أصبحت التجارة من الصين منطلقاً لشباب الأعمال -من الجنسين-، حيث شقوا طريقهم في التجارة الخارجية معتمدين بعد الله على ما يطّلعون عليه من تجارب وبحث عن المصادر والمعلومات التي تمكنهم من بدء ذلك النوع من التجارة، إلاّ أن البعض قد لا يدرك مخاطرها وخطواتها ومتطلباتها والكثير من أساليب طرقها التي يجب الإلمام بها قبل البدء فيها لتجنب المحظور. ويرى الكثير أن أكبر عقبة تواجه الشباب طبيعتهم الكسولة، ووهم سيطرة الأجنبي، واستحالة دخول السوق، والتعلق بالوظيفة الحكومية، مما يتطلب إعداد الغرف التجارية برامج ودورات وزيارات مكثفة لتصحيح مساراتهم التجارية وحمايتها من الفشل، وكذلك دعم المواطن في بداية تجارته؛ لأن السوق فيه عقبات كثيرة بشرية وتنظيمات قديمة، إضافةً إلى ضرورة وضع هواتف لتلقي شكاوى المبتدئين في التجارة على الأجانب. طموح كبير وقال "سامي الدهمشي" -شاب طموح يتاجر في الإكسسوارات النسائية-: أنا من محبي التجارة، هي طموحي الأساسي في الحياة، حيث بدأت تجارتي المتواضعة برأس مال صغير جداً لكن بطموح كبير، مضيفاً أنه افتتح "كشكاً" وتم تمويله من تجار الجملة ومن مندوبي المبيعات، مبيناً أنه بعد ذلك فكّر بالاستيراد من الصين -مثله مثل غيره-، حيث كان يسمع عنها كثيراً، ذاكراًَ أنه قرر الذهاب وكانت أولى خطواته مساعدة أحد الزملاء له بإعطائه عنوان مترجم صيني يتكلم العربية، فذهب إلى مدينة "كوانزو" وهي مدينة شهيرة في الصناعات. وأشار إلى أنه اتجه مباشرةً إلى مجمع الإكسسوارات، وبدأ بالتعرف على التجار ومخاطبتهم، وكان لا يعتمد على سعر أو مكان واحد بل يذهب إلى أغلب المحلات المتخصصة لكي يرى فروق الأسعار، موضحاً أنه بقي يومين لا يشتري شيئاً، فقط يتجول ويعرف الأسعار، وهو ما مكّنه من معرفة القطع الجيدة والسعر المناسب، ذاكراً أنه عندما انتهى من شراء بضاعته عاد إلى الوطن وعرضها، وعندما يجد أشياء تالفة يُبقيها معه لحين العودة مرةً أخرى، فيعوضها بقطع أخرى جديدة، مؤكداً على أنه يذهب الآن إلى الصين كل ثلاثة أشهر. تثبت ومصداقية وأوضح "الدهمشي" أنه اكتسب الكثير من الخبرة، ناصحاً كل من يريد من الشباب أو غيرهم البدء بالتجارة، خاصةً الصين التسلح بالتثبت والمصداقية، فهما الركيزتان في التجارة، ويجب على التاجر الصغير أن لا يعتمد على أحد بل يعتمد على نفسه في كل شيء، ولابد من البحث والتقصي لمعرفة المحلات والأسعار، وأن لا يثق بأحد من أول تعامل، وعليه التنبه عند صرف العملات خاصةً من المحال غير الموثوق بها وكذلك مع البنوك؛ لأن كثيراً من السعوديين يقعون في فخ هؤلاء النصابين، مضيفاً أنه يجب على التاجر أن لا يلتفت لمن يروجون سلعهم في الطرقات؛ لأنهم يغرون بالأسعار المنخفضة لكن بدون أي ضمانات، مبيناً أنه في المرة الأولى لا تكلف نفسك عناء الذهاب للاستيراد والشراء، حيث يمكنك أن تذهب وتطّلع على البضائع الموجودة لدى الشركات التي تستورد بالجملة، ومن ثم بعد ذلك تستطيع أن تستورد بنفسك، ناصحاً من يريد المتاجرة في الصين لأول مرة أن يذهب إلى مكاتب متخصصة تتعامل مع المصانع مباشرة، لتؤمن لك كل ما يخطر ببالك من سلع تجارية أو شخصية، ذاكراً أن كل ما تحتاج إليه ستجده لديها من خلال "كتالوجات" وبأسعار تنافسية، فقط اختار ما يناسبك وتعاقد معها لتوصلها إليك بنفس الجودة المطلوبة. مجهود إضافي وأكد الشاب "أحمد حامد الغانمي" -تاجر- على أن الاتجاه إلى الصين سببه رخص الأسعار مع التحكم