لم يكن يوما ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود بجديد على الساحة المحلية او الدولية فرغم محبته الابتعاد عن الأضواء وحبه للعمل الصامت إلا أنه ومن خلال خمسة عقود من عمره قدمها مقرن في خدمة الوطن كان الصادق الأمين المخلص والعامل المجتهد لرفعة دينه ووطنه. بدأ مقرن حياته حياته العملية ضابطاً في القوات الجوية، مروراً بكل المراحل التي تبوّأ فيها مسؤوليات قيادية رفيعة، شارك خلالها في صناعة القرارات، هو رجل دولة بامتياز، فهو القريب من صنّاع القرار، وأحد اركان القيادة السياسية للبلاد، سياسي عُرف عنه ثقافته واطلاعه الواسع، ولعل ذلك يتضح في المكتبة الضخمة التي يمتلكها وتزخر بمئات العناوين بشتى اللغات، يعشق الزراعة ويمارسها، وليس غريبا ايضا انه يعشق الطيران وعلم الفلك وكل ما يتعلق بالإدارة الإلكترونية وأتمتة الأعمال، ويملك الامير معرفة واسعة بالدول واللغات العالمية، فهو في الأصل ضابط في القوات الجوية، أكمل دراسته في هذا المجال في بريطانيا عام 1968، هذا العشق للطيران لم تغيره السنين فقد أكد حفظه الله في أكثر من مقابلة بأن "الطيران لا يزال في دمي، بل إنني كثيراً ما أربط بين بعض ما يرد في ذهني من مواضيع عامة بعلم الطيران، إلّا أن ظروفي العملية تحول دون ممارسة هذه الهواية حالياً"، هذه الظروف العملية لم تمنع سمو ولي العهد من تخصيص جزء يومي من وقته لأسرته وعائلته معترفاً بأنه يستمتع بهذه الأجواء التي تشعره بالارتياح النفسي. مقرن بن عبدالعزيز تدرج في العديد من المواقع، منذ تخرجه في معهد العاصمة النموذجي عام 1967، حيث حظي بثقة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - حاكماً ورئيساً ومستشاراً ومبعوثا خاصا وأخيرا ولي ولي عهد، يعتبر الأمير مقرن من صنّاع التنمية والتطوير في المملكة ويتمتع بخبرات جمعت بين العسكرية والمدنية، جعلت منه استثنائياً في جميع المواقع والميادين التي كلف بالعمل فيها، فهو صاحب بصمة واضحة في كل منصب تقلده. عمليا يعشق سمو ولي العهد سياسة " المجالس المفتوحة" لتكون أبوابا، لاستقبال طلبات المواطنين وملاحظاتهم وشكاواهم، الأمر الذي سيجبر المؤسسات والمصالح الحكومية والوزارات على الارتقاء بمستوى الخدمات والتواصل مع مُتلقّي الخدمة من المواطنين، مشددا في الوقت نفسه على أن المجالس المفتوحة تقليد عريق ومن سمات الحكم السعودي، وتميُّز المملكة عن غيرها من الدول، وهذا ما يُفسّر العلاقة الطيبة التي تربط بين الحاكم والمحكوم في المملكة. وعن "ابن الوطن" يرى مقرن انه رأس المال الحقيقي لهذه البلاد، وهو مجال الاستثمار الأكثر فائدة بين مجالات الاستثمار الأخرى، حيث لا شيء يوازي عوائده، ولهذا يشدد على أن الاستثمار فيه ليس خياراً من بين خيارات، وإنما هو ضرورة مُلحّة يجب العمل عليها، هذا الفكر والثقافة والتجربة الكبيرة جعلت لسمو ولي العهد فلسفة خاصة في التعامل مع البشر فهو يروي عنه نفسه قصة مفاداها:" الإنسان بطبيعته طيّب، وإذا قدرت عقله واحترمت ذكاءه وصدقت معه فستكسبه، ونصيحتي ألا تعد بما لا تملك حتى وإن غضب منك شخص ما، فعلى الأقل أنك احترمته وقدرته ولم تعده بما لا تملك، وقد حصل لي الكثير من القصص، منها عندما كنت في حائل أعتقد أن أهل حائل يتذكرونها، أتاني أحد الآباء وذكر أن لديه ابناً عمره 16 عاماً، وأنه ليست لديه القدرة أن يأتي بسائق لعائلته، ولديه بنات وزوجة لهنّ متطلبات تحتاج للتوصيل من مدارس ومستشفيات وغيرها، فبصراحة كان من المنطق أن أعطيهم رخصة قيادة لمدة سنة، ولكن الأنظمة لم تكن تسمح، فأعطيته ترخيص قيادة لولده لمدة عام، وبعد أن أعطيناهم التراخيص لهذه الأعمار ازدادت الحوادث، فأوقفت التراخيص لمن هم في هذه الأعمار، فقام من لديه هذه التراخيص برفع شكوى، وكان جوابي لهم الاعتذار، وبيّنت أن التمادي في الخطأ هو الخطأ في حد ذاته، والعودة إلى الحق هي الصواب في اعتقادي، وأني أريد منهم أن يخرجوا من مكتبي وهم غاضبون ومتحاملون عليّ، ولكن لا أريد أن آتي لهم أو لغيرهم وأعزيهم في أولادهم عن خطأ أنا اقترفه. فالإنسان له حق الاجتهاد، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر ومن أجتهد وأصاب فله أجران، ولسنا معصومين من الخطأ". الأمير مقرن كغيره من قيادات البلد يحلم بأن يرى المملكة وهي تُحافظ دوماً على مكانتها في مقدمة الدول من النواحي الاقتصادية والاستقرار والتطور المستمر، هذا الاقتصاد الذي يؤكد بأن السعودية تملك بنية تحتية قوية لانجاحه، مشددا على تنوع الموارد التي تحضها بها أرض المملكة. ولي العهد يترأس جلسة مجلس الوزراء الأمير مقرن يراهن دائماً على جيل الشباب ولي العهد قريب من احتياجات الشعب