ، لافتاً إلى أنه بدأت المملكة بنفسها بوضع قوانين وتجريم أبنائها الذين يشاركون في العمليات الإرهابية، كل هذه الأمور أعطت المبادرة أهمية في أن تخرج إلى العلن، بل واتضح جلياً أن مستوى العنف يقل والسلم يرتفع.
بيت خليجي
وتداخل العقيد "إبراهيم آل مرعي"، قائلاً: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- دائماً ما يسعى إلى وحدة الأمة، وبالتحديد التركيز على دول الخليج، معتقداً أن هناك ثمانية أشهر أُعطيت لدولة قطر الشقيقة، والحمد لله انتهت الأمور إلى وضع إيجابي، مؤكداً على أن هذه النهاية هي بداية حقيقية لبيت خليجي جديد، مبيناً أنه مع تحقق المصالحة ظهرت تساؤلات عدة منها؛ هل هذه المصالحة هشة؟ وهل يمكن أن تكون هناك انتكاسة في العلاقات الخليجية؟ مبيناً أنه من أجل تفادي هذه التساؤلات فإنه يجب بذل جهود كبيرة في المستقبل ودبلوماسية حثيثة، من أجل إيجاد ضمانة لعدم وجود خلاف في التوجه السياسي لأي دولة خلجية، بحيث لا تُستغل من الأعداء المتربصين الذين يسعون إلى توجيه سهامهم إلى دول الخليج العربي، من خلال الاختلاف في وجهات النظر السياسية، لافتاً إلى أن المتوقع تغيّر الخطاب الإعلامي لدولة قطر الشقيقة، وبناءً على الاتفاق الذي تم سيكون هناك توقف لدعم جماعة الإخوان المسلمين أو التيار الاسلامي السياسي، متمنياً أن يكون ما خلف الكواليس متوافقاً مع الواقع الظاهر، وأن تسوقنا الخطوات إلى بيت خليجي ثابت، وإلاّ سنرى بعد قمة الدوحة بشهر أو شهرين انتكاسة جديدة!
وعقّب "د. محمد السلمي" على ما ذكره "إبراهيم آل مرعي"، قائلاً: "سعدنا بهذه المصالحة قبل انعقاد قمة الدوحة، فالوضع كان خطيراً لو لم تتم، كما أن العواقب ستكون كبيرة؛ لأننا ربما نصبح أمام مفترق طرق إذا لم تتحقق تلك المصالحة، وكان من المؤكّد أنّ دولة قطر لم ترغب في أن تكون سبباً في انهيار منظومة دول مجلس التعاون، خصوصاً أنّ القمة المقبلة يتم عقدها في الدوحة"، مستدركاً: "ما نخشاه هو أن تكون هذه المصالحة هشة ووقتية، حتى يمر انعقاد القمة بسلام، وترجع الأمور إلى ما كانت عليها من خلافات".
محور صراعات
وأوضح "د. علي الخشيبان" أنه عندما نتحدث عن دول الخليج يجب أن نتحدث عن المكون السياسي والمكون الاقتصادي والجغرافي لهذه الدول، الذي جعلها في عين العاصفة، خاصةً إذا عدنا إلى البدايات الأولى لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، ونتذكر كذلك التحديات التي فرضت التعاون وأنشأت المجلس، مضيفاً أنه من خلال المكون الجغرافي نرى أن دول المجلس تقع في منطقة محور الصراعات بين القوى العالمية، مبيناً أن المكون الاقتصادي لهذه الدول يتمثل في الثروة النفطية، مما جعلها ذات شأن عالمي، مبيناً أنه لو استعرضنا التاريخ السياسي خلال (36) عاماً وهي -عمر المجلس- نجد أن هناك حلقة ظلت مغلقة هي التي ضمنت هذا التكوين (مجلس التعاون الخليجي)، لافتاً إلى أن المجلس يمرض لكنه لا يموت، وذلك بحكم الذاتية العميقة لكل دولة من دول الخليج، ورغبتها الأكيدة في الاستغلال لا تنفصل عن ذاتية مشتركة، مشيراً إلى أن النظم السياسية في هذه الدول تتحدث نفس هذه اللغة، أضف إلى ذلك أن دول الخليج تدرك أن العمق الاستراتيجي لها مرتبط تماماً بعمق الدولة الكبرى وهي المملكة التي تمثل جوهر الإسلام.
آل مرعي: كيف تصنّف السعودية والإمارات الجماعات الإرهابية وبقية دول الخليج صامتة؟
تحدٍ أيديولوجي
وأكد "د. علي الخشيبان" على أن التحديات خلال العقود الثلاثة الماضية ارتبطت بالأمور السياسية، وما ترتب عليها من صراعات، بل وارتبطت كذلك بالتحديات الاقتصادية، مضيفاً أن من أسباب إنشاء مجلس التعاون الخليجي منذ البدايات كان لمواجهة التحدي "الأيدولوجي" المتمثل في الرأس الآخر في إيران، لذلك كان لا بد لدول الخليج أن تحصّن نفسها، مبيناً أن هذا التهديد يظهر بصورة مختلفة من خلال الإرهاب بقيادة "داعش"، ومن خلال الثورات العربية، مبيناً أنّه فيما يتعلق بالتحدي الاقتصادي فنجد أن المنطقة الخليجية ما زالت تتحكم في البترول وأسعاره العالمية، مما جعلها ميزاناً للعالم، بحيث أنه عندما تناقش أسعار البترول نجد أن دول الخليج تراعي حاجة العالم من جهة وتراعي حاجاتها التنموية والاقتصادية من جهة أخرى. وأضاف أنّه فيما يتعلق بالتحدي السياسي المباشر نجد أن دول الخليج مسؤولة عن الإسلام بحكم أنها كلها دول إسلامية، وتمثل المملكة فيها أكبر دولة إسلامية، وبالتالي هي مسؤولة بشكل مباشر عن العالم الإسلامي كله، ذاكراً أن المشكلة الفلسطينية وثقلها السياسي تأتي من دول الخليج، معتبراً أنّ الأمر الجميل في هذه العقود الثلاثة التي مرت بها دول مجلس التعاون الخليجي نجد أن هذه التحديات لم تضعفها، ولم تتسبب في فك الترابط القائم بينها، بل كانت مصدر قوة، وأن أي أزمة مرت ما بين هذه الدول خاصةً الأخيرة لم تلبث أعواماً طويلة من القطيعة، حيث لم يستغرق مدة سحب السفراء وإعادتهم إلى قطر سوى عدة أشهر.
