الاهتمام غير العادي بالتغيير الوزاري الجديد يضعنا في آفاق الوعي الشعبي العام بإدراك مهمات القادمين، وأن الملك عبدالله صاحب المبادرات التي تفوق الوصف، يهدف دائماً لأن يكون العمل المخلص وسيلة التقويم والتكريم حتى إنه لدى استقبال الوزراء الجدد قال: «ابدأوا بالصدق وعلموني» وهو تواضع الرجل الكبير في مقامه وصدق نواياه وعمله، وبنفس الوقت المراقب الدقيق لكل ما يجري في بلده.. أمامنا تحديات داخلية كبيرة في تنفيذ ومتابعة المشاريع الهائلة والتي يجب أن تضع الوزير قبل كادره الوظيفي أمام مسؤولياته في مواجهة إدارته ومتطلباتها، فليس تنقصنا الكفاءات وإنما توظيفها في مجالها الحيوي، أي أن التحديث في الإدارة، والاهتمام بالأداء قبل أن يكون النظام قيداً وعائقاً، والذهاب لخلق العوائق كما رأينا وشهدنا في السنوات الماضية أن أدوار بعض الوزراء تكميلية لدرجة أن المواطن لم يعد يعطي الاهتمام للتصريحات والوعود والإنجازات على الورق فقط، ولعل التقيد بأمانة العمل جعل رئيس نزاهة يتكلم قائلاً لمن تم تعيينهم لاحقاً: «افتحوا الأبواب وابتعدوا عن الغرور والأضواء» وهذه حقيقة تكشف عن الفارق بين وزراء أثبتوا وجودهم بالعمل لا أسلوب «المعظم نفسه» من خلال استضافة الإعلام أو مرافقتهم لبعض الإعلاميين بينما المفترض أن تترجم الأعمال أدوارها للآخرين الذين لم يكونوا على نفس الدرجة من التواصل في الميدان وليس المكتب وتوقيع وتوجيه المعاملات فقط.. لا عذر لأي عامل سواء أكان بدرجة وزير أم رئيس دائرة أم مؤسسة طالما الدولة اعتمدت الأرقام الهائلة في الميزانيات، وسهلت المهمات ومنحت الصلاحيات، ولذلك نحتاج لكسر تقاليد أعمال الوزارات حين تصبح تشريفية لا مسؤولية أدبية وأمانة.. الوزراء الجدد يحملون ذات الكفاءات، ومر الكثير منهم بدورات عمل كبيرة، أي أن الخبرات لدى الجميع موجودة وتبقى الجدية والإبداع وقتل «البيروقراطية» والشجاعة الأدبية باعتبار أن المهمة أمام اختبار المواطن المراقب مع السلطة، تفرض أن نرى اتجاهات تتناغم مع أداء وزيري العدل والتجارة، وهما النموذجان في التطوير والمبادرات والإنجازات الكبيرة، وهذا لا يعني التقليل من القادمين لمهمات مماثلة وإنما خلق المنافسة بأن نرى عملاً يليق بالوزارة ودورها وتفكيك تلك التعقيدات التي طالما أصبحت مثار استهجان بالتأخير أو الإحالات الطويلة والانتظار لحقوق الناس أو المشاريع أياماً وسنوات طويلة.. ومثلما تأسست الإدارة عندنا من مدارس تقليدية، فإن الزمن تجاوزها فلم يعد للأوراق وشروحاتها ومتونها الأدبية القيمة أمام الإدارة الحديثة التي تعتمد على «الحوكمة» باستعمال تقنيات العصر للحكومة «الإلكترونية»، وليس هناك شكاوى من الموارد وإنما من الأساليب التي اعتدنا رؤيتها في تغليب الشكل على المضمون.. التفاؤل موجود، ولا أحد يشكك بصدق النوايا لكن كلمة خادم الحرمين الشريفين «ابدأوا بالصدق» هي جوهر المهمات والوصية الصادقة لأننا نحتاج الإخلاص ليس في تحقيق المكاسب الشخصية وإنما في وجود النماذج التي تحتذى في السلوك والأمانة لأننا جميعاً أمام حق الوطن والمواطن وتقاليدنا وثقافتنا وتراثنا العريق علمتنا الكثير، ولذلك فإن المناصب تكبر بعمل أشخاصها المكلفين، أو تصغر بسوء أدائهم، والدولة حمّلت الأمانة لمن يستحقها ونرجو أن تكون الأعمال بمستوى الواجبات. لمراسلة الكاتب: [email protected]