تقود المملكة العربية السعودية التحول الرقمي بخطى واثقة، لتُرسّخ مكانتها كدولة حديثة تتبنى المستقبل وتُسهم في صياغته. وفي هذا الشأن، كشفت بيانات حديثة ل البنك المركزي السعودي "ساما"، عن تحقيق حصة المدفوعات الإلكترونية نسبة 79 % من إجمالي عمليات الدفع المنفذة في قطاع التجزئة "الأفراد" بنهاية العام 2024م، وذلك مقارنةً بنسبة 70 % المسجلة في العام 2023م. وتمثّل حصة المدفوعات الإلكترونية، أحد مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي. أصبحت المملكة نموذجًا يُحتذى بها إقليميًا، حيث تسعى إلى أن تكون مركزًا ماليًا وتقنيًا على مستوى الشرق الأوسط والعالم، كما أن المدفوعات الإلكترونية ليست مجرد وسيلة دفع فحسب، بل أداة فعالة لدعم الشمول المالي، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الشفافية، ومكافحة التستر والاقتصاد الخفي. ويتزامن هذا الإنجاز مع تحقيق أنظمة المدفوعات في المملكة نموًا كبيرًا خلال العام 2024م، حيث سجل عدد عمليات الدفع الإلكترونية "غير النقدية" المنفذة نحو 12.6 مليار عملية، مقارنة ب 10.8 مليارات عملية للعام 2023م. وتشهد المملكة تقدمًا ملحوظًا ونموًا متسارعًا لتبني وسائل المدفوعات الإلكترونية، والذي يأتي كنتيجة للجهود والمبادرات الإستراتيجية العديدة التي أطلقها البنك المركزي السعودي بالتعاون مع القطاع المالي؛ لدعم نمو قطاع المدفوعات وتحفيز استخدام خيارات الدفع الإلكترونية المتنوعة في المملكة، التي من شأنها أن تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، لتقليل الاعتماد على النقد وتعزيز نمو رقمنة المدفوعات. ويسعى البنك المركزي السعودي باستمرار لتوفير خيارات دفع متنوعة، لتوسيع نطاق تبني وسائل الدفع الإلكترونية المختلفة من خلال مواصلة تطوير البنى التحتية لأنظمة المدفوعات الوطنية، وتطوير حلول الدفع الرقمية ورفع جودتها؛ لتسهيل التعاملات المالية ورفع كفاءتها وخفض تكاليفها، إضافةً إلى العمل مع شركائه لدعم الأنشطة الاقتصادية في المملكة، مدفوعًا برؤية طموحة تسعى إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل، ضمن إطار "برنامج تطوير القطاع المالي"، أحد برامج رؤية السعودية 2030. هذا التطور لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لجهود المملكة الحثيثة في تعزيز البنية التحتية التقنية، ودعم الابتكار، وتوفير بيئة تنظيمية وتشريعية مرنة تُشجع على الاستثمار في الحلول المالية الحديثة. يأتي هذا النمو المتسارع في ظل أهداف واضحة وضعتها المملكة، من بينها تقليص الاعتماد على النقد، ورفع نسبة المعاملات غير النقدية إلى 70 % بحلول عام 2030. وقد أسهمت جائحة كورونا في تسريع هذا التحوّل، حيث زاد الإقبال على المعاملات الرقمية بسبب التباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية. حيث بات استخدام البطاقات البنكية، والمحافظ الرقمية، وتطبيقات الدفع عبر الجوال، جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين في المملكة، وأصبح من المعتاد أن يتم الدفع مقابل الخدمات أو السلع، حتى في المتاجر الصغيرة، عبر تقنيات الدفع الإلكتروني، مثل "مدى"، و"آبل باي"، و"STC Pay"، وغيرها. من جهة أخرى، تعمل الجهات المعنية مثل البنك المركزي السعودي (ساما) وهيئة السوق المالية، على تعزيز الثقة في المدفوعات الإلكترونية من خلال سن اللوائح التنظيمية، وضمان حماية المستهلك، ودعم الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية (الفنتك). وقد أطلقت مبادرات عدة لتشجيع الابتكار، مثل "بيئة التقنية المالية التجريبية" (Sandbox)، التي تتيح للشركات اختبار منتجاتها في بيئة خاضعة للرقابة. تمثّل حصة المدفوعات الإلكترونية أحد المستهدفات الرئيسة في برنامج تطوير القطاع المالي في المملكة، وهو أحد البرامج التنفيذية لرؤية السعودية 2030. ويُنظر إلى رفع نسبة المدفوعات غير النقدية كعامل محوري في بناء اقتصاد رقمي متطور، يُعزز من كفاءة الأنظمة المالية، ويُسهم في تحقيق الشفافية، ومكافحة التستر، ودعم الابتكار في مجال التقنية المالية. ولتحقيق هذا الهدف، عملت الجهات المعنية على عدة مسارات متوازية، شملت: "تطوير البنية التحتية للمدفوعات، عبر دعم أنظمة مثل "مدى"، ونقاط البيع، وخدمات الدفع عبر الإنترنت. وتمكين شركات الفنتك، من خلال بيئة تجريبية منظمة تسهّل دخولها إلى السوق. وتحفيز المستهلكين والتجار على استخدام وسائل الدفع الإلكترونية عبر حملات توعوية ومبادرات تحفيزية. وسن التشريعات التي تنظم وتدعم بيئة المدفوعات الرقمية وتحفظ حقوق الأطراف كافة"، وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، حيث تجاوزت نسبة المعاملات غير النقدية أرقاما عالية في بعض القطاعات، ما يدل على قرب الوصول إلى الهدف الوطني في ظل تسارع وتيرة التحول الرقمي. إلى ذلك أطلق برنامج تطوير القطاع المالي من أجل التركيز على زيادة قوة وفاعلية المؤسسات المالية السعودية، وتطوير السوق المالية، وتحويلها إلى سوق عالمية، حيث تندرج تحت مظلة البرنامج عدة قطاعات فرعية منها البنوك والتأمين وأسواق الأسهم والدين.يواكب البرنامج التطورات العالمية نحو نظام مالي أكثر ابتكاراً وتطوراً، تزدهر فيه ريادة الأعمال وتزيد فرص القطاع الخاص، ويقدم منتجات وخدمات مالية متنوعة، بهدف أن تكون المملكة كمركز عالمي لشركات التقنية المالية. يحفز برنامج تطوير القطاع المالي على تنويع مصادر الدخل وزيادة ثقافة الادخار، وتعدد طرق التمويل ومشاريع الاستثمار، ويلعب دورًا أساسيًّا ومهمًّا في تحويل القطاع المالي السعودي إلى مركز قوة للنمو والتنوع الاقتصادي، من خلال إنشاء قطاع مالي حيوي وفعال. وتقوم المملكة ببناء اقتصاد قوي يتطلع إلى المستقبل بطموح كبير من خلال تمكين مؤسسات القطاع المالي وتطوير سوق مالية متقدمة وتحفيز الادخار ودعم الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية. يعمل البرنامج مع البنك المركزي السعودي في الحفاظ على استقرار وتطوير النظام المصرفي في المملكة، ومن إسهاماته لتحقيق ذلك يستثمر البرنامج في التقنيات التي تعمل على تحسين التجربة المصرفية، ويساعد على تسهيل الخدمات والحصول على أفضل المنتجات والخدمات المالية. وتطوير عدة قطاعات والوصول بها إلى أعلى المعايير العالمية، من خلال تحديث القوانين واللوائح، لتكون أكثر كفاءة وفعالية، مع تحقيق الأهداف والفائدة لشركات القطاع المالي ومؤسساته وجميع المشاركين فيه.حقق البرنامج عدة نجاحات، منها إطلاق استراتيجية التقنية المالية وضمها كإحدى ركائز البرنامج وكذلك الترخيص لثلاثة بنوك رقمية محلية وإطلاق الأكاديمية المالية لتدريب وتطوير القادة الماليين في المستقبل. ومنذ إطلاق البرنامج، أصبح السوق المالية السعودي من بين أكبر 10 أسواق على مستوى العالم، وانضمامه إلى المؤشرات العالمية الرائدة مثل "MSCI" و"S&P Dow Jones" و"FTSE Russell".