بجودة المنتج، وهذه النقطة تعود إلى ذمة المستهلك، مضيفاً أن الصين لديها سوق مفتوح على العالم وتعد من أقوى الاقتصاديات، حيث وفرت أرضية خصبة للاستثمار على أرضها، واستطاعت جلب المستثمرين، متأسفاً على أن هناك من يعتقد أن أي بضاعة صينية تعد رديئة، لكن كما هو معروف فكمية المنتجات المقلدة التي تستورد من الصين ليس التجار وحدهم هم من يتحملها، بل أحياناً يتم طلب بضاعة بجودة عالية ومن ثم تفاجأ أن تصلك بجودة رخيصة، مما يضطر التاجر لخسارة وقت ومجهود إضافي لمتابعة البضاعة قبل الشحن إلى المملكة، ذاكراً أنه من السلبيات كثرة البضائع ذات الجودة الرديئة وتواجد شريحة من المستهلكين ممن يبحثون عن السعر الرخيص بغض النظر عن الجودة، مما يساعد على انتشارها، وكذلك كثرة المحتالين، حيث إنهم يستغلون جهل القادم إلى بلدهم بما يحتويه من فرص فيتم استغلال التاجر مادياً، لافتاً إلى أنه من الإيجابيات أن المستهلك يستطيع أن يخرج من احتكار تجار الجملة ويتحكم بطلباته، وأيضاً سهولة التعامل مع التجار الصينيين، حيث إنهم متعطشون للعمل مع العالم، والأهم من ذلك، توفير الميزانية بحكم الأسعار المعقولة. أحمد الغانمي سليمان عبدالله سامي الدهمشي خالد البابطين تحالف شبابي وذكر "الغانمي" أنه من المفترض أن يكون لدينا تحالفات شبابية لمثل هذه التجارة، ومن المفترض أيضاً عمل اجتماعات دورية لمناقشة وضع السوق وما هي العقبات التي تواجهه وتواجه الشباب، مضيفاً أنه لا يجد فكرة شركة توريد مجدية حالياً؛ لأن من يتعامل مع الصين سيجد الفرق في الأسعار، مؤكداً على أن وجود شركات متخصصة بالاستيراد سيكشف عزوفاً من شريحة معينة من المستهلكين وهم التجار، وهي فئة لا يستهان بها، لكن هذا لا يمنع أن يتم التعاقد مع عدد من المصانع لكي يتم توفير المنتجات للسوق، مع إيجاد مكاتب ممثلين لها هنا في المملكة على أن يتم التعامل معهم مباشرة، متمنياً أن يصل للجانب الصيني؛ لأنه سوف يسهم في رفع الطلب من هناك، حيث إن كثيرا من المواطنين معجبون في فكرة الاستيراد، لكن تواجههم عقبة السفر وصعوبة التعامل، بحكم عدم الإلمام التام بالطريقة للاستيراد، لافتاً إلى أن فكرة الاتجاه إلى الصين لشراء أثاث المنازل مجدية كثيراً، حيث لا يخفى على أحد ارتفاع الأسعار المحلية، مبيناً أن كثيراً من أصحاب مشروعات الشقق المفروشة تم تشطيبها وتأثيثها من هناك، ومن الممكن أن توفر ما يعادل (20- 30%) من ميزانية الأسرة إن لم يكن أكثر من ذلك. وأكد "سليمان عبدالله" -صيني ووكيل لشركات كبرى وله تعاملات مع تجار من المملكة- على أنه يتميز التجار السعوديون القدماء بالجدية والمصداقية العالية، أمّا المستجدون ففي الغالب متخبطون ينقصهم الكثير من الخبرة ويحتاجون للتوجيه، ونحن نبذل قصارى جهدنا مع من يقصدنا لتسهيل الأمور عليهم وتجنيب المخاطر. بحث ودراسة وقال "خالد البابطين" -تاجر وخبير ومتخصص في تجارة الشاي والمنتجات الطبيعية الصينية-: ليس فقط الشباب هم من يجب أن يتوجهوا للتجارة الخارجية، خاصةً من الصين، بل أنصح المتقاعدين مبكراً وبعض من لديهم طموح لممارسة هذا النوع من التجارة، لكن بشروط أهمها الخبرة، فكثيراً ما يسألني مثل هؤلاء بقوله أريد أن أستورد من الصين، وعندما تطرح عليه بعض الأسئلة لا تجد عنده أي مؤهلات لممارسة التجارة، أو فهم معنى السوق، مضيفاً أنه لابد من وجود الآلية المناسبة لدخول التجارة، ناصحاً بأهمية البحث ودراسة السوق وتحديد أي السلع تريد العمل بها، بعد ذلك يتم تحديد التوجه، وأن يستثمر التاجر ما نسبته (20%) تقريباً من رأس ماله داخلياً، بحيث يشتري السلع محلياً ويتاجر بها لتتكشف له بعد ذلك خفايا كثيرة ليتلافاها عند الاستيراد، فيصبح بعد ذلك خبيراً بهذا المجال، وبهذا سيوفر على نفسه الكثير من العناء، مشيراً إلى أنه بعد ذلك يستورد ما يريد ولكن بكميات قليلة، ومعها ستكبر خبرته وتجارته بالتدريج، مؤكداً على أهمية التأني في كل شيء وقبل هذا كله وبعده يجب أن يمارس ويشرف على تجارته بنفسه ليضمن سلامة ماله، بعد ذلك ستتنامى الأرباح، متأسفاً على أن الكثيرين لا يريدون هذا الطريق؛ لأنه طويل، وهم لا يتحلون بالصبر، وهذه واحدة من دلالات الفشل الأساسية. جدوى اقتصادية وشدّد "البابطين" على ضرورة دراسة الجدوى الاقتصادية لفكرة ما قبل السفر، والحرص على أن تكون قائمة على أسس علمية صحيحة كمعرفة مدى المنافسة في السوق، وقوة المنافس والأسعار التي تباع بها السلع التي يريد الاتجار بها وجودتها، وكذلك مدى تقبل المشتري لها، مضيفاً أنه يجب أن تتوفر لديه الإمكانات المادية الجيدة، بعد ذلك الاستعانة بمن لديهم الخبرة والمعرفة والبحث ب"الإنترنت" عن الجهات المتخصصة في المجال الذي يريد أن يتعامل معها، وزيارة بعض المعارض المتخصصة في منتجات الصين هنا قبل السفر وتكبد المشاق، إضافةً إلى زيارة الغرف التجارية والصناعية والاستنارة بآرائهم وتجارب من سبقه في هذا المجال، مبيناً أنه شاع عند كثير من الناس أن استيراد الأثاث من الصين مثلاً أوفر من الشراء من الداخل، وفي الظاهر نعم لكن بنسبة بسيطة، مؤكداً على أنه لابد أن يكون هذا المؤثث صاحب خبرة في أنواع الأثاث والخشب وتفاصيل كثيرة لكي يستورد نفس الجودة وبسعر أقل نسبياً، على أن يفحص ويستلم أثاثه بنفسه، ولا يغتر بالمقولة التي تتردد كثيراً على مسامعنا "الصين بين يديك فقط، اطلب ونضمن لك الجودة". طبيعة كسولة وعن أكبر عقبة تواجه المستثمر السعودي أكد "البابطين" على أن الشاب يواجهه بعض المصاعب منها؛ طبيعته الكسولة، ووهم سيطرة الأجنبي واستحالة دخول السوق، وكذلك التعلق بالوظيفة وطبيعتها الثقافية، مُشدداً على أهمية دور وزارة التجارة في التوعية والتثقيف والتنبيه على وجوب مراعاة المواصفات، وإقامة دورات بأسعار معقولة بالتعاون مع الغرف التجارية عن طرق الاستيراد ومخاطره وأنظمته، وأن تجعل لديها إدارة تستقطب المعلومات والتجارب وتستفيد منها وتفيد، مضيفاً أن هناك دورا مهما لوزارة التجارة والجهات المختصة بدعم المواطن في بدء تجارته؛ لأن السوق فيه عقبات كثيرة بشرية وتنظيمات قديمة، ويجب وضع هواتف لتلقي شكاوى المبتدئين السعوديين على الأجانب الذين يعاملون بني جنسهم معاملة تفضيلية في أسعار البضائع التي يتم توزيعها عن طريق المندوبين، مؤكداً على أن مركز شباب الأعمال في الغرف التجارية يؤدي جهودا جيدة في دعم الشباب، لكن يجب أن يكثف من دعم وتنمية عماد المستقبل، ويجب أن يسهم بدور إيجابي في خدمة شباب وشابات الأعمال، ليكون مصدراً للتعبير عن طموحاتهم، والتعرف على متطلباتهم وتوفير الخدمات المتميزة لهم بالتعاون مع الجهات الداعمة، ليكون حلقة اتصال مباشرة وفعّالة بين شباب الأعمال والمسؤولين وهذه الجهات، ليتمكنوا من المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني. التجارة من الصين جذبت الكثير من الشباب الطموح جودة المنتجات الصينية تتوقف على مواصفات التاجر