"إن تطوير الذكاء الاصطناعي الكامل قد يعني نهاية الجنس البشري". كلمات قالها العالم البريطاني (ستيفن هوكينجز) حول القفزات العلمية في هذا المجال. مقالة اليوم تناقش عالم المستقبل الذي قد تتحكم فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي بالبشر. نبدأ اليوم من السؤال: ما هو الذكاء الاصطناعي؟ بعيداً عن لغة التخصص فالذكاء الاصطناعي هو جعل جهاز الكومبيوتر أو البرامج الحاسوبية قادرة على أداء عمليات محاكية أو مناظرة لمستوى قدرات العقل البشري. وعلى سبيل المثال فمن هذه القدرات التعلم، الاستنباط والاستنتاج، اتخاذ القرارات، ردة الفعل والمبادرة وغيرها. ولكن إلى أين وصل الذكاء الاصطناعي مقارنة بالعقل البشري؟ من المعروف أن الدماغ البشري يتشكل من خلايا عصبية يقدر عددها بحوالي 30 مليار خلية. وتنقل المعلومات والمشاعر والقرارات عبر الإشارات العصبية داخل الدماغ. ومن ناحية أخرى يتألف جهاز الحاسب الآلي ذي الرقاقة الواحدة من ترانزستورات تقوم بتخزين المعلومات وتحليلها وتنتقل فيها البيانات عبر التيارات الكهربائية. المهم هنا أن العام 2018م سيشهد تفوق الحاسوب ذي الرقاقة الواحدة على الدماغ البشري من حيث عدد التزانزستورات والذي سيتجاوز 30 ملياراً ليكون أكثر من عدد الخلايا العصبية في الدماغ البشري. وفي العام 2040م سيصل عدد الترانزستورات في الرقاقة الواحدة ليكون مئة ألف ضعف عدد الخلايا العصبية في الدماغ البشري. أما سعة تخزين المعلومات فستتضاعف مليون مرة وستتضاعف سرعة الاتصال كذلك مليون مرة إلى العام 2040م. ماذا عن التطبيقات العملية على أرض الواقع؟ ننطلق إلى أمريكا فهنالك وفي عدد من المدن طبقت الشرطة نظاماً جديداً يعتمد على توجيهات يومية من نظام الذكاء الصناعي لأفراد الشرطة حول المواقع المتوقع حصول الجرائم فيها، وبناء عليه يتحرك أفراد الشرطة لتلك المواقع. وبعد تطبيق هذا النظام انخفضت معدلات الجرائم بمعدل 20% وازدادت نسبة المقبوض عليهم من المجرمين بنسبة 50%. ويقوم هذا النظام الذكي على تحليل كافة البيانات الخاصة بالجرائم السابقة والمكالمات اليومية والبلاغات التي تتلقاها أقسام الشرطة وتتضمن معلومات حول موقع، توقيت، آلية وكيفية الجرائم المختلفة. وفوق ذلك يحلل هذا النظام الذكي البيانات الخاصة بمواقع أعمدة الإنارة والزوايا المظلمة ومواعيد فتح وإغلاق المحلات التجارية وغيرها من البيانات. قد يقول البعض: ولكن مازال الذكاء الاصطناعي بعيداً عن الإبداع والابتكار! في الواقع تقدم شركة (آي بي إم) نظام الذكاء الاصطناعي (واتسون) للمساعدة في الأنظمة الطبية والإدارية وقام (واتسون) مؤخراً بابتكار أصناف جديدة من الأطعمة نالت استحسان الجميع. أما شركة جوجل فأعلنت عن جائزة بملايين الدولارات لمن يطور برنامج ذكاء اصطناعي يقدم كلمة متميزة بأسلوب برامج (تيد) وتنال إعجاب الجمهور. ولنعرف إلى أي مدى وصل التقدم في هذا المجال، ففي علوم الذكاء الاصطناعي هنالك ما يعرف باسم (اختبار تورينج) والمتمثل في عمل تجربة حول: هل تستطيع الآلة أن تخدع الإنسان وتجعله يعتقد أنها إنسان كذلك؟ وفي مطلع العام 2014م تمكن برنامج ذكاء اصطناعي روسي من خداع العلماء وإقناعهم بأنه فتى يقال له يوجين يبلغ من العمر 13 عاماً. وكما أن الجيوش ذات الطائرات والأسلحة الأفضل تعد أقوى من غيرها، ففي عالم المستقبل ستكون الدول والمؤسسات التي تمتلك أحدث أنظمة ذكاء اصطناعي في مواقع تنافسية أقوى من غيرها! ويبدو أن المستثمرين في أمريكا كجوجل وفيسبوك ينظرون للمستقبل وهم يضاعفون استثماراتهم ثلاث مرات ما بين 2008 و2013م في الذكاء الاصطناعي. وفي عالمنا العربي فأهم ما نحتاجه لبناء وتطوير قدراتنا الوطنية الذاتية في مجال الذكاء الاصطناعي هو قرار ذكي لنبدأ الآن!