فوضى كبيرة
وتداخل "د. إبراهيم النحاس"؛ منوهاً بأنّ التحديات السياسية تتمثل في الفوضى الكبيرة بالمنطقة، مستشهداً بما يجري من أحداث دامية في العراق، إلى جانب ما حدث في بعض الدول العربية الأخرى كمصر وليبيا، وما يحدث حالياً في اليمن بشكل مباشر، مبيّناً أنّ هذه التحديات تدخل ضمن عدة محاور، منها: هي تطلعات هذه الدول في المراحل القادمة والمراحل السابقة؛ مما أدى إلى بناء أيديولوجيات داخل هذه الدول، مبيناً أنّ المحيط الجغرافي يؤثر بشكل مباشر على دول مجلس التعاون الخليجي وعلى المملكة بشكل مباشر بحكم الموقع الجغرافي الممتد مع هذه الدول. وقال إنّ ما يحدث من تطلعات سياسية سواء التوجهات الديمقراطية لدى هذه الدول فإنها توجهات غير ناضجة بشكل كبير جداً؛ مما يؤدي إلى تصدير هذه الأفكار بشكل سلبي لدى الرأي العام لدى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر، وهذه تتطلب توعية الرأي العام في دول مجلس التعاون حول ماهية هذه الأفكار في هذه الدول. وأضاف: "نعلم أنّ الأفكار الأيديولوجية التي كانت سائدة في تلك الدول المحكومة بحكومات عسكرية كانت قائمة على اشتراكية شيوعية، وأيديولوجيات أخرى لا تتوافق مع الرأي السائد في دول مجلس التعاون، فهذا التحدي السياسي ذو طبيعة اجتماعية داخل هذه الدول"، موضحاً أنّ التحدي السياسي الآخر يتمثل في تجييش الرأي العام العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص، وذلك باستخدام العاطفة من قبل الدولة الإيرانية، خاصةً القضية الفلسطينية -على سبيل المثال- التي يحاولون استخدامها كمؤثر كبير من أجل استعطاف الرأي العربي لدعم السياسة الإيرانية في المنطقة. وأشار إلى أنّ الثقافة السياسية لدى شعوب دول مجلس التعاون ليست ثقافة سياسية عميقة، تمكن صانع القرار من اتخاذ قرارات سياسية جريئة بشكل كبير جداً؛ لأننا نعلم أنّ الثقافة السياسية والرأي العام السياسي لدى شعوب مجلس التعاون الخليجي لم يصل إلى مرحلة النضج السياسي، وقد يكون أحد أسبابه قلة التنمية السياسية أو التعليم إلى حد ما، لافتاً إلى أنّ التحدي السياسي الآخر يتمثل في مصر بشكل مباشر، وذلك لأهمية الاستقرار في جمهورية مصر العربية، ولكن التوجهات السياسية في الدولة المصرية مهمة جداً في المراحل القادمة.
وضع متأزم
فيما اعتبر العقيد "إبراهيم آل مرعي" أنّ الوضع متأزم تماماً من الناحية السياسية، إذ نجد جميع الدول المحيطة بدول الخليج غير مستقرة، كالعراق وسورية واليمن، والتنظيمات الإرهابية تمددت وانتشرت من العراق ووصلت إلى مصر، مبيّناً أنّ هناك تحديات سياسية تواجهها دول الخليج العربي ولا تستطيع أن تقف في وجه هذه التحديات إلاّ من انطلاقة صحيحة، مضيفاً: "أعتقد أنّ قمة الخليج ال(35) هي الفرصة الحقيقية لإعادة النظر في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وكيفية تعاملهم مع التحديات السياسية ليست بصفة دول منفردة وإنما بصفة مجموعة متناسقة ومشتركة بخطاب سياسي موحد".
تطلعات مستقبلية
وقال "د. إبراهيم النحاس" إنّ في منطقة الشرق الأوسط أربع دول رئيسة، هي: المملكة العربية السعودية ومصر، وتركيا، وإيران، ولكن الدور الإيراني والتركي هما الأكثر تأثيراً وتقدماً؛ لأنّ لديهما خططاً استراتيجية ليأخذا موقعاً متقدماً في المستقبل في 2050م -على سبيل المثال-، حيث ترى أنّ التطلعات الإيرانية أن تصبح دولة مسيطرة وقائدة لهذه المنطقة، وهم الآن يسيرون في هذا الاتجاه؛ لهذا لا نستغرب التحركات الإيرانية الكبيرة على جميع المستويات، حيث نجحوا كذلك في اختراق دول كثيرة جداً، موضحاً أنّه بالنسبة للسياسة الدولية نجد أنّ الدور الإيراني إيجابي في سعيها لبناء دولة قوية ونافذة، بغض النظر عن تصرفاتها سواء كانت سلبية أو إيجابية.
قضية معقدة
وعاد "أ. د. عبدالله الرفاعي" للحديث عن القضية القطرية، قائلاً إن قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي حاولت أن تحاكي النموذج الغربي في صناعة القرار السياسي، حيث لديها مراكز بحثية، ولكن من وجهة نظري أنّ مراكزها أُخترقت من قبل الإيرانيين واخترقت قبلهم من الأمريكان، وكذلك من قبل الإخوان المسلمين؛ لذلك نجد أنّ هذه المراكز أثرت على صانع القرار السياسي في دولة قطر، حتى استطاع أن يبتعد رويداً رويداً عن باقي دول مجلس التعاون"، موضحاً أنّه بسبب هذه الأزمة التي مرت بها دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن يكون القرار السياسي وصناعة السياسة في دول مجلس التعاون وفق الرؤية الحديثة، ووفق المعطيات والآليات الجديدة؛ لأنّ المعطيات القديمة غير مجدية، وإلاّ سنظل نخسر! وأضاف: "لعلنا ندرك أنّه في مرحلة ما حققت إيران عدة نقاط داخل مجلس التعاون، وعندما ظهرت أحداث سورية انكشفت حقيقتها، وللأسف كان لدينا كثير من المثقفين يدافعون عن إيران ويتهموننا في المملكة بالتطرف، وقضية سورية كشفتهم أيضاً، كما كشفت موقف حزب الله أيضاً، والأمر ذاته انطبق على ما حدث في دولة البحرين"، مبيّناً أننا بحاجة ضرورية للتسويق وإلى مؤسسات؛ لأنّه لم يعد الوضع يسمح لنا أن تمارس السياسة وفق الرؤية السابقة، ولم تعد القضية تقتصر على القضايا السياسية والاقتصادية، مؤكداً على أن الخليج ليست مشكلة سياسية ونفطية فحسب، وإنما هناك من يسعى إلى احتلال المنطقة باعتبارها أهم الأسواق الاستهلاكية، إذاً العملية أصبحت معقدة؛ مما يجعلنا نرتقي إلى هذا التعقيد ونفهم الدور الإيراني.
د. السلمي: خطابنا السياسي لا يرقى إلى المستوى المأمول والسبب أننا لا نعامل إيران بالمثل
سياسة ضعف!
وحول قدرة الخطاب السياسي الخليجي اليوم على الانسجام مع وجهة النظر الموجودة في الشارع الخليجي تجاه إيران؟ أجاب "د. محمد السلمي"، موضحاً - من وجهة نظره - أنّ خطابنا السياسي لا يرقى إلى المستوى المأمول، ويجب أن نعلنها صراحة، معتبراً أنّ السبب الرئيس هو أننا لا نعامل إيران بالمثل؛ لأنّ من استراتيجيات المملكة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن هل هذه السياسة صحيحة أم لا؟ فهذا موضوع آخر، موضحاً أنّ الأمر يختلف في التعامل مع إيران عن دول العالم الأخرى؛ لأنّ إيران عندما تناقشها بلغة سياستك التي تخاطب بها العالم تنظر لك أنّك غير قادر على منافستها، وأنّ هذه لغة ضعف، ولا تستطيع أنّ تقدم أكثر من ذلك. وأضاف أنّه من الضروري بالنسبة للدول أن تغيّر في أسلوب تعاطيها مع إيران، سواء في الجانب الإعلامي أم الجانب السياسي، والعمل على تهميش الجانب الطائفي؛ لأنّ خلافتنا مع إيران هي خلافات سياسية وليست خلافات طائفية، حيث لنا أكثر من 500 سنة متعايشين مع الشيعة، وتعايشنا مع إيران على مدى التاريخ؛ لهذا يجب على جميع دول الخليج أن تعيد النظر في آلية التعامل مع إيران سياسياً وثقافياً وتاريخياً، موضحاً أنّ هذا الأمر لا يتم بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج إلى مراكز دراسات، ووحدة تهتم بجوانب مختلفة، حتى تستطيع أن تصل إلى وجهة النظر الإيرانية بدقة، ثم تقدم حلولاً واستراتيجيات من أجل التعامل معها وفقاً لهذا الجانب.
استعداء طائفي
وعقّب "د. علي الخشيبان" على ما ذكره "د. محمد السلمي"، مبيّناً أنّ إيران قادرة على أن تستعدي دول الخليج؛ لأنّها تتحدث باسم طائفة وأن هذه الطائفة موجودة على شكل أقليات في دول الخليج، إلى جانب أنّ دول الخليج تفتقر إلى الماكينة الحقيقية الدبلوماسية التي تحركها وهي مراكز الدراسات والبحوث في منطقة الخليج، كما أنّ المملكة لا يوجد فيها مركز واحد يدير هذه النقاشات، وحتى المراكز التابعة للمؤسسات الحكومية ضعيفة.
وعلّق "أ. د. عبدالله الرفاعي" على ما ذكره "د. علي الخشيبان"، مؤكّداً على أنّ الطائفيين هم فقط من انضووا تحت المظلة الإيرانية، لكن أغلب الشيعة خارج المظلة الإيرانية، ويمثلون مكوناً أساسياً وقوياً جداً.
مجلس استراتيجي
وعن تحدي تهديدات الجماعات الإرهابية لدول الخليج، أوضح العقيد "إبراهيم آل مرعي"، قائلاً: "تهديدات الجماعات الإرهابية ترتبط بمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وهذه المنظومة في حقيقة الأمر لا تعمل وفق استراتيجية واضحة وخطى ثابتة تجعل هذه الدول مستقرة"، مبيّناً أنّ دولة الإمارات العربية جرّمت (83) تنظيماً، والمملكة جرّمت (6) تنظيمات، متسائلاً: ماذا عن بقية الدول؟ خاصةً أننا منظومة خليجية واحدة؟ إذاً لكي تبقى هذه المنظومة ثابتة يجب سنّ قوانين مشتركة فيما يخص الناحية الأمنية، إذ ليس من المقبول أن تكون هناك تنظيمات مجرّمة في دولة وغير مجرّمة في دولة أخرى، كما يجب أن تناقش مثل هذه الأمور وأن يصدر بيان مشترك من قبل مجلس التعاون الخليجي فيما يخص هذه المنظومات، إذا أردنا تأسيس مجلس تعاون خليجي فاعل!
وقال إنّه لا بد كذلك من توحيد السياسات خاصة فيما يتعلق بجهاز "الإنتربول" الخليجي، والآن نسمع ونقرأ في وسائل الإعلام أنّه قد تُطرح التأشيرة السياحية الموحدة، ويمنح المواطن الخليجي عملاً موحداً، فهذه مراحل متأخرة، فليس من الممكن أن أبدأ بتأشيرة سياحية موحدة، ومنح المواطنين حرية العمل ما عدا المجال الأمني والعسكري، واقفز واترك المجال الأمني الأهم! إضافة إلى أنّه قد يعلن خلال قمة ال(35) إعلان قيادة عسكرية موحدة، وسمعنا كذلك قبل عدة أشهر إمكانية إنشاء قوة بحرية مشتركة، معتبراً أنّه لا يمكن أن تتم الأمور بهذه الطريقة، متسائلاً: هل إعلان قوة عسكرية موحدة يناط بها التنسيق مع قوات التحالف لضرب التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية كافٍ لإنشاء قوة بحرية مشتركة فقط؟ وماذا عن بقية القوات؟ لذلك يجب أن ينظر إلى المنظومة العسكرية في مجلس التعاون الخليجي بشكل أشمل، وأن لا يتم إنشاء هذه المنظومات بشكل متفرد.
وأضاف أنّ من أهم الأشياء التي يجب أن تكون في مجلس التعاون الخليجي على المستوى العسكري هو منظومة الدفاع الجوي، وهي من أسهل المنظومات التي يمكن إنشاؤها، وهي مماثلة للقبة الحديدية؛ لأنّها منظومات ثابتة على الأرض ودول الخليج متجاورة ومتلاصقة؛ لهذا من الإمكان إنشاء مثل هذا المشروع، ولابد من إقرار مجلس تعاون استراتيجي، مستشهداً بما ذكرته مجلة "انترسبت" في السادس من سبتمبر أنّ "مجلس التعاون الاستراتيجي" يقصد به مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والأردن والمغرب، وذكرت المجلة أنّ هذا التحالف غير المقدس الذي يقوم بدور التدخل وفرض الرؤية العربية في مناطق الصراع، دون اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مبيّناً أنّ مسألة التحديات الأمنية المعاصرة وتهديدات الجماعة الإرهابية يجب أن يكون فيها تنسيق فاعل بين المؤسسات الأمنية، وأن يتم سنّ قوانين مشتركة.
استهداف المنطقة
وعلّق "د. محمد السلمي"، قائلاً: "ليس من المنطق أن نلوم أيديولوجياتنا الدينية ونعمد على ربط توجهاتنا الدينية بداعش؛ لأنّ أكثر من انضموا إلى داعش هم من تونس وهي دولة علمانية، وهناك (300) من ألمانيا، و(600) من بريطانيا، ومن أمريكا، وبلجيكا، وغيرها من الدول الأوروبية؛ إذاً العملية ليست أيديولوجية، ولكن يبدو أنّ هناك شيئاً ما يستهوي من ينضمون إلى داعش وهو عامل التلذذ بالقتل والاقتحامات والمتعة الجنسية، من خلال أسر السبايا"، موضحاً أنّ هناك يهود انضموا إلى داعش؛ لذلك يجب أن لا نحمل الجانب الأيديولوجي مسؤولية انضمام البعض إلى داعش؛ لأنّ ذلك يعد قضية تروج لها الماكينة الإعلامية بشكل كبير يستهدفون بها هذه المنطقة!، وعندما فشل الربيع العربي وفشلت الفوضى الخلاقة جاء داعش بديلاً.
إطالة الحرب
وعاد العقيد "إبراهيم آل مرعي" ليتداخل؛ مبيّناً أنّ إطالة أمر الحرب مع التنظيمات الإرهابية يخدمها، وكذلك يخدم الشركات المصنعة للسلاح؛ لذلك يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تدفع بقوة من أجل حل الأزمة السورية، وحسم المعركة مع التنظيم، ولا يمكن أن تحسم معركة دون وجود قوات برية على الأرض، موضحاً أنّ الأمريكان لا يريدون الزج بأبنائهم في المعارك البرية؛ لذا يجب علينا حسم المعركة بالتحالفات مع القوات العراقية والكردية، وإذا لم تحسم المعركة مع التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية فإن المعركة ستتحول إلى معركة أمنية على أراضي دول الخليج، ويجب أن نستعد لذلك!
خيانة المبادئ
وعلّق "د. علي الخشيبان" على جماعة الإخوان المسلمين كتحد أمني لدول الخليج، موضحاً أنها تبنت فكرة "مدينة الله" على أساس الخلافة، وحاولت أن توهم الشعوب أنّها تستطيع بناء هذه المدينة الأفلاطونية الفاضلة، وتسميها "مدينة الله"، واخترقت الجدار الشعبي من خلال الوعود العاطفية، بينما قيادات هذه الجماعة كانت تعتنق مدينة الحياة اعتقاداً منها أنّها ستقود دفة السياسة إذا توفرت لها الظروف، وبعد (80) سنة من إنشائها خاضت أول تجربة سياسية ولكنها كانت فاشلة؛ لأنّ أول من تصادمت معهم هم الشعوب التي كانت تتبعها وتصدقها.
وأضاف أنّ المؤشر الذي يعكسه وجود الإخوان المسلمين يدل على ثلاثة أشياء: أنّ الشعوب العربية شعوب تغيب عنها العقلانية، وأنّ التجربة السياسية الحزبية في المجتمعات المدنية غير موجودة، وكل الجماعات التي وجدت وصنفت على أنها مجتمعات مدنية هي مجتمعات إما خيرية أو وعظية، وأنّ المجتمعات الإسلامية كلها تبنى إطاراً فكرياً تم بناؤه على الأقل قبل (600) سنة، ولم يحدث فيه أي تغيير أو تجديد؛ لذلك نجد أنّ هذه المواجهات الثلاث هي التي صنعت الأزمة الكبرى بين الشعوب وبين هذه الجماعات، والذي أصبح من السهل على هذه الجماعات أن تمارس الخيانة حتى ضد مبادئها.
حوار وطني
وتداخل "د. إبراهيم النحاس"، قائلاً: "بعد تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم كان الهدف الرئيس له هو محاربة أفكار جماعة الإخوان المسلمين عن طريق تبنيه الحوار الوطني، وكان ذلك بين المذاهب الإسلامية، ثم الاتجاه إلى الحوار مع العالم الآخر، وهذه من الأمور الإيجابية التي تعد سابقة على الأحداث التي نشهدها"، معتبراً أنّ المؤسف أنّ المجتمع والمؤسسات الإعلامية بمختلف توجهاتها لم ترتق إلى تطلعات خادم الحرمين من الحوار الوطني؛ لأنّ الهدف من تبني الحوار الداخلي والحوار بين المذاهب الإسلامية بشكل مباشر هو أن يكون المجتمع هو القادر على لفظ هذه الجماعات ومحاربة التطرف من الأسفل إلى الأعلى، لكي تدفع بعد ذلك الحكومات لتجريم هذه الجماعات، وليس من المطلوب أن تكون العملية من الأعلى إلى الأسفل؛ لأنها سوف تكون مرفوضة، متمنياً أن لا تكون بيانات القمة الخليجية أو الوزارية مصنفة للإرهاب بأي حال من الأحوال، وأن تترك ذلك للمجتمعات؛ لأنّه سوف يكون رد الفعل سلبياً، مشدداً على ضرورة أن تفعل رؤية خادم الحرمين بالحوار من أجل محاربة مظاهر التحريم.
مشروع خليجي
وتساءل الزميل "محمد المرزوقي" عن كيفية بناء مشروع خليجي يقوم فعلاً على تنظيمات سياسية حديثة ومعطياته مشروع مضاد ومناهض؟ وأجاب "أ. د. عبدالله الرفاعي"، مبيّناً أنّ خادم الحرمين الشريفين خلال الأيام الماضية أطلق مشروع الوحدة، ومشروع المصالحة، والبيان الذي صدر وما لحقه في موضوع مصر، والمشروع العربي الموحد، معتبراً أنّ كل ذلك يدخل في إطار المشروع، لكنه يحتاج إلى منظومة متكاملة تدعمه، موضحاً أنّ المؤلم حقاً أنّ خادم الحرمين الشريفين أطلق مشروعات مهمة جداً ليس على المستوى المحلي، بل على المستوى الدولي، وهذه المشروعات لو أطلقت في مجتمعات أخرى متكاملة في منظوماتها ومؤسساتها لوجدت صدى كبيراً، مستدركاً: "يبدو أننا ما زلنا في حالة استرخاء، ولو عدنا بالذاكرة إلى الستينيات عندما أطلق الملك فيصل مشروعه لمواجهة الهيمنة والماكينة الناصرية وكانت الدولة السعودية آنذاك في بداياتها وكان الإعلام السعودي ضعيفاً والتلفزيون كذلك، إلاّ أنّ المملكة استطاعت أن تصمد وتقلب المشروع السعودي على المشروع الناصري". وقال: "إسرائيل -مثلا- لا يخرج منهم اعتراف أنّهم يمارسون عنفاً، كذلك إيران لا تجرم نفسها، وأنت مثلاً تدعي أن لا عنف، بينما أجد فعلك يحرض على العنف.. عندما تعرضت المملكة لأزمة وجود بعد احتلال الكويت رأينا جماعة الاخوان يذهبون إلى مبايعة صدام حسين، وأنّ الجماعة المنتمين لها في المملكة يريدون أن يقوضوا الداخل السعودي، وظهرت مظاهرات هنا وهناك، ماذا تسمي ذلك؟"، كذلك عندما احتلت داعش ثلثي العراق، من الذي وقف أمام التحالف؟ وماذا بذل الملك عبدالله حتى يقنع الأمم منها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل أن يكون هناك تحالف ضد داعش وفق الرؤية السعودية ولا يضع يده مع إيران؟ من الذي وقف ضد هذا التحالف ولا يزال يحارب هذا التحالف؟ هي جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة في هيئة الضرار التي تسمى زوراً بهيئة علماء المسلمين.
وأضاف أنّ هذه الأمور لا يجوز السكوت عليها، خاصةً أنّ جماعة الاخوان وقفت مع العدو ضدنا، فهذا شيء مؤلم، ولكن المملكة اتخذت القرار ضد هؤلاء الجماعة بعد وقت متأخر وهي من أصعب القرارات التي اتخذتها القيادة السياسية في المملكة؛ لأنّ العلاقة مع هذه الجماعة في مرحلة من المراحل كانت شبه عضوية، ولكن عندما تكشف الأمور أنّ هؤلاء الجماعة لها طموح سياسي وليست لديها مشكلة في التعامل مع إيران؛ لذا أرى أنّ الشعوب يجب أن تصلها المعلومات عن هذه الجماعات ذات الأفكار غير المعلنة، ويجب أن تشرك المواطنين فيها، ولا شك أنّ المواطن سيأخذ القرار الصحيح، وآن الأوان أن لا نخشى ولكن لا نقصى؛ لأنّ هناك فرقاً بين من يكون في التنظيم، وبين من يكون متأثراً بالفكر.
تحدٍ أمني
وعقّب العقيد "إبراهيم آل مرعي" على ما ذكره "أ. د. عبدالله الرفاعي"؛ مبيّناً أنّ جماعة الإخوان المسلمين بدأت بأفكار ثم تحولت إلى تحد أمني لدول مجلس التعاون الخليجي، متفقاً معه فيما قاله عنها، مضيفاً:"نحن نعلم جميعاً أنّ المملكة من أكثر الدول صبراً وحلماً عند اتخاذ قراراتها، بل تُتهم بالبطء عند اتخاذ بعض القرارات المهمة والمصيرية، وعندما جرمت المملكة هذه الجماعات لا شك أنّ لديها ما يدين الجماعة؛ لأنها تجاوزت المنظومة الفكرية إلى المنظومة التي بدأت تتحرك لزعزعة استقرار دول مجلس التعاون الخليجي، ولذلك نجدها تحولت من تحد فكري إلى تحد أمني".
وأضاف أن تجارة المخدرات تمثّل اليوم تحدياً كبيراً لدول الخليج والمملكة تحديداً، حيث أظهرت احصائية أول ستة أشهر من عام 1435ه كم هي الحرب مفتوحة، حيث تم القبض (1197) مهرباً منهم (456) سعودياً، والقيمة السوقية التي تم التحفظ عليها تجاوزت (5) مليارات ريال، مؤكداً على أن المخدرات لا تشترى من الخارج، بل تعطى عطاءً لمن يريد أن يدخلها إلى المملكة!
تدخلات إيران الطائفية والمذهبية و«الداخلية» في الخليج.. مستفزة!
أوضح "د. محمد السلمي" أنّ إيران تلعب دوراً سياسياً ومذهبياً و"جيوسياسياً"، وتتمثّل في ثلاثة أدوار رئيسة في المنطقة، ولكنها تلعب كثيراً في الجانب المذهبي والطائفي، وإن كانت تحاول قدر الإمكان التبرؤ من ذلك، مشيراً إلى أن إيران عقدت مؤخراً مؤتمراً في طهران لمحاربة التكفيريين، بينما صدر في أحد مراكز الأبحاث الأمريكية تقرير عن دعم إيران لقوة إرهابية من بينها "داعش" جاء في (48) صفحة، مؤكداً أن لإيران أيضاً دوراً في تأجيج الصراعات الطائفية في دول الخليج، مستشهداً بحادثة "الدالوة" في الأحساء، حيث إنّها حاولت أن تثير من خلالها النعرة الطائفية. وقال إنّ إيران ترى من نفسها الحامي الأول لمنطقة الخليج العربي، ولا يجب أن يشاركها أحد في حماية المسطح المائي وأعالي البحار، وبهذا الشكل ترى نفسها اللاعب الوحيد في المنطقة، ولو توصلت إلى اتفاق نووي ستكون جرأتها كبيرة، خصوصاً من حيث تدخلاتها في دول الخليج، ومحاولة الهيمنة على المنطقة، وممارسة المزيد من الضغط على الدول الخليجية وتحريك الخلايا النائمة، والسعي إلى ترويج المخدرات في الخليج. وأضاف أنّ إيران تعمل دائماً على أن يكون تدخلها في المنطقة بشكل سريع، خصوصاً في العراق وسوريا، حيث نرى أساليب استفزازية في الإعلام الإيراني؛ لأننا كل أسبوع نرى صوراً ل "قاسم سليماني" في مناطق مختلفة في العراق مع الجيش مرة، ومع جماعات مقاتلة مرة أخرى، والهدف تحقيق وجودهم في العمق العربي، أيضاً حضور إيران في سورية بشكل كبير وواضح!.
وأشار إلى أنّ السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذا التجاهل الغربي للتدخلات الإيرانية في المنطقة في الجوانب الطائفية، والمذهبية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية؟، ولماذا دائماً ترى التهم الغربية موجهة إلى الدول العربية، خصوصاً السعودية بشأن الجماعات التكفيرية والإرهابية؟، بينما الجنود الإيرانيون ينتشرون في الأراضي العراقية والسورية بصفة رسمية، ومع ذلك لم تجرّم تلك المليشيات الشيعية التي تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية والسورية، بينما نعلم أن المملكة موقفها واضح وصريح، لافتاً إلى أنّه بعد هذا الدور الكبير للمملكة في محاربة الإرهاب فإنها للأسف تجد لوماً كبيراً من بعض الدول الغربية، بينما إيران يُترك لها الحبل على الغارب تمرح وتسرح في العراق وسورية!.
تصدير الثورة والسلاح النووي!
كشف العقيد "إبراهيم آل مرعي" عن أهداف إيران الإستراتيجية منذ عام 1979م ولا يمكن أن تغيّرها خلال عدة أشهر، موضحاً أنّ الميزانية الإيرانية يتم صرفها في شيئين أساسيين لتحقيق هدفين مهمين، وهما: تصدير الثورة الإيرانية، وامتلاك سلاح نووي، ولعلنا نعلم أنّ القادة الإيرانيين لا يولون الشأن الداخلي اهتماماً، من حيث البنية التحتية وتطوير الجامعات؛ لذلك نجد تركيزهم ينصب في تصدير الثورة وامتلاك السلاح النووي. وقال إن الإيرانيين يجيدون علم المفاوضات، ولديهم مهارة فائقة في كسب الوقت والنفس الطويل، ولن يتخلوا عن فكرة امتلاك السلاح النووي، ولن يرضوا بأي تنازلات من قبل دول الغرب، وستأتي إيران في صبيحة يوم ما وتقول إنّها أجرت تجارب نووية وامتلكت سلاحاً نووياً، مستدركاً: "آمل ألا يصدق مثل هذا التوقع"!.
«دبلوماسية السفارات» لم ترتق إلى مستوى الطموحات..!
بيّن "د. إبراهيم النحاس" أنّ الدبلوماسية الخليجية لم ترتق إلى مستوى تطلعات الدول الخليجية، ولا إلى مستوى التاريخ الطويل لها، خصوصاً أنّ المملكة دولة قديمة ولديها من الخبرات السياسية والدبلوماسية الكبيرة، ولكنها للأسف لم يتم تفعيلها بالشكل الجيد، مستدركاً:"عندما أتحدث عن الدبلوماسية فإنني لا أقصد بها الدبلوماسية على مستوى القمة أو الدبلوماسية على مستوى وزير الخارجية، وإنما أتحدث عن مستوى الدبلوماسية الأدنى، التي من المفترض أن تكون أكثر فعالية، وهي دبلوماسية السفارات، أو الدبلوماسية عن طريق استخدام وسائل الإعلام، عن طريق التسويق للسياسة السعودية بشكل جيد، أو ما يتعلق باستخدام المنابر الإعلامية بمختلف التوجهات لخدمة السياسة السعودية، فإنها كلها لم ترتق إلى المستوى المطلوب".
وقال إنّ السياسة على مستوى دبلوماسية القمة نجدها ناجحة جداً، سواء عن طريق البيانات الملكية أو ما يعقد من مؤتمرات ودعوات في مدينة الرياض، هذه الدبلوماسية نجحت بامتياز، ونجحت كذلك في وضع السياسة الخليجية والسعودية أمام المجتمع الدولي، إلى جانب العمل السعودي الجبار في الأمم المتحدة في مجالات الحوار ومكافحة الإرهاب، ودعم الحقوق العربية، وتوضيح الصورة العامة عن المنطقة، حيث كانت في مستوى دبلوماسي عال جداً، إضافة إلى مستوى وزير الخارجية ولعب الدور الدبلوماسي في القضية المصرية، كلها كانت أدوار دبلوماسية عالية جداً، إلاّ أنّه يبقى عمل السفارات بحاجة إلى تفعيل.
الدبلوماسية الخليجية.. السعودية والإمارات نموذجاً
قال "أ. د. عبدالله الرفاعي" إنّ الدبلوماسية الخليجية وتحديداً في المملكة والإمارات نشيطة جداً وفاعلة، وكان لها تأثيراتها من خلال الحراك الذي قام به خادم الحرمين الشريفين وعلى ضوئه تغيرت كثير من المواقف، أهمها الموقف الروسي، مستدركاً: "لكن هذه الدبلوماسية ينقصها بقية المؤسسات، وبالتالي لا يمكن أن يكون لديك نشاط سياسي فعّال من دون بقية المؤسسات؛ إذ نحن بحاجة إلى مؤسسة إعلامية فاعلة، ومؤسسة ثقافية نشيطة بل كل المؤسسات التي تكون الدولة يجب أن تعمل بنشاط وحيوية في هذا الجانب؛ لأن هذه هي التي تعمل في إيران".
وأضاف أنّه من المهم فهم الطموحات الإيرانية أنّها ليست مرتبطة فقط بدولة الملالي أو دولة الولي الفقيه، بل هي طموحات فارسية منذ عهد الشاه الذي كان متعلقاً بالسيطرة على هذا الإقليم وحكمه، ولكن الدولة الطائفية القائمة الآن في إيران أعطتها لباساً إيديولوجياً مهماً جداً، مشدداً على ضرورة أن تكتمل المنظومة في مجلس التعاون الخليجي، حيث المجلس ليس فيه إلاّ منظومتان فقط فعالة: المنظومة السياسية، والمنظومة الاقتصادية، أما باقي المنظومات التي تكوّن أي حراك عالمي فليست موجودة، فالمنظومة الإعلامية غير موجودة، والمنظومة الثقافية كذلك غير موجودة والمنظومة الفكرية غير موجودة، إذاً لا يمكن أن يكون هناك صراع بين دولة مكتملة العناصر والنمو، ودولة أخرى مكتملة الأجزاء فهذه تشكل مشكلة حقيقية.
وأشار إلى أنّ هناك أمر مهم جداً يتعلق بشأن الخطاب السياسي الخليجي، وهو التفريق بين الخطاب السياسي الذي يتم عبر القنوات الدبلوماسية، وهذا الخطاب ليس لدينا فيه أي إشكالية؛ لأننا لا نعرفه ولا نريد معرفته، وبين خطاب آخر دبلوماسي يتم عبر وسائل الإعلام موجه للداخل والخارج، وهذا من نقاط الضعف الموجودة في الدبلوماسية العربية؛ لأنّها لا تعطي أهمية كبيرة.
تغلغل «جماعة الإخوان» يهدد فكر المجتمع الخليجي
أوضح "أ. د. عبدالله الرفاعي" أنّ الجماعات الإرهابية لا يمكن حصرها في الجماعة الأيديولوجية، إذ هناك تعاون الآن بين الجماعات الإرهابية وبين مافيا المخدرات، ومافيا تهريب النفط، ومافيا السلاح، ولم تعد الجماعات الإرهابية بذلك الشكل الذي كنا نعرفه، حيث أصبح الإرهابيون الآن يتعاونون مع الكل، حتى مع الشيطان!.
وقال إنّ أهل السنّة منذ عهد النبوة إلى عهد الخلافة وإلى 1400 سنة كانت أمورهم تسير وفق آلية معينة، حيث يخرج منهم متطرفون، ثم تأتي المنظومة السنّية ويسمونهم خوارج، وإذا حملوا السلاح أخذت الأمة بالتالي السلاح لضربهم وينتهى الأمر، ولكن في عصر انحطاط العالم الإسلامي بوجود مؤسسة دينية ضعيفة -خارج المملكة العربية السعودية - بدأت جماعة الأخوان في مصر، ووقتها كانت مؤسسة الأزهر شبه مدمرة، فهذه الجماعة أعادت طرح رؤية منهج إسلامي يقوم على منهج الخوارج الذين حاربناهم قبل 1400 سنة وهو مبدأ الثورة، وعلى تغيير المنكر باليد لكائن من كان!، وحتى يكفّر الإنسان بارتكاب الصغيرة، ونشأت الجماعة وحدثت ظروف سياسية، فاستوعبت المملكة هذه الجماعة ووفرت لهم ملاذاً آمناً، وجلست هذه الجماعة تضيف شيئاً فشيئاً إلى المعتقدات السنية الراسخة التي كانت تحمي المجتمع من أي متطرف أو مغال، ولكنهم لم يجدوا البيئة الحاضنة التي تجعلهم فاعلين ومؤثرين.
وأضاف أنّ الأحداث الأخيرة تؤكّد أنّ جماعة الأخوان لم تنشأ لغاية دينية وإنما لغاية سياسية، ولا يهمها مستقبل الأمة الإسلامية، بل تهمها مصالحها وأفقها الضيق؛ لذلك رأينا هذه الجماعة قد تحالفت مع أمريكا لتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة، ولأنّهم اقنعوا الأمريكان أنّهم البديل، حيث استفادت من هذه الفوضى الخلاقة إيران، وجماعة الإخوان المسلمين استفادة وقتية، ثم رأينا ما حدث من الثورة الشعبية في مصر، والثورة الشعبية المضادة التي حدثت في تونس، مؤكداً أن جماعة الإخوان تقدم مصلحة الجماعة ومصلحة الحزب على مصلحة الأمة، وهي من الجماعات الكارثية إذا توافرت في أي أمة، معتبراً أننا نحتاج إلى حركة حقيقية إيجابية لإعادة تنقية وتصفية الثقافة العامة من فكر الإخوان، وليست ثقافة إقصاء أحد.
تحدي أيديولوجي وأزمة خطاب ديني!
أكد "د. علي الخشيبان" أنّ دول الخليج تواجه أزمة فكرية كبيرة، خصوصاً أنّها سبق أن عانت الإرهاب خلال العقود الماضية، موضحاً أن الإشكالية الكبرى أنّ جزءاً ممن ينتمون إلى هذا الإرهاب هم من أبناء منطقة الخليج، ما يجعلنا نعدها أزمة فكرية داخل دول مجلس التعاون الخليجي. وقال إنّ التحدي الكبير هو تحد أيديولوجي، ولذلك فإنّ المواجهة التي يجب أن تقوم بها دول الخليج اليوم هي بناء الثقافة المجتمعية؛ لأنّ دول الخليج هي دول متقاربة من ناحية العاطفة الدينية، وتضم مجتمعات متدينة، والغالبية العظمى فيها مسلمون.
وأضاف أنّ المطلوب كذلك خلال هذا التحدي أن يتم تجديد الخطاب الديني؛ لأنّ الجماعات الإرهابية وجدت في أيديولوجيات دول الخليج - للأسف - وفي بنائها الثقافي سوقاً رائجة لاستقطاب كثير من الشباب من أجل العمل مع الجماعات الإرهابية، إذاً أنّ أكبر تحد يواجه دول مجلس التعاون الخليجي، ويجب أن يكون من أوليات واجتماعات القادة في مجلس التعاون هو كيفية التعاطي مع بناء ثقافة جديدة تراعي التوازن والاعتدال، بحيث لا يكون هناك فرصة لأي تطرف أيديولوجي بين الشباب وأبناء دول المجلس.
إيديولوجيا إيران صنّفت الشيعي والسني..!
رأى "د. علي الخشيبان" أنّ تهويل الحديث عن إيران لا يعني أن دول الخليج ضعيفة، بحيث لا تستطيع أن تواجه الأوضاع السياسية، مشيراً إلى أن الأزمة الكبرى تنحصر في نوعية العداء مع إيران؛ إذ نجد أنّ إيران استطاعت أن تسوق أن العداء أيديولوجي مع دول الخليج، ولأنّ في دول الخليج فئات من المذهب الشيعي استطاعت إيران أن توظفهم من أجل مصلحتها؛ لهذا نرى أنّ دول الخليج - خصوصاً المملكة والدول التي تقف معها - تسير في مواجهة إيران وكأنها تسير في طريق شائك، والسبب في ذلك أنّ أزمة التعاطي مع المشكلة سياسياً وأيديولوجياً هو ما يؤرق هذه الدول.
وقال: "لابد من إيجاد مصطلحات نتعامل بها مع القيادة السياسية الإيرانية الأيديولوجية، بعيداً عن التعريف الأيديولوجي الذي يصنِّف أنّ هذا (شيعي) أو (سنّي)"، معتبراً أنّ هذه هي الأزمة الكبرى التي تواجه دول الخليج، وهذه الدول لديها خبرة سياسية وليست من السهولة أن تبتلعها إيران!، مؤكّداً أنّ ما أطال أزمة إيران ودول الخليج هو هذا البعد الأيديولوجي، وبمجرد أن تحاول إيران الابتعاد عنه نراها قد عادت إليه مرة أخرى، مستشهداً بما يجري في العراق وسوريا.
ما المطلوب من «قمة الدوحة»؟
* أ. د. عبدالله الرفاعي:
- إكمال المنظومة الخاصة بمجلس التعاون مثل المنظومة السياسية والاقتصادية اضافة إلى المنظومة العسكرية.
- تفعيل المنظومة الثقافية والإعلامية والاجتماعية والدينية في دول الخليج، وعدم ترك الأفكار لاجتهادات الأفراد.
- وجود مؤسسة رادار رئيسة تراقب أي مشكلة تهدد الوحدة الخليجية وأن تسد جميع الثغرات.
* د. محمد السلمي:
- تأسيس هيئة عليا للشؤون الخارجية في مجلس التعاون.
- وجود رؤية سياسية خليجية لمواجهة التحديات.
- العمل على سد الثغرات والالتفات إلى مطالب الشعوب وتطلعاتها.
* د. إبراهيم النحاس:
- ماذا تريد المملكة أن تكون بعد 20 عاماً وبناء على ذلك ترسم الإستراتيجيات.
- العودة إلى الهدوء في اتخاذ القرارات على مستوى القمة كما كان في المراحل الماضية.
- معرفة حجم دول مجلس التعاون ضمن المنظومة الإقليمية والعالمية.
- المحافظة على التحالفات الخليجية الأمريكية بشكل مباشر.
- صنع بدائل أخرى كما هو قائم مع دول أخرى، ولكن يجب الحذر.
- عدم إهمال الدور الروسي وجعله من المحاور الرئيسة في دول مجلس التعاون وألا يطغى على المواقف الغربية بأي حال من الأحوال.
* د. علي الخشيبان:
- نريد أن نطمئن أننا في سفينة آمنة.
- لابد من انفتاح دول الخليج على الشعوب سياسياً وثقافياً من أجل إيحاد لحمة بين دول مجلس التعاون.
- مزيد من الاندماج الاقتصادي بين دول المجلس.
- التركيز في أن يكون المشروع الاقتصادي يسعى إلى أن تكون دول الخليج دولاً سعيدة في منظومتها المجتمعية.
* العقيد إبراهيم آل مرعي:
- إعادة النظر في آلية اتخاذ القرارات في مجلس التعاون الخليجي، بحيث تتحول إلى فلسفة الترجيح والتصويت بالأغلبية.
- إعادة ترتيب الأوليات في منظومة مجلس التعاون الخليجي.
- أن تكون القوانين مشتركة بين دول الخليج.
خيبة أمل إيرانية بعد «إعلان المصالحة»
كشف «د. محمد السلمي» عن سعادة إيران بالخلافات الخليجية، مشيراً إلى أنها تواصلت بشكل مباشر مع دولة قطر، وسلطنة عمان وتفعيل التنسيق معهما، كما بدأت مباشرة بتشكيل اللجنة السياسية المشتركة بينها وبين دولة قطر، وعقد الاجتماع الأول في الدوحة والاجتماع الثاني في إيران، ومن ثم بدأت عملية توقيع الاتفاقيات السياسية في هذا الجانب، وفي الجانب الآخر مع سلطنة عمان، حيث اقتربت إيران أكثر من سلطنة عمان، رغم العلاقة السابقة معها، وبدأت إيران في تنفيذ مشروعات استثمارية ضخمة، منها إنشاء أنابيب الغاز، والعمل على مد سكة حديد بين إيران والسلطنة، وكذلك اختارت سلطنة عمان لتكون مركزاً للمفاوضات النووية الأخيرة، حيث لوحت إيران أن يكون اتفاق مسقط تكريماً للجانب العماني لدوره في تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران. وأشار إلى أنه لاحظ من خلال رصده اليومي لوسائل الإعلام الإيرانية الأسبوع قبل الماضي أنّ إيران شعرت ب «خيبة أمل» من سرعة الوصول إلى اتفاق ودور المملكة في هذا الجانب، وحاولت أن تهوّن من الاتفاق وأطلقت عليه صفة الاتفاق الاستعراضي، وحتى مراكز الأبحاث الإيرانية وصفت الاتفاق كذلك بالمصالحة الاستعراضية، وأن البيت الخليجي من زجاج وأي هزة قليلة ستؤدي إلى إعادة الأمور لسابق عهدها.
السياسة الإيرانية المعاصرة اخترقت مراكز البحوث بحثاً عن «سيناريو المنطقة»
علّق "أ. د. عبدالله الرفاعي"، قائلاً: "حتى نفهم الدور الإيراني نحتاج إلى أن نجد مدخلاً لاستيعاب مفهوم السياسة الدولية، حيث السياسة لم تعد تُمارس وفق المفهوم التقليدي والمتمثل في قضايا سياسية بحتة، وعلاقات جوار مع الدول، بل أصبحت عبارة عن خليط، حيث هناك تطورات كبيرة حدثت في المجتمع الإنساني والدولة الحديثة"، مبيّناً أنّ هذا الأمر يجب على دول مجلس التعاون إعطاءها اهتماماً كبيراً، حيث إننا ما زلنا نمارس السياسة وفق المفهوم التقليدي، بعيداً عن الأشياء التي يمكن أن نصنع هذه السياسيات، فيما أصبح الغرب بعد الحرب العالمية يعتمد على بناء المؤسسات لصناعة الحراك قبل اتخاذ القرار السياسي، وفي دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد فيه الصناعة السياسية على أفراد.
وأضاف أنّه لو نظرنا إلى إيران لوجدناها بلداً متقدماً جداً في قضية الصناعة السياسية؛ لذا لا استغرب عندما يأتي الأمريكي الذي يعد أكثر التصاقاً بك يطالبك بعدة إجراءات، ونحن نعلم من خلال الإعلام أن الأشياء لا تسوق نفسها، بل لابد من بذل الجهد وتسويق نفسك وما لديك، لافتاً إلى أنّ إيران هي الدولة الوحيدة في منطقة الخليج التي تملك أكثر من (6) مراكز تهتم بدراسات عن دول مجلس التعاون، ويوجد في تلك المراكز أفراد يشتغلون في إيران وخارجها، معتبراً أنّ هذا دليل على أنّ السياسة أصبحت تصنع من مؤسسات وليست من أفراد، وهذا ما جعل الإيرانيين ينجحون في اقتحام الآفاق ويحضروا في جميع المواقع الإعلامية والمراكز؛ لأنّهم استطاعوا أن يطرحوا وجهة النظر السياسية، بل ويقنعوا الدول الأخرى، حيث سياستهم يتم تسويقها بطريقة صحيحة، ولو كانت فكراً باطلاً!.
واتفق "د. محمد السلمي" مع "أ. د. عبدالله الرفاعي" في موضوع الحضور الإيراني بالدول الغربية، مبيّناً أنّ لإيران لوبي قويا ومتغلغلا داخل البيت الأبيض، يقوده "تيتا بارسي" صاحب كتاب - التحالف الغادر - المشهور الذي خدع العالم بذلك الكتاب، وهو الآن يمثل "خامنئي" في البيت الأبيض، إلى جانب أنّ العقول الإيرانية المهاجرة وصلت بدقة إلى جميع مراكز بيوت الخبرة في الغرب، وجميع مراكز الدراسات، وإن لم يرأسها إيراني فإنّه يكون عضواً فيها، وان كان هذا الرجل معادياً للجمهورية الإيرانية، إلاّ أنّ البعد القومي يطغى على هذا الجانب لخدمة إيران، مشدداً على حاجة دول الخليج للتسويق السياسي.
المشاركون في الندوة
أ.د. عبدالله الرفاعي عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
د. محمد السلمي باحث في الشؤون الإيرانية
د.إبراهيم النحاس رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود
د. علي الخشيبان باحث في الشؤون السياسية
العقيد متقاعد أركان حرب إبراهيم آل مرعي باحث في الشؤون الأمنية
حضور الرياض
د. أحمد الجميعة
محمد المرزوقي
علي الزهيان
منيف العتيبي
شبيب الحقباني
حنيف السبيعